عدنان حسين&

دليل جديد تقدّمه الكتل السياسية المتنفذة في السلطة، يثبت بالصوت والصورة مرّة أخرى أنّ هذه الكتل لا ترغب في الإصلاح، وأنها تعرقل تحقيقه بكل ما أُوتيت من قوة، مستندة إلى نفوذها السياسي والمالي في الدولة.

هذا الدليل جاء في البيان الصادر عن الكتل البرلمانية أمس وطلبت فيه من رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي عرض كابينته الوزارية يوم الخميس المقبل، وبخلافه ستُخضعه للمساءلة أمام مجلس النواب "لتأخره في تقديم الكابينة الوزارية"!

للغافل والساهي ولمن لا يعرف، فان الكتل صاحبة هذا الخطاب ليست كتلاً معارضة في البرلمان، وإنما هي نفسها التي تستحوذ على الأغلبية الساحقة من مقاعد البرلمان والحكومة، والمستأثرة بمناصب الدولة وبالثروة المالية التي تدرها عليها هذه المناصب. وهذه من أولى العلامات في بيان أمس على عدم رغبة هذه الكتل في الإصلاح، فلو لم تكن كذلك لأقدمت على خطوة عملية، خصوصاً أنّ قضية الإصلاح مطروحة بإلحاح شديد منذ ثمانية أشهر.

العلامة الأخرى هي افتتاح البيان بالإشارة إلى "المواجهة الحاسمة مع قوى الإرهاب لتطهير أرض وطننا الحبيب..."، فالمقصود هنا كما في سابق بيانات هذه الكتل، مجتمعة ومنفردة، هو وضع عصي محاربة الإرهاب في عجلة الإصلاح لتعويق انطلاقها وتقدمها. هذا كلام المقصود به الشعب العراقي المطالب بالإصلاح، وعلى وجه الخصوص المتظاهرون والمعتصمون عند أبواب المنطقة الخضراء في بغداد. وفي هذا نكران، أو في الأقل تغافل، لحقيقة أنّ الإرهاب ما كان له أن يدنّس "أرض وطننا الحبيب" ويغتصبها لو كانت الطبقة السياسية التي تمثّلها الكتل صاحبة البيان قد شرعت بالإصلاح منذ العام 2011، يوم انطلقت التظاهرات الشعبية العارمة المطالبة بالإصلاح ومكافحة الفساد وتحسين نظام الخدمات العامة، فهذه الطبقة السياسية واجهت تلك التظاهرات، عبر حكومة المالكي، بالقمع الضاري وبمحاولة تشويه صورة الحركة الاحتجاجية باتهامها بأنها بعثية و"قاعدية"!

العلامة الثالثة واردة في البند الثاني من البيان "إنّ أية إصلاحات لا تضع في اعتبارها أولوية الحفاظ على اللحمة العراقية والشراكة الوطنية ووحدة النسيج الاجتماعي وتجاوز إخفاقات الماضي ولا تتوفر على المعايير الدستورية والقانونية والحفاظ على العملية السياسية لن تكون إلا إضافة أزمة جديدة إلى سلة الأزمات التي يعاني منها العراق"، وهذا الكلام ليس له سوى معنى واحد هو أن هذه الكتل تحذّر العبادي، أو سواه، من أي إجراء أو قرار يمسّ نظام المحاصصة الطائفية والإثنية والحزبية بذريعة "الحفاظ على اللحمة العراقية والشراكة الوطنية ووحدة النسيج الاجتماعي"!

أما العلامة الرابعة فقد جاءت في البند السادس الذي وإن حيّا المعتصمين لتعبيرهم عن "شعور عال بالمسؤولية وإحساس عميق بدورهم والتزام واضح بالأنظمة والقوانين"، إلا أنه يهدد باتخاذ "الإجراءات اللازمة لحماية المؤسسات الرسمية والحفاظ على هيبة الدولة واحترامها عند خروج أيّ فعالية تذكر عن الجانب القانوني أو الدستوري"، وهذا كلام القصد منه التخويف، فالمتظاهرون والمعتصمون أثبتوا على مدى ثمانية أشهر أنهم ملتزمون بالقانون والنظام والدستور، فيما الطبقة السياسية المتنفذة في السلطة هي التي تنتهك كلّ يوم منذ أكثر من عشر سنوات القوانين والدستور.. وبسبب هذا الانتهاك حصل كل ما حصل ويحصل كلّ ما يحصل الآن في البلاد.

&

&

&

&