&سيث جونز& &

بعد 5 سنوات من بدء ثورات الربيع العربي، لم يبق من تلك الأحلام الوردية التي عاشتها الشعوب العربية سوى الواقع الحالي الأليم، في دمشق وطرابلس. خفتت أحلام العرب والعالم في تأسيس دول حديثة تقوم على الديموقراطية ويعمها السلام.

ففي هذا الشهر، قام عشرات من المسلحين التابعين لتنظيم داعش باقتحام مدينة "بنقردان" الحدودية مع ليبيا، وتنفيذ أكثر من هجوم متزامن على ثكنة عسكرية ونقاط تابعة للشرطة، في هجوم وصفه الرئيس التونسي الباجي السبسي بـ"غير المسبوق"، بعد أن وصل عدد ضحايا الحادث إلى 54 شخصا.

وعلى الرغم من سوء الأحوال في مصر وتونس، إلا أنها لم تصل إلى تلك الدرجة التي وصلت إليها ليبيا وسورية واليمن، إذ تعيش تلك الدول حاليا تحت وطأة الحرب الأهلية المدمرة.

في ليبيا، ساعدت الولايات المتحدة على الإطاحة بنظام القذافي في 2011، ودعمت التحول الديموقراطي للبلاد بعد سقوط القذافي، إلا أن نهاية المطاف بالنسبة لليبيا كان تحولها إلى أكبر قاعدة للسلفية الجهادية في إفريقيا، في حين تنتشر في البلاد كثير من الميليشيات المتحاربة سيئة التنظيم، في حين يرى التقرير أن واشنطن يجب أن تحمل على عاتقها مسؤولية منع انزلاق الشرق الأوسط نحو مزيد من الفوضى، ومحاولة وضع أسس الاستقرار للمستقبل.

وعلى الولايات المتحدة أن توازن بين أمرين في ليبيا: أولهما، هو جهودها لمكافحة الإرهاب، وثانيهما: رغبتها في خلق استقرار سياسي في البلاد، إذ كان النفوذ المتزايد للجماعات الإرهابية، كتنظيم داعش، سببا في مطالبة كثيرين بتدخل أميركي لمحاربة النشاط الإرهابي داخل البلاد.

ويؤمن كثير من القادة العسكريين في واشنطن أنه على القوات الخاصة الأميركية توفير التدريب والدعم اللازم للميليشيات الليبية للتخلص من خطر داعش، وأنه على بلادهم أن تقوم بتنفيذ ضربات جوية ضد معاقل التنظيم، في حين أن هناك -على الجانب الآخر- حاجة ملحة لخلق مبادرات دبلوماسية لإنشاء حكومة وحدة وطنية، في حين أن تنفيذ مثل تلك الضربات يمثل خطرا حقيقيا على أي اتفاق سياسي في ليبيا.

فالتحدي الأكبر في ليبيا، هو محاولة إيجاد طريقة لهزيمة "داعش"، وفي الوقت نفسه تكوين حكومة وحدة وطنية تحمي البلاد من خطر السقوط في بؤرة الإرهاب مجددا، وأن الولايات المتحدة يجب أن تحافظ على التوازن بين الدعم السياسي والعسكري لدول المنطقة، كشرط أساسي لاستقرارها، إذ إن قُدرة الولايات المتحدة على إحداث تغيير سياسي جذري تبدو محدودة للغاية، وهو ما رأيناه بعد ثورات الربيع العربي بوضوح.

لذلك، فالهدف الأساسي يجب أن يكون هو الحفاظ على الاستقرار والأمن، ومقاومة خطر الإرهاب.