&نوال السعداوى

&مارس هو شهر المرأة، قضايا النساء هى قضايا الوطن، فالنساء نصف المجتمع وكل ما يصيب الوطن يصيبهن، بل إن الهزيمة والفقر والبطالة والقهر الدينى يضرب النساء أكثر من الرجال، لأنهن الأضعف سياسيا، لا يوجد حزب أو تنظيم سياسى واع بقضية المرأة، فهى قضية علمية تدرس بالجامعات، مثل الطب والفلسفة والاقتصاد والسياسة والتاريخ، تربط بين العام والخاص والتخصصات العلمية المختلفة.

فى ندوة بالجيزة عن المرأة امتلأت القاعة بجمهور كبير، متعدد الأعمار والطبقات، كثيرون تشجعوا (بعد سقوط الحكم الديني) للحديث عن القهر المتزايد: الواقع على النساء والفقراء والأطفال، ودار الحوار كالآتى قال رجل: تأنيث الفقر أصبح ظاهرة، نساء الطبقة الوسطى أصبحن يعملن خادمات بالبيوت لإعالة الأسرة، زوجتى طبيبة تشاركنى الإنفاق وأشاركها أمور البيت والأطفال، ليس عندنا خادمة، كل إنسان يجب أن يخدم نفسه بنفسه لتنقرض مهنة الخادمات.&

وقال رجل: أنا وزوجتى العاملة نقوم بجميع المسئوليات خارج وداخل البيت، ليس عندنا أطفال، لا نشعر بالحاجة لزيادة الانفجار السكاني، ليس من الضرورى أن نلد الأطفال لنحبهم ونرعاهم، يجب التطور من الأبوة والأمومة البيولوجية إلى الإنسانية الأرقي.&

وقال شاب: أمى أستاذة بالجامعة ومحجبة، رغم أن أبى وجدى وأنا، نعتبر الحجاب رمزا سياسيا وليس دينيا، ولم تكن جدتى محجبة، انتهزت أمى فرصة سفر والدى وجاءت بالحكيمة لتجرى عملية الختان لأختى الصغيرة، وفرضت عليها ارتداء الحجاب، وتحرضنى أمى على الاستبداد وإخضاع أختى لأنى الرجل «الدكر»، هناك الكثيرات مثل أمي، فكيف يمكن تحرير نساء لا يرغبن فى التحرر؟

&وقالت امرأة: إنه التدهور فى التعليم والثقافة منذ السبعينيات.&

وقال رجل: تونس أصدرت قوانين تحقق المساواة بين الجنسين، وتمنع تعدد الزوجات والطلاق إلا بالمحكمة، وزواج البنات لا يتم تحت الثامنة عشرة، أما الكتب الفكرية المتقدمة الممنوعة فى بلادنا العربية فهى مقررة فى مدارس تونس.&

وقالت إمرأة منتقبة: قضية المرأة مستوردة من الغرب لإحداث فتنة عندنا، خلق الله المرأة لتخدم زوجها وأطفالها، وفرض النقاب عليها منعا للفتنة، وشرع الطلاق وتعدد الزوجات فكيف نعترض على أمر الله؟

&وقال رجل: نالت المرأة كل حقوقها، أصبحت وزيرة ونائبة بالبرلمان ورئيسة حزب وعميدة بالجامعة وخبيرة بالأمم المتحدة، المشكلة هى الفقر، الخبز قبل الحرية، يا نساء؟

&واعترضت شابة: هل تقول ذلك عن حرية الرجل؟ المرأة إنسانة كالرجل، حريتها وكرامتها مثل حريته وكرامته، الإنسان لا يعيش ليأكل فقط كالحيوان.

&وقال رجل: لا أوافق على إعطاء الحرية للمرأة مثل الرجل، لأن الله خلقهما مختلفين وغير متساويين، اللامساواة هى سنة الكون وليس المساواة، المرأة أنثى ضعيفة تحب احتواء الرجل لها وسلطته عليها ليحكمها، تموء عند قدميه كالقطة الأليفة. كما أن تعدد الزوجات يحل لنا الكثير من المشكلات منها العنوسة المتزايدة، الرجال يموتون فى الحروب والإرهاب المتزايد، ويقل عدد الرجال باستمرار عن النساء، يزيد عدد الأرامل من النساء والعوانس، تعدد الزوجات مطلوب جدا لحل هذه المشكلات.

&واعترضت شابة: لا يجب حل مشكلات الفقر والانفجار السكانى على حساب النساء، وأين مسئولية الدولة؟ لابد من مشروع وطنى يقوم على الإنتاج وليس الاستيراد، والاستقلال وليس التبعية والمعونات.

&وقال رجل: تعدد الزوجات يفكك الأسرة، ويزيد الانفجار السكانى الذى نعانى منه اليوم بشدة، ويهدر كرامة المرأة، هل توافق امرأة على أن تشاركها امرأة أخرى فى زوجها؟ هل تقبل امرأة نصف رجل؟ فما بال الثلث أو الربع؟&

وقالت امرأة منتقبة: نعم أقبل لأنه الشرع.&

وقال رجل: أريد امرأة حرة ذات كرامة لا جارية وغضبت المنتقبة وقالت، لماذا جئت لهذه الندوة عن المرأة بمفردك؟ هل تركت زوجتك بالبيت ترعى الأطفال وتجهز لك طعام العشاء؟

&وقالت امرأة: الرجل التقدمى يؤلف الكتب عن تحرير النساء ويقبل المساواة بينه وبين أى امرأة بشرط ألا تكون زوجته وارتفعت الضحكات.

&وقال رجل: أنا جئت مع زوجتى لهذه الندوة ونحن نتساوى فى كل شئ واسألوها، وقالت زوجته بصوت منخفض: أيوه إحنا متساوين فى كل شىء إلا الطبيخ، وغسل الصحون وشغل البيت والمذاكرة للعيال، وإغلاق التليفزيون لما أبوهم ينام، وانفجرت القاعة بالضحك.

&وقالت امرأة: عندنا طبيبات وأستاذات بالجامعة يرتدين النقاب، وبنات أطفال يفرض عليهن الحجاب، ورجال فى الثمانين والتسعين يتزوجون قاصرات، جرائم الشرف يقترفها الرجل وتروح ضحيتها البنت البريئة، ملايين الأطفال غير الشرعيين يعيشون فى الشوارع.&

وقال رجل: المرأة مقهورة عندنا، لكنها نالت حقوقها فى الغرب، هيلارى كلينتون ستكون رئيسة لدولة. واعترضت امرأة: فى آسيا وإفريقيا رئيسات للدولة قبل نساء الغرب، وأغلب الشابات الأمريكيات يعطين أصواتهن لـ «بيرنى ساندرز» منافس هيلاري، لأنه أكثر تقدما منها، والنساء الانجليزيات فى عهد مارجريت ثاتشر فقدن حقوقهن، لا، يكفى أن تكون امرأة لتؤمن بتحرير المرأة.

&

&

&

&

&

&

&