مصر: الرئيس يسوّق كلامه بالعاطفة حينا وبالترغيب والترهيب حينا آخر… والمواقع الإلكترونية تقود الإعلام

حسنين كروم

&

&&لا يزال الوضع على حاله بدون أي تغيير يذكر، الأغلبية في واد والمثقفون والسياسيون والإعلاميون والحكومة في واد آخر.. لا اهتمامات مشتركة بينهم حول قضية محورية، وهو ما عكسته الصحف المصرية أمس الثلاثاء 9 فبراير/شباط.

الاهتمام الأكبر للأغلبية هو مباراة الأهلي والزمالك، ومتابعة خطط كل فريق ومن سيفوز؟ أما قضية الألتراس فلا صدى لها إلا في أوساط الإعلاميين فقط، وكل المعارك السياسية المشتعلة لا تلقى أي اهتمام، بعد أن أصبحت كل فئة تهتم بما يخصها، فمرضى الكبد الوبائي، وعددهم حوالي خمسة عشر مليونا يتابعون توافر الدواء والعلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي. وموظفو الدولة ينتظرون ما سينتهي إليه الخلاف بين مجلس النواب والحكومة، بعد رفض مشروعها لقانون الخدمة المدنية، وإعدادها التعديلات عليه تمهيدا لعرضه على المجلس مجددا، وعدد الموظفين حوالي ستة ملايين ونصف المليون ومع أسرهم يزيدون على خمسة وعشرين مليونا. وأصحاب المصانع مشتبكون في معارك مع المستوردين بسبب رفع الجمارك على كثير من السلع المستوردة، التي حققت للجمارك زيادة أكثر من مليار جنيه، وقدمت حماية لأصحاب المصانع. والمستثمرون من جهة أخرى تنتابهم الشكوك في الدولة، بسبب تزايد النشاط الاقتصادي للجيش، ما أدى إلى انخفاض نسبة القطاع الخاص من حوالي سبعين في المئة إلى خمسة وخمسين في المئة.

ومن اهتمامات الصحف المصرية أمس، المؤتمر الصحي الذي عقده وزير الداخلية ووضع نهاية لكل ما تم ترويجه عن محاولات تصالح مع الإخوان، وهو ما أشرنا إليه من قبل أكثر من مرة. واستقالة المستشار سري صيام من عضوية مجلس النواب وهو من الثمانية والعشرين عضوا الذين عينهم رئيس الجمهورية، والشكوى من ارتفاع الأسعار، لدرجة أن زميلنا الرسام في «الوفد» عمرو عكاشة قال إنه شاهد أمس مواطنا يشويه الغلاء، وفشلت أيدي الحد الأدنى للأجور من إنقاذه. وإلى بعض مما عندنا..

ليس لدينا قضاء مستقل بالكامل

ونبدأ بالمعارك والردود وأولها سيكون من نصيب صديقنا المحامي نجاد البرعي وقوله يوم الاثنين في عموده الأسبوعي «وجهة نظر» في جريدة «الشروق» عن استقلال القضاء: «استقلال القضاء ليس كاملا، وزير العدل عضو السلطة التنفيذية هو المسؤول عن التفتيش القضائي. التفتيش القضائي ـ الذي يترأسه أحد مساعدي الوزير ــ هو المنوط به التفتيش على عمل القضاة والتحقيق معهم وتحريك الدعاوى التأديبية ضدهم، بل وإحالتهم إلى لجنة الصلاحية تمهيدا لعزلهم. تلك السلطات التأديبية الواسعة لا تقتصر على الدرجات القضائية الصغيرة أو المتوسطة، ولكنها تمتد بشكل أو بآخر إلى الدرجات العليا أيضا، رغم أن القضاة حتى درجة «الرئيس في المحكمة» هم من يخضعون بنص القانون للتفتيش، إلا أن وزير العدل السابق، ممدوح مرعي مد سلطة التفتيش إلى المستشارين – من دون سند من القانون ــ بحجة «التحقيق في الشكاوى التي ترد ضدهم من الجمهور». سلطة وزير العدل على القضاة تتساوى مع سلطة النائب العام بالنسبة لما يقع من جرائم من الجمهور. النائب العام مستقل يختاره مجلس القضاء الأعلى من بين القضاة ولا يمكن عزله. وزير العدل ليس كذلك، معركة استقلال القضاء التي بدأت على استحياء نهاية السبعينيات ووصلت إلى الأوج عامي 2005 ـ 2006 يتعين استكمالها الآن، الرئيس يختار وزير العدل ووزير العدل يختار مساعده لشؤون التفتيش القضائي. عن أي استقلال نتحدث؟ بقاء وزير العدل وبين يديه سلطة التفتيش على عمل القضاة والتحقيق معهم وإحالتهم إلى التأديب هو اعتداء على استقلال القضاء. المادة 185 من الدستور تنص على أن كل جهة أو هيئة قضائية تقوم على شؤونها سلطة التفتيش القضائي الممنوحة لوزير العدل تمثل خرقا لتلك المادة، لدينا قضاة مستقلون ولكن حتى اللحظة ليس لدينا قضاء مستقل بالكامل».

