&خالد أحمد الطراح

&تهنا في تحديد الأولويات؛ بسبب قرارات حكومية متناقضة أحياناً ومتضاربة أحياناً أخرى، فقد أصبحت قبل أيام من الأولويات مواجهة الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تراجع حاد في أسعار النفط، و«توجه» رسمي في شد حزام الخدمات العامة، وربما قليلاً شد الإنفاق الحكومي.

في الوقت ذاته تخرج تصريحات للوزراء، كل في اختصاصه لله الحمد، بعضها يتحدث عن مشاريع تنموية ضخمة لم تنجزها الدولة في أيام الفوائض والوفرة، كمشروع الجزر وإنشاء هيئة «السياحة العائلية» التي ستنقل الكويت الى خريطة عالم السياحة! بينما تقارير ديوان المحاسبة تنذر بهدر حكومي وأرقام فلكية عن ديون وزارات لم يتم تحصيلها!

المجلس الأعلى للتخطيط أطلق أخيراً «صرخة مدوّية بوجه الحكومة»، فقد جاءت ميزانية 2017/2016 «خالية من أي معالجات أو إجراءات جادة وملموسة لإصلاح الخلل والإنفاق المالي».

أرقام الميزانية «تنبئ بمستقبل مرعب وعجز كبير غير معهود في تاريخ الكويت»، فيما تستمر التصريحات الرسمية بأن تخفيض الدعم للخدمات لن «يمس ذوي الدخل المحدود»!

من هم ذوو الدخل المحدود؟ هل هم المتقاعدون أم موظفون أصحاب رواتب متدنية؟ ومن هم ذوو الدخل المتوسط؟ الموظفون المرضي عنهم، أصحاب الرواتب العالية والبونص الذين يعملون في المجال الاستثماري الحكومي؟ حتى لو اتفقنا مع هذه الفرضية، هل العوائد المحققة تستحق المكافآت السخية بينما تقارير ديوان المحاسبة، وكذلك لجان مجلس الأمة تبرهن خسائر ومخالفات صارخة وتناقضات إستراتيجية استثمارية؟!

اقتصادياً، وأنا لست متخصصاً في هذا الميدان، لكن الأبجديات تقول إننا مازلنا في مرحلة النمو، والتنمية الحقيقة ما زلنا بعيدين عنها إلا ربما في نظر وزارة التخطيط! التي ما زالت تحلم وتصرّ على الإنجاز، على الرغم من الوضع الاقتصادي المفزع.

الشعب لم يكن خلال السنوات الأخيرة شريكاً حقيقياً في صناعة القرار السياسي، ولا القطاع الخاص كان شريكاً في القرار الاقتصادي، فكيف يمكن معالجة كل هذه التناقضات؟

أولوياتنا أن نفهم أين ذهبت الفوائض في أيام عز أسعار النفط، وكيف يمكن أن يتم السحب من الاحتياطي العام مقابل خسائر ومخالفات استثمارية جسيمة؟

أولوياتنا إنقاذ البلد وأولوياتهم مشاريع «جبارة» ومتناقضة!

ويبدو أنه لغز كويتي جديد آخر!