&فابريس بالونش

تدفع الهجمات الأخيرة التي تشنها قوات النظام السوري وقوات التحالف حول حلب بعشرات الآلاف من اللاجئين السوريين الجدد للتوجه إلى تركيا. فقد فرَّ بعضهم من منازلهم للمرة الأولى، في حين غادر آخرون المخيمات غير الرسمية الواقعة على مقربة من الحدود الشمالية قبل أن يطالهم القتال. وبالنسبة إلى معظم هؤلاء اللاجئين، لا تُشكل تركيا سوى بلد عبور إلى أوروبا. فقد فقدوا الأمل بالوصول إلى نهاية سريعة للصراع، كما أن أولئك الذين دعموا الثورة يدركون أنه سيكون من الصعب عليهم للغاية العودة إلى سورية. وبالتالي يُمكن للاتحاد الأوروبي أن يتوقع وصول تدفقات جديدة هائلة من السوريين في الأشهر المقبلة، على الرغم من وعود أنقرة بإبقائهم في تركيا.

اعتباراً من هذا الشهر، سجَّلت "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" 4.6 ملايين سوري في البلدان المجاورة، مقابل 3.3 ملايين في يناير 2015. وحتى هذا العدد الكبير لا يبرز حجم المشكلة لأن نسبة من السوريين، وليس جميعهم، تتقدم بطلب رسمي للحصول على حق اللجوء. ففي الأردن على سبيل المثال، سجلت "دائرة الإحصاءات العامة" 1,250,000 سوري في التعداد الأخير، أي ما يقارب ضعف العدد المسجل رسمياً في المفوضية الذي يبلغ 623,000، وفي حين يرتبط تدفق الهجرة إلى أوروبا بتدهور أوضاع اللاجئين في دول الشرق الأوسط، فإن تطور الأزمة داخل سورية أصبح عاملاً يحث على الهجرة أكبر من أي وقت مضى.

فاستمرار القتال يلحق المزيد من الضرر بالوضع الاقتصادي حتى في المناطق التي تنعم بالسلام في البلاد، مما يدفع بالمزيد من السوريين إلى المغادرة، لاسيما أولئك العاملين في القطاع الخاص، الذين ليس لديهم رواتب مضمونة مثل موظفي الدولة. ولكن المجموعة الأكبر من اللاجئين ستتألف من أولئك الذين يفرون من هجمات جديدة، لاسيما في المناطق التي ترزح تحت قصف جوي مكثف. لهذا السبب دمرَّت بعض الضربات الجوية الروسية عمداً المستشفيات وغيرها من البنية التحتية كوسيلة لحث المدنيين على الفرار، وبالتالي عزل الثوار. فلا يمكن استعادة السيطرة على منطقة فيها عدد كبير من غير المقاتلين. إذ إن مثل هذه العمليات تسبب خسائر كبيرة في صفوف المدنيين ومن شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الإدانة الدولية وإلى زيادة نفور السكان.&&&&&&

وفي النهاية تكمُن أفضل طريقة لمنع تدفقات اللاجئين الضخمة إلى أوروبا في معالجة جذور المشكلة في سورية، على افتراض أن الوقت لم يفت بعد. فتركيا ترفض اللاجئين الجدد حتى إذا كانوا في حالة فظيعة على الجانب الآخر من الحدود، وذلك جزئياً لتجنب مساعدة الاستراتيجية الروسية لمكافحة التمرد. وبالتالي يمكن للدول الغربية أن تعتمد سياسة مماثلة، وذلك فقط إذا كانت على استعداد للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية الناجمة عن ذلك. ومثل هذه الاعتبارات تعيد إلى الواجهة من جديد فكرة إقامة ملاذ آمن لحماية المدنيين في شمال وجنوب سورية.