لا توجد تنمية بدون عدل

وما أن قرأ وزير العدل المستشار أحمد الزند ذلك حتى قال في يوم الاثنين نفسه، خلال افتتاحه مجمع محاكم مدينة جهينة في محافظة سوهاج نقلا عن زميلينا في «اليوم السابع» محمود مقبول وعمرو خلف: «إنني أعمل خادما لهذا الشعب الأبي، سواء بهذا المنصب، بناء على تكليفي من الرئيس البطل السيسي، أو خارج المنصب. لا توجد تنمية بدون عدل والعدل هو قاطرة كل شيء في الحياة البشرية وأن مصر تعرضت لمؤامرة كبرى، ولكن ما هي إلا سنة واحدة حتى فهم الشعب هذه المؤامرة وهب ليدافع عن وطنه ووطنيته، ما جعل أصحاب المؤامرة يفرون بلا رجعة، وهو قرار لا رجعة فيه لأن أرض مصر طاهرة ورحلة البناء بدأت ولن تتوقف، وستبني للأجيال المقبلة من الشباب الذي يتعب ويجد من أجل الحصول على لقمة العيش الشريفة، وليس الشباب الذي يجلس على المقاهي والإنترنت. والشباب الذي أعنيه هو الذي تعثرت قدماه في سبيل الحصول على لقمة العيش الشريفة، خاصة شباب الصعيد ولا أقصد الشرذمة الذين أضحوا خنجرا في قلب هذا الوطن ونحن لهم بالقانون».

السيسي يسير على خطى مبارك والسادات

أيضا ما أن قرأ زميلنا في «المقال» أحمد رمضان الديباوي ما قاله المستشار أحمد الزند عن السيسي، حتى شن على الرئيس هجوما في اليوم نفسه قال فيه: «على سجادة حمراء فاخرة مستفزة، تحتل نحو كيلومترات في شوارع مشروع الإسكان الاجتماعي في مدينة 6 أكتوبر، كانت سيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي وسيارات الحراسة المرافقة لسيادته، وكذا سيارات السادة الجنرالات والوزراء المرافقين تسير ببطء، كأنها تتهادى قبل أن يهب الرئيس من سيارته واطئا بحذائه تلك السجادة المستفزة، بعد إذ أعطى قائد الحرس الإشارة ليدخل بعدها إلى القاعة التي يُحتفل فيها بافتتاح عدد من المشروعات الخدمية في المدينة، وعبر «الفيديو كونفراس». لا أدري فيم فكر الرئيس لحظة أن وطأ بقدميه تلك السجادة؟ كما لا أدري هل دار بخلده، لم قامت الحكومة بفرش تلك السجادة ليطأها فتغوص قدماه في وبرها؟ كما لا أدري هل فكر الرئيس في سعر تلك السجادة وما مقدار كلفتها؟ لكنني ما أن سمعت الرئيس يقول «علشان نوصل المياه للمواطن محتاجين 25 مليون متر مياه يوميا، لابد أن نكون منتبهين لنفسنا ولازم نعرف، محتاجين نرشد الاستهلاك علشان منقولش المياه والكهرباء غالية». تيقنت ألا شيء مما سبق قد دار بخلد الرئيس، وإلا لسأل عن صاحب فكرة فرش تلك السجادة الحمراء التي كانت في استقبال سيادته، لكنه ما أكترث وما أنتبه إلى أن فرش سجادة بقيمة نحو ربع مليون جنيه، على أقل تقدير، حتى يطأها مرة أخرى، ثم يتم تخزينها كعهدة قديمة بعد ذلك. لا يتسق بحال مع ما ينادي به الرئيس من ضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه، في الوقت الذي لا يسأل فيه الرئيس عن تكلفة فرش سجادة كتلك التي استقبلته. وفي الوقت الذي لا يسأل فيه الرئيس لم تم إلغاء الضريبة على الأرباح الرأسمالية للبورصة، تدعيما للمستثمرين، ولا أكاد أصدق شخصيا دعوات الرئيس السيسي إلى التقشف وتبنيه قضايا الفقراء وآلامهم، ولم يذكرني كلامه سوى بجملة ما فتئ الرئيس الأسبق المخلوع حسني مبارك يكررها كل حين فقد كان يقول دوما في غير مناسبة «أنا حاسس بالفقراء»، في ما كان ثمن بدلته المصنوعة في إيطاليا خصيصا له يكفي للإنفاق على مئات الأسر الفقيرة، في أي حي عشوائي من أحياء القاهرة لشهور معدودة، لكن الرئيس السيسي يبارك خطى مبارك وسلفه السادات نحو النظام الرأسمالي المتوحش وسياسة الخصخصة، بذريعة تطوير القطاع العام، ليزداد الفقراء فقرا ويزداد الأغنياء تخمة من تراكم الثروة، وهو عين ما يحدث، من دون تغيير ومن دون تعديل، فقط يحاول الرئيس السيسي تسويق كلامه بالعاطفة حينا وبالترغيب والترهيب حينا آخر».

