&أحمد الفراج

لا تخطئ عين المتابع للانتخابات الأمريكية حالة القلق الشديد، التي تنتاب معظم الأمريكيين، إذ أن إمكانية ترشح المثير للجدل، دونالد ترمب، أصبحت حقيقة واقعة، ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى أي تغيير في استراتيجيات ترمب، القائمة على العنصرية، ونبذ الآخر المختلف، حتى أن أحد المعلقين الكبار قال: «إنني للتو فهمت شعار حملة ترمب وهي (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى)، فهو ربما يقصد إعادة أمريكا الخمسينيات والستينيات، أي قبل إقرار قانون الحقوق المدنية والمساواة بين البيض والسود»، وهذا حديث خطر، خصوصاً مع ازدياد حالات العنف، والاعتداءات الجسدية من أنصار حملة ترمب على المحتجين، خصوصا السود، وغني عن القول أن مدير حملة ترمب شارك في حفلة العنف هذه، ولا تزال القنوات الأمريكية تردد مقطع العنصري الكهل، والذي لكم شاباً أسوداً بعنف، في إحدى تجمعات أنصار ترمب، في ولاية شمال كارولينا، وهو المشهد الذي أعاد مشاهد ضرب المحتجين السود في ولايات الجنوب الأمريكي، خلال فترة الستينيات الميلادية.

إن أقرب المنافسين لترمب، في الحزب الجمهوري، هو المرشح تيد كروز، عضو مجلس الشيوخ عن تكساس، وهو محافظ، بل ربما هو مثل ترمب، عدا أنه يتحفظ في تصريحاته الإعلامية، فمعظم المصوتين له هم المتطرفون المسيحيون، وعلاوة على ذلك، فهو شخصية غير مفضلة في الحزب الجمهوري ذاته، فشعبيته في الكونجرس متدنية، وسمعته سيئة، حتى أن عضو مجلس الشيوخ الجمهوري البارز، ليزلي قرام، قال، قبل أيام: «إنه لو تم اغتيال تيد كروز في ساحة مجلس الشيوخ أمام ناظرنا، فلا أظن أحدا سيشهد على وقوع الجريمة»، ولك أن تتصور أن الشعب الأمريكي ينظر لتيد كروز من ذات الزاوية، ما يعني أن خيارات الحزب سيئة، إذ لم يبق إلا المرشح، جون كيسك، حاكم ولاية اوهايو، وهو يترنح، ولا يملك المواصفات اللازمة للصعود، والفوز بالرئاسة. إن أحد خيارات الجمهوريين هي إسقاط ترمب، في مؤتمر الحزب، واختيار مرشح آخر، وهي خطوة ستحدث شرخا عميقا في الحزب، وقد تتسبب بمظاهرت عنيفة، تقضي على آمال الحزب تماما، وتصب في صالح الديمقراطيين، وتحديدا هيلاري كلينتون، والخيار الآخر هو انشقاق ترمب، ذاته، عن الحزب، والترشح كمستقل، وهو خيار مستبعد، خصوصا وأنه يبلي بلاءا حسنا من خلال الحزب، ويبقى خياراً مطروحاً حاليا، وهو أن يدعم الحزب الجمهوري مرشحا مستقلا، أي أن تقف آلة الحزب الضخمة، إعلاميا واقتصاديا، خلف هذا المرشح المستقل، بدلا من دعم ترمب، وهنا يبرز اسم المرشح الجمهوري لانتخابات 2012، ميت رومني، كخيار جيد، ولكن حتى هذا الخيار سيكون وقعه مدمراً على الجمهوريين، وسيصب في صالح الديمقراطيين، ليس لأن هذا المرشح لا يملك المؤهلات اللازمة وحسب، بل لأنه سبق له الخسارة من باراك أوباما، ويتهم كثيرا في تعاملاته المالية كرجل أعمال، والخلاصة هي أن كل خيارات الجمهوريين سيئة، وهم في حالة قلق غير مسبوقة، منذ أمد طويل، فلنتابع ما سيحدث خلال الأسابيع القادمة، فهو بالتأكيد مشوق إلى حد كبير.