&سمير السعداوي

لا يزال الوقت مبكراً للجزم في هوية الرئيس الاميركي المقبل، أو حتى ترجيح فرص مرشح على الآخر، قبل حلول موعد الحسم في الجولة الاخيرة من السباق الانتخابي في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

وتبعاً للمثل الغربي القائل إن «العرض (الأوبرالي) لا ينتهي قبل ان تغني المرأة البدينة»، فإن سباق الرئاسة الاميركية لن يصل الى خواتيمه قبل ان يتواجه المرشحون في الثامن من تشرين الثاني المقبل.

وحتى ذلك الحين، ينشغل الرأي العام في صراعات هامشية داخل الحزبين اللذين يحتكران المشهد السياسي (الديموقراطي والجمهوري) لاختيار مرشح كل منهما لانتخابات الرئاسة. حتى هذا الامر لا يبدو محسوماً او في طريقه الى الحسم قريباً.

وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون لم تتمكن الى الآن من احتلال موقع بلا منازع بين الديموقراطيين على رغم تقدمها، اذ نجح منافسها بيرني ساندرز باكتساح الانتخابات التمهيدية للحزب فى ولايات واشنطن وألاسكا وهاواي الاسبوع الماضي، بحصوله على 75 في المئة من الاصوات في مقابل 25 في المئة لمنافسته الاميركية الاولى سابقاً، لتبرز على الاثر تعليقات اولية مفادها أن حملة كلينتون باتت تتخوف مما ستكون عليه نتائج الانتخابات في كاليفورنيا المجاورة والمشابهة لها الى حد ما في التوجهات الثقافية والاجتماعية.

وتعليقاً على ذلك، يقول صديق من رجال الاعمال العرب - الاميركيين: «لا أشكك في ان هذا المناضل العجوز استطاع بصدقه ان يصنع فرقاً على الارض». ويشير هذا الصديق الى ان ساندرز البالغ من العمر 76 سنة والذي تبلغ موازنة حملته اكثر من 100 مليون دولار، شوهد يسافر في الدرجة السياحية في رحلة تستغرق 5 ساعات، من بورتلاند (غرب) الى نيويورك (شرق)، ما يؤكد انه من الناس الجديرين بالاحترام والذين «يقولون ما يفعلون»، وهذا امر نادراً ما ينطبق على النخب السياسية، ناهيك عن كلينتون التي تسعى الى التملص من اكثر من فضيحة تهدد بتلطيخ سجلها خلال توليها حقيبة الخارجية.

في موازاة ذلك، يستمر التنافس بين المرشحين الجمهوريين، وعلى رغم الحملة التى تقودها مؤسسات الحزب تحت عنوان «اوقفوا ترامب»، يواصل رجل الاعمال الجمهوري الثري تقدمه على منافسيه، مستفيداً من حليف مهم يدعم أفكاره ... ألا وهو الإرهاب الذي يضرب في انحاء اوروبا ولا يتوانى عن التهديد بنقل حماقاته الى قلب الولايات المتحدة.

لذا لم يعد مرشح مثل ترامب يجد حرجاً في رسم خريطة طريق لسياسته الخارجية تعتمد ظاهرياً على شعار «أميركا أولاً» او بمعنى آخر تقديم مصلحة الولايات المتحدة، فيما باطنها ابتزاز