عزة أحمد هيكل:

الإعلام يركز على السلبيات

لكن المسكين رمضان لم يكن يدري ما ينتظره في اليوم التالي الثلاثاء (أمس) بعد أن ضايق الكثيرين بما كتب وما نشرته الصحف ووسائل الاتصال عن السجادة، ذلك أن أستاذة الجامعة الجميلة وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد الدكتورة عزة أحمد هيكل، وهي ابنة وزير الثقافة الأسبق وأستاذ الجامعة المرحوم الدكتور أحمد هيكل قالت في «الوفد»: «صمت الإعلام عن كم الإنجازات والمشروعات التي يفتتحها الرئيس في مجالات متعددة، من طرق وكباري ومدن جديدة ومشروعات مياه وكهرباء وأراض ومراكز للشباب، في فترة قصيرة لا تتجاوز الأشهر العشرين، ولا ننسي حفر القناة الجديدة ومحور بورسعيد والضبعة، ويركز على السلبيات. والسجادة الحمراء التي أثارت الإعلام ما هي إلا بروتوكول سياسي ليضفي جمالاً وأناقة على الطريق، ولو كان ورداً لفرشنا الأرض بالورد والفل والياسمين والبنفسج والقرنفل والتمر حنة، لمن أنقذنا من أكبر مؤامرة استعمارية تتارية في العصر الحديث، ولكن الورد أيضا له شوك يجرح من لا يقدره أو يبيعه».

طبعا الجميل لابد أن يستعين بما يشبهه من فل وياسمين وبنفسج وقرنفل، وتذكرنا بأغنية المطرب الفنان الراحل محمد فوزي في أحد أفلامه مع الفنانة مديحه يسري وإسماعيل ياسين وشادية ومحمد رضا وزينات صدقي، وقد استعنت بزميلنا في المكتب والمشرف على الجمع محمد إبراهيم بالبحث عن الأغنية والفيلم فقال أن الفيلم أسمه «بنات حواء « والأغنية قال فيها فوزي: «الورد له في روايحه لغات تجمع بين النار والجنة حكم الزهور زي الستات لكل لون معنى ومغنى.. دا لكل لون معنى ولكل لون مغنى آه من القرنفل».

جميل عفيفي: أصبحنا نبحث عن صغائر الأمور

وإلى «أهرام» أمس وغاضب آخر من الهجوم على السجادة الحمراء وهو زميلنا جميل عفيفي وقوله: «أصبحنا نبحث عن صغائر الأمور، نتحدث فيها ونضخمها ونصنع منها فقاعة كبيرة، ولا يعلم الجميع أن الهدف من البحث عن الصغائر هو إلهاء الشعب عن الإنجازات، التي تتم على أرض الواقع. كما أن الإعلام أصبح يعمل ضد الدولة بشكل لا يمكن أن نشاهده في أي دولة في العالم. أصبح فعلا معول هدم فإذا كان موجها لصنع تلك الأزمات فإنه مصيبة، وإذا كان يفعل ذلك عن جهل فإن المصيبة أكبر بكثير. الرئيس يحاول أن يصلح ما فعلة الزمن بمصر، ولكنه للأسف الشديد لا يجد من يساعده في الإعلام، فبدلا من نشر الوعي الحقيقي أصبح عالة على الدولة والمواطن».

