عبد الرحمن بن عبد العزيز آل الشيخ
&
منفذ العملية الإرهابية التي وقعت في حي محاسن بمحافظة الأحساء يوم الجمعة الماضي يبلغ من العمر (22) عاماً.. أي أنه ولد في عام 1415ه.. ففي هذا العام وقعت أول عملية إرهابية منظمة في المملكة العربية السعودية وذلك في مدينة الرياض وراح ضحيتها سبعة أشخاص وإصابة 60 شخصا وتم تنفيذ حكم القتل في مرتكبي هذه الجريمة..
&
ما بين عام 1415 وعام 1437ه تأكد لنا اليوم أن جذور الفكر الإرهابي للأسف الشديد مازالت تنمو وبقوة وبكل ثقة تحت غطاء كبير من الدعم الخفي الذي يمارس بعدة أوجه وأساليب وطرق مختلفة منها ماهو دعم بحسن نية ومنها ما هو بسوء نوايا، وهو الأكثر والأشد خطر!
&
قبل (22) عاما قدمت لنا حادثة تفجير شارع العليا بمدينة الرياض إنذارا مبكرا عن خطر يسري بخفية شديدة في جسد المجتمع.. واليوم أدركنا أن مسببات ودوافع ذلك الخطر وعلاجه ومكافحته لا تنحصر فقط في مسؤولية وزارة الداخلية وأجهزة الأمن ككل.. فالمهمة أكبر وأعظم وأشد خطرا. وما جهود وزارة الداخلية الا مكافحة لاحقة لكل مخرجات ذلك الفكر بعد ظهورها على السطح الاجتماعي.. وجهود وزارة الداخلية يمكن القول إنها تدارك لأخطاء وقصور جهات أخرى اجتماعية ورسمية!
&
وظلت وزارة الداخلية ممثلة في أجهزتها الأمنية وحدها تتحمل العبء الأكبر والمسؤولية الوحيدة في مواجهة خطر ذلك الفكر ونتائجه وأعماله الظاهرة على السطح!.
&
وبتوفيق من الله عز وجل نجحت وزارة الداخلية بكافة قطاعاتها المختصة في مواجهة هذا العمل وأفعال هذا الفكر من خلال إنجازات مثالية وعالمية.. ولكن وللأسف الشديد مازالت مصانع هذا الفكر الإرهابي تعمل وتنتج المزيد من هذه (العقول) التي خرجت عن المثالية في الدين وفي التعامل وفي السلوك وفي الفكر.. فأصبحت هذه العقول مصادر خطر على الإسلام وعلى الدين وعلى المسلمين، وعلى مجتمع هذا الوطن خاصة من خلال تحويل أجساد هذه العقول إلى أدوات بخيسة الثمن لتنفيذ عمليات إرهابية بحق المسلمين من خلال تخطيط وإدارة وتوجيه من أعداء الإسلام وأعداء هذا الوطن بالذات لأنه مركز الإسلام والمسلمين.
&
ما بين عام 1415 وعام 1437ه تمثل حصيلة سنوات وأحداث وعمليات إرهابية فرضت علينا اليوم القناعة المطلقة بأنه يجب علينا اليوم وقبل الغد مراجعة عاجلة.. مراجعة صادقة.. مراجعة حاسمة وحازمة من أجل التصدي لكل (مغذيات) ذلك الفكر.. نحتاج اليوم الى مصارحة، نحتاج الى مكاشفة كل الأقنعة مهما كان حجم الثمن ومهما كانت التضحيات الشخصية أو التعليمية أو الاجتماعية! فالمسألة مسألة دين.. ومسألة عقيدة ومسألة وطن.. مسألة جيل قادم حق علينا جميعاً نحن جيل اليوم أن نحقق له المستقبل السليم المثالي! وحمايته من كل تداعيات وآثار ذلك الفكر الذي يسعى لاختطاف الوطن بدينه وعقيدته وأجياله واستقراره!
&
الإرهاب لم يعد اليوم محصوراً في الأحزمة القاتلة! فهذه الأحزمة الناسفة هي المرحلة الأخيرة من مسيرة ذلك الفكر، وقبل هذه المرحلة هناك مراحل مهمة لا تقل خطرا عن هذه الأحزمة.. هذه المراحل تتمثل في الأسرة.. وفي المرأة.. وفي المدرسة وفي المعهد وفي الملتقيات وفي المخيم والاستراحة.. ثم تأتي المراحل الأخرى وهي وسائل التواصل الاجتماعي التي تنضح في كل يوم بكلمات وعبارات ورسائل اشد خطرا من تلك الأحزمة الناسفة!
&
كل هذه المراحل تمثل بيئة خصبة يتغذى منها ومن خلالها الإرهاب ويفرخ عناصر التفجير..
&
القصد أننا نحتاج إلى عاصفة حزم لكل تلك المراحل من غير هوادة من اجل اجتثاث جميع جذور الفكر الإرهابي فهي أهم وأولى من مكافحة نتائج ذلك الفكر..
&
حفظ الله ديننا وعقيدتنا وقيادتنا ووطننا وأدام علينا نعمة الوحدة والتآلف والاستقرار والأمن.