سمير عطا الله

نصل إلى التحدي الأكبر والأكثر أهمية: الصين. يقول المؤرخ نيال فيرغسون إن هذا القرن هو قرن الصين. مساحتها موازية لمساحة أميركا، وتعدادها أربعة أضعاف تعدادها. عندها أكبر جيش في العالم و250 رأسا نووية، ولها قدرات في الفضاء الحقيقي والافتراضي، وأهلها أكثر مستخدمي الإنترنت عدًدا في العالم.

لكن «القوة الناعمة» الصينية لا تزال ضعيفة. لا سينما مثل هوليوود أو بوليوود. جامعاتها ليست بين الأوائل. ولكنها تنشر ثقافاتها القديمة ومراكز «كونفوشيوس» حول العالم، مثل مراكز «غوته» الألمانية. بدأت القوة الاقتصادية في النمو المذهل مع إصلاحات دنغ كسياو بنغ أواخر الثمانينات. وتضاعف

ناتجها القومي، لكنه لا يزال نصف الناتج الأميركي. وما تزال مساحات ريفية هائلة من دون تطوير، فيما لا يزال دخل الفرد يوازي 20 في المائة من دخل الأميركي.

العام 2009 تجاوزت الصين ألمانيا كأول دولة تجارية في العالم من حيث الحجم، لكن مستوى السلع ظل دونها بكثير. ودون أميركا أيًضا. مؤشر «الماركات» الأعلى، 19 من 25 ماركة أميركية الصنع. ومن أصل 500 شركة عابرة للدول، 46 في المائة منها يملكها أميركيون. أما على الصعيد المالي فيبلغ حجم التداول باليوان 9 في المائة لقاء 81 في المائة للدولار. وتقول: «الإيكونومست» إن الصين سوف تصبح العام 2020 أكبر قوة اقتصادية في العالم، لكن الأرجح ليست الأكثر تقدًما.

من هذه العلامات أن الصين اعتمدت في الغالب على النسخ في التكنولوجيا بدل الاختراع. وتقول مجلة «ساوث ريفيو» الصينية إن «الصين لا تزال ضعيفة في الإبداع العلمي والتكنولوجي». وقد نجح الحزب الشيوعي في إدارة البلاد، وإقامة المدن، وتأمين الاستقرار، لكن الشيوعية نفسها لم يعد لها عمليًا أي وجود. هناك في الصين اليوم من ذوي المليارات ما يفوق كل بلد آخر عدا أميركا. ومن الطبيعي أن يزداد حجم الفوارق بين الأغنياء والفقراء. وتراقب الدولة

بدقة – وتعاقب – أصحاب الدعوات الليبرالية المتطرفة من بين 600 مليون مستخدم للإنترنت.

تصرف الصين اثنين في المائة من ناتجها القومي على الموازنة العسكرية البالغة 132 مليار دولار، أو ربع الموازنة الأميركية في هذا الحقل. أي 11 في المائة من مجموع الصرف العالمي مقابل 39 في المائة لأميركا. كما لا تزال القوة الصينية البحرية متأخرة بعقود أمام البحرية الأميركية. الفارق هائل أيًضا في «القوة الناعمة»، فهذه في أميركا يقدمها القطاع الخاص، فيما تعتمد الصين على العمل الحكومي. وقد صرفت المليارات في سبيل ذلك، خصوًصا على شكل مساعدات في أفريقيا وأميركا اللاتينية. كما نجحت كثيًرا في الدورة الأولمبية التي أقيمت في بكين العام 2008 وفي معرض شنغهاي العالمي 2009.

غير أنها أخفقت في منافسة «سي إن إن» أو «بي بي سي» أو حتى «روسيا اليوم».

&