إهدار الوقت في الأمور الفرعية

طبعا وهذا ما لاحظه زميلنا وصديقنا عبد القادر شهيب وقال عنه أمس في مقاله الأسبوعي في جريدة «الأخبار»: «لعل انشغال بعض وسائل الإعلام بما سمته «السجادة الحمراء» التي ظهرت خلال افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي عددا من المشروعات في مدينة السادس من أكتوبر، يعد نموذجا على أهدار وقتنا في الاهتمام بأمور فرعية والانشغال بها عن الاهتمام بالأمور والقضايا والموضوعات الرئيسة والأهم، بل أنه نموذج صارخ على انقياد إعلامنا وراء بعض مواقع التواصل الاجتماعي. هذه المواقع صارت للأسف الشديد هي التي تحدد الأجندة اليومية لبعض وسائل إعلامنا، وأخشى القول لمعظم هذه الوسائل، لقد باتت هذه المواقع الإلكترونية هي التي تقود وتوجه العديد من وسائل إعلامنا المقروء والمسموع والمشاهد، ألم يكن أجدى من أن تسير بعض أجهزة إعلامنا في ركاب مواقع تواصل اجتماعي فيما سمي بـ«السجادة الحمراء» في افتتاح مشروعات جديدة بالحديث عن كيف تم تنفيذ هذه المشروعات، وتدبير التمويل اللازم لها؟ وكم فرصة عمل حقيقية وفرتها؟ وكيف تتم الموازنة بين اختصار وقت التنفيذ وسلامة التنفيذ؟».

نقابة الأطباء خسرت تعاطف المواطنين معها

وهكذا كادت معركة السجادة الحمراء تنسينا معركة أخرى مشتعلة، وهي الأزمة بين نقابة الأطباء والشرطة، بسبب اعتداء عدد من أمناء الشرطة في قسم المطرية على طبيبين في مستشفي المطرية التعليمي، ما أدى إلى إغلاق المستشفى وصدور قرار من النائب العام بإعادة فتحها. وتوتر الجو بين نقابة الأطباء والداخلية، ما دفع زميلنا في «اليوم السابع» وائل السمري إلى أن يقول يوم الاثنين: «نقابة الأطباء التي دخلت في معركة مع وزارة الداخلية، وبدلا من أن تبذل كل ما في وسعها لتوجيه سهامها إلى خصمها في ظل القانون، لجأت إلى معاقبة الشعب المصري كله برفض فتح مستشفى المطرية التعليمي، الذي يخدم أكثر من 2 مليون مواطن. والتهديد بعمل إضراب عام في مستشفيات مصر، على خلفية قضية اعتداء بعض أمناء الشرطة على طبيبين في المستشفى. تعاطف الشعب المصري مع نقابة الأطباء ومع أطبائها في بداية القضية، فالكرامة حق والأمان حق والاعتداء على الإنسان هو اعتداء على الوطن أيا كان هذا الإنسان، لكن للأسف فإن هذه النقابة تصر على خسارة احترام الشعب وتعاطفه مع قضيتها، وتخسر أيضا حالة العذر بالفقر وضعف الإمكانيات التي كان الشعب المصري يتقمصها كلما تحدث أحد عن التقصير الطبي وفقر الضمير الذي يتمتع به الكثيرون من أطباء مصر، وما يزيد الخلاف بين الرأي العام ونقابة الأطباء هو أن الكثيرين من أعضائها أخذتهم العزة بالإثم، وبدوا في أحاديثهم كما لو كانوا يتفضلون على الشعب بعلاجه. إنهم يتنازلون لأنهم يعملون في مصر بهذه المرتبات المتدنية! نعم الكرامة حق والأمان حق ومن حق الأطباء أن يحافظوا على كرامتهم، لكن من حق المواطن الذي دفع من ضريبته ليتعلم الطبيب في مدرسته وجامعته «مجانا» أن يتلقى علاجه إذا ما مرض».

الترضية على قدر الخطأ

أيضا أهتم في اليوم نفسه في «المصري اليوم» زميلنا وصديقنا حمدي رزق بهذه القضية في عموده اليومي «فصل الخطاب» واقترح على وزير الداخلية ما هو آت:

«بعيداً عن النائب العام والنقابة، يبقى موقف وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار ومساعديه في كيفية وصل ما انقطع بين الداخلية ونقابة الأطباء، على هامش افتتاح الرئيس لمشروعات البنية التحتية. وهنا أسجل للوزير تفهّمه ومساعديه لغضبة مجلس النقابة والأطباء، وأنهم حاولوا التواصل مع الدكتورة منى مينا بصفتها المتصدية نقابياً وإعلامياً لهذه القضية العادلة، وأنهم أبلغوا مجلس النقابة خالص الاعتذار. وشرح الوزير ارتباط عقوبة الداخلية للأمناء بحكم القضاء وهو عقاب تالٍ وليس سابقاً للحكم الذي سيترتب على تحقيقات النيابة وحكم المحكمة، وأن الداخلية أوقفت الأمناء عن العمل لحين الفصل في القضية. هذا لا يكفي يا سيادة الوزير وغضبة الأطباء ودعوة الجمعية العمومية تحتاج إلى اختراق يحلّق فوق القضية، ولا يمكن رهن العلاقة بين الداخلية والنقابة على حكم قضائي سيحتاج وقتاً إلى أن يصدر، ولا يصح أن يخشى الأطباء على أنفسهم ممن يتولون حمايتهم، والسابقة التي جرت في مستشفى المطرية تحتاج إلى علاج يسمو فوق الجرح الذي تسبب فيه نفر ممن يسيئون إلى الداخلية قبل أن يبطشوا بالأطباء، والترضية يجب أن تكون على قدر الخطأ، وواجب على الداخلية محو الإهانة وليس هناك ما يمنع من لقاء الوزير بمجلس النقابة في دار الحكمة، ويقف من الأطباء موقفاً عادلا. لقاء دار الحكمة المقترح، من جانبنا، فيه رد اعتبار مطلوب لمن أُهينوا وليس فيه مزايدة من أحد ولا يقبل مزايدة، والرئيس ضرب مثلاً واعتذر سابقاً للمحامين وزاد هذا من قدره، فلنُنَحِّ المزايدين جانباً والوسطاء يمتنعون وبين لاظوغلي ودار الحكمة خطوات يقطعها الوزير احتراماً للمحترمين».

وزير الداخلية: الوزارة لا تحمي المخطئ

«أما الوزير فقد عقد في يوم الاثنين نفسه مؤتمرا صحافيا نشرته صحف أمس الثلاثاء، تحدث فيه عن كثير من القضايا والحوادث التي اتصلت بالعلاقة بين الشرطة والناس، وأكد أن الوزارة لا تحمي أي مخطئ من أفرادها، وأنها تحقق وتعاقب وقد حققت وعاقبت الأمناء وأوقفتهم عن العمل أما الباقي فهو في يد النيابة العامة التي تحقق في الحادثة وهي التي تحيل إلى القضاء».

التربص بالأزهر

وإلى الإسلاميين ومعاركهم وبدأها يوم الخميس زميلنا وصديقنا في «اللواء الإسلامي» الأسبوعية الدينية التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم، حازم عبده بقوله مدافعا عن الأزهر الشريف والشرر يتطاير من عينيه: «الأزهر يتعرض لحملة منظمة لإهانته وسحق دوره والإساءة لرموزه وزعزعة مكانته في نفوس المصريين، لحساب أقزام تنفخ فيهم بعض الدوائر من أرواحها الخبيثة، وتلبسهم لباس العلم الفقهي، والعلم منهم براء. تصنع منهم مفتين مستنيرين هم مجدفون مخربون يحاربون الله ورسوله والإسلام وعقيدته. إهانة الأزهر ليست تطوعا ولا نافلة، وإنما هي بأوامر، فعلى الأزهر أن يبحث عمن يصدر هذه الأوامر ويعرف ما هي المشكلة بالضبط، لأن من يوفر الحماية لمن يتعمدون أهانته ويعرضون به في الفضائيات وفي الصحافة، قادرون على تفريغ ألاف النباحين للقيام بالمهمة، ولديهم من مخزونات القبح والإهانة ما لا ينفد.

الأمر الآخر هو بعدما ضج الأزهر بما يتعرض له من إهانة ماذا هو فاعل؟ لماذا لا يتخذ الإجراءات القانونية للدفاع عن نفسه وعلمائه؟ ولم يتحدث بالتورية ولا يقترب من الفاعل الأصلي، فلا يمكن للناس أن تدافع عن الأزهر وهو لا يدافع عن نفسه. إنني شخصيا كلما دافعت عن الأزهر تلقيت نقدا وهجوما من زملاء كثيرين في صحف قومية كبيرة، وذلك يؤكد أن هناك حالة من التربص بالأزهر».

عقاب الدنيا للساخر هو من جنس العمل

أما الجميلة والأستاذة في جامعة الأزهر الدكتورة إلهام شاهين فقد فضلت في العدد نفسه اتباع الهدوء وهي تقول: «نبهنا الله تعالى لخطورة انتشار السخرية والاستهزاء بين الناس فقال: «يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون» (الحجرات: 11). أما عقاب الدنيا للساخر فهو من جنس العمل فلا يموتون حتى يسخر منهم الناس ويكونوا مجالا للسخرية والاستهزاء، ولذا كان يحذر السلف الصالح منه، فعن عبد الله بن مسعود قال: «لو سخرت من كلب خشيت أن أكون كلبا». وقال إبراهيم النخعي: «إني لأرى الشيء أكرهه، فما يمنعني أن أتكل فيه إلا مخافة أن ابتلى بمثله».

الفقهاء يهاجمون العلماء

لكن الكاتب وأستاذ الطب الدكتور خالد منتصر في عموده اليومي في «الوطن» (خارج النص) يوم السبت سخر من الذين يقولون أن الفقهاء لم يهاجموا العلماء الذين ازدهرت بهم الحضارة الإسلامية وقال: «كفر الفقيه ابن تيمية العالم جابر بن حيان، وهو من علّم أوروبا الكيمياء، وزاد من كراهيته له شيعية جابر وقد أفتى ابن تيمية في تحريم الكيمياء فتوى في مجموع الفتاوى وقال «أهل الكيمياء من أعظم الناس غشا! وهم أهل ذلة وصغار»! وقال «الكيمياء محرمة باطلة»! ولم يكن في أهل الكيمياء أحد من الأنبياء ولا من علماء الدين ولا الصحابة ولا التابعين»! وأن جابر بن حيان مجهول لا يعرف، وليس له ذكر بين أهل العلم والدين، والكيمياء أشد تحريما من الربا. ثم يقول: الكيمياء لم يعملها رجل له في الأمة لسان صدق ولا عالم متبع ولا شيخ ولا ملك عادل ولا وزير ناصح إنما يفعلها شيخ ضال مبطل. ابن سينا الموجود تمثاله أمام بوابات أعرق كليات الطب في أوروبا قال عنه ابن القيم في إغاثة اللهفان حين قال: «إنه إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر» وقال عنه الكشميري في «فيض الباري»: «ابن سيناء الملحد الزنديق القرمطي» لذلك نقل عنهم وقال الشيخ صالح الفوزان: «إنه باطني من الباطنية وفيلسوف ملحد» – ما قيل عن أبي بكر الرازي لا تكفيه مجلدات، كفروا هذا الطبيب والعالم والفيلسوف العبقري قال عنه ابن القيم في «إغاثة اللهفان»: «إن الرازي من المجوس» و«إنه ضال مضلل». قال ابن العماد في «شذرات الذهب» عن الفارابي: «اتفق العلماء على كفر الفارابي وزندقته» – وقال ابن تيميه عن محمد بن موسى الخوارزمي: «العلوم الشرعية مستغنية عنه وعن غيره – قالوا عن ابن الهيثم: «إنه كان من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام وكان سفيها زنديقا كأمثاله من الفلاسفة».

سوريا والسعودية

وشهدت الصحف اهتماما متزايدا بالأوضاع في سوريا، بعد أن أعلنت السعودية أنها سترسل قوات إلى سوريا لمحاربة «داعش» بشرط أن تكون ضمن قوات التحالف بقيادة أمريكا، وتبعتها الإمارات. وكان رد الفعل رافضا لأي تورط لقوات عربية في القتال في دولة عربية، خوفا من تفكك دولة عربية أخرى وخوفا كذلك على السعودية، لأن المصريين دولة وشعبا ورجال أعمال يتمنون دوام قوتها المالية والسياسية، لارتباط جزء من مستقبلهم بها، سواء في للمساعدات المشكورة التي تقدمها لمصر، أو استثماراتها فيها، ففي «أهرام» الاثنين قال زميلنا الدكتور حسن أبو طالب: «لا شك أن استخدام جماعات مسلحة ومقاتلة، أيا كان انتماؤها الأيديولوجي، دينيا أو مذهبيا أو سياسيا بحتا، من قبل قوى إقليمية مدعومة دوليا لإسقاط نظام حكم، يمثل تطورا خطيرا بكل المقاييس، ويفتح أبواب جهنم على الجميع، خاصة في البيئة العربية والمُحاطة بقوى إقليمية طامعة وتستغل كل فرصة للإجهاز على كل ما هو عربي وتحاول دائما التمدد في جوارها العربي، بما يعيد لها أمجاد الماضي الاستعماري، كما هو حال تركيا أردوغان أو يمنحها هذا التمدد مزيدا من الحصانة والقوة في مواجهة الغرب كما هو حال إيران».

الشعب السوري هو الذي سيحدد مصيره

وفي العدد نفسه من «الأهرام»، رفض زميلنا عمرو عبد السميع في عموده اليومي «حالة حوار» هذا التدخل بقوله: «المتأمل لما طرحته موسكو من مواقف وأفكار تتعلق بحل الأزمة السورية سياسيا في جنيف-3 وما قبله، يتأكد بما لا يدع مجالا للشكوك أن روسيا تكاد تكون الطرف الوحيد الذي يطرح مبادرات وأفكارا ومواقف واضحة، وليس ذلك مستغربا، وموسكو كانت صاحبة مبدأ الحل السياسي وقتما كانت السفن والبوارج الحربية الأمريكية تمخر عباب الماء في شرق المتوسط، وتهدد الرئيس السوري، فرضت موسكو الحل السياسي بكل وسائلها المتاحة، وهي- اليوم- تقدم الرؤية الأوضح في إطار الحل السياسي، لأنها ترى أن ذلك الحل يجيء في إطار إصلاحات سياسية وليس بالقفز إلى مرحلة انتقالية، تستهدف الغاية الغربية والخليجية المزمنة، التي تريد إقصاء الرئيس الأسد من دون أي تصور محدد لما بعده، والذي لن يكون إلا بتفكك مؤسسات الدولة وانهيارها، ليسيطر عليها المتطرفون. إن الشعب السوري هو الذي سيحدد مصير رئيسه أو شكل الانتقال. روسيا تريد بقاء الدولة في سوريا وأمريكا والخليج يريدان انهيار الدولة الوطنية واستمرار عصر أمراء ميليشيات الإرهاب».

الحل السياسي في سوريا لن يأتي عبر الحل العسكري

ومن «الأهرام» إلى «الوطن» وزميلنا وصديقنا عماد الدين أديب المقرب من السعودية والمتعاطف معها، وقوله في عموده اليومي في «الوطن» (بهدووووء): «من يعتقد أن الحل السياسي في سوريا سيأتي عبر الحسم العسكري على أرض الميدان هو مخطئ تماما، ومن يعتقد أن الحل العسكري النهائي الذي يؤدي إلى انكسار طرف لصالح الآخر، ما قد يمهد الطريق لحدوث استقرار في سوريا هو غير فاهم لحقيقة الأمور الدقيقة الخاصة بهذا الملف، ومن يعتقد أن قوات روسيا وإيران وحزب الله وميليشيات من 80 دولة سوف يغادرون سوريا عند توقف المدافع وصمت الصواريخ، فهو لا يعرف معنى هذا الوجود العسكري، ومن يعتقد أن طائرات الأمريكان والفرنسيين والألمان والكنديين جاءت كي تعيد الديمقراطية وتنصر المعارضة، فهم أصحاب نوايا حسنة أو رؤى سياسية ساذجة، ومن يؤمن بأن الأتراك يريدون حقيقة إنهاء وجود تنظيمات «داعش» و»النصرة» وجنود الشام فهو غير مطلع على حقيقة دوافع أردوغان وغول لاقتحام الملف السوري. وهناك أحلام تركية بعمل منطقة آمنة وعازلة بين تركيا وسوريا، تتمكن منها أنقرة من إدارة الصراع في سوريا، بما يسمح لها بالانفراد بالسيطرة على الملف الكردي. وهناك رغبات قطرية وسعودية وإماراتية ذات أبعاد مختلفة، منها من يريد القضاء على نظام بشار الأسد أكثر من القضاء على «داعش» ومنها من يريد خلق بديل عسكري غير «داعش»، ومنها من يريد التخلص من بشار و»داعش» معا. وفي الآونة الأخيرة تزداد وتيرة الحديث عن إرسال قوات برية من المنطقة للحرب في سوريا مما قد يزيد التعقيد والمصاعب على جبهات القتال المختلفة».

إراقة الدماء العربية بأيد عربية

وإلى جريدة «الأخبار» وزميلنا وصديقنا ورئيس مجلس إدارتها الأسبق محمد بركات وقوله في عموده اليومي «بدون تردد»: «هذه النغمة لم تكن مألوفة من قبل وهذا الاتجاه لم يكن واردا خلال السنوات الماضية رغم امتداد معزوفة القتل والحرب والدمار إلى كل أجزاء سوريا، ولكنها بدأت في الظهور والتواتر هذه الأيام، بعد الإعلان السعودي المفاجئ عن استعداد المملكة للقتال البري في الأراضي السورية. هذا الإعلان الذي جاء على غير توقع لا يمكن تجاهله أو اعتباره مجرد خطأ في التعبير، أو سقطة غير مقصودة، بل على العكس من ذلك لابد من النظر إليه بمنظور جاد، نظرا لكونه صادرا عن المستشار العسكري لوزير الدفاع السعودي العميد أحمد العسيري، وهو ما يضفي عليه صفة الرسمية والقصد، أو على الأقل يضفي عليه صفة القصد في قياس رد الفعل وتبيان الأثر، والجدير بالأخذ في الاعتبار في هذه المسألة وتلك القضية بالغة الأهمية والحساسية أيضا هو، ضرورة الوضع في الاعتبار الخطورة البالغة لهذا الأمر، نظرا لما يحمله في طياته من معان وما سيحدثه من آثار وما سيترتب عليه من نتائج، وأحسب أن أكثر الأمور خطرا في هذا الشأن هو أن يصبح مبدأ التدخل العسكري من جانب بعض الدول العربية في شؤون بعض الدول العربية الاخرى مباحا. أما الأعظم خطرا وفداحة على الإطلاق فهو أن يصبح صدام الجيوش العربية وقتالها ضد بعضها بعضا أيضا مباحا ومشروعا، وهو ما يعني إراقة الدماء العربية بأيد عربية ويحضرني سؤال في هذه المسألة أو القضية حول لماذا اختفت أو أجهضت الدعوة لتكوين قوة عربية مشتركة؟ ومن المسؤول عن إجهاضها؟».

هل ستدخل السعودية «عش الدبابير» مجددا؟

أما آخر مشارك فستكون زميلتنا الجميلة سناء السعيد وقولها في «الوفد»: «كان من الطبيعي أن ترحب أمريكا بما أعلنته السعودية في الرابع من فبراير/شباط الجاري من أنها ستساهم في أي عملية برية يقررها التحالف الدولي بقيادة أمريكا ضد «داعش» في سوريا. الإعلان السعودي الذي يمهد للتدخل العسكري في سوريا يفتقر إلى الحكمة حيث أن هذه الخطوة لو تحققت فستكون لها عواقب وخيمة، لن تقتصر على الصراعات الدائرة في سوريا، بل ستمتد إلى المنطقة بأسرها، بل وقد تجد المملكة نفسها وقد انخرطت في حرب طائفية أخرى بالوكالة، بعد انخراطها في حرب اليمن. فالعدوان على سوريا سيكون له وقع الصاعقة على من يشارك فيه. يتمنى المرء أن تهدأ السعودية وتخفف الوطء، فلا يمكنها إقحام نفسها مجددا في عش دبابير آخر بعد اليمن و»عاصفة الحزم» التي تحولت إلى محرقة لها توابعها وتداعياتها على اليمن وعلى السعودية نفسها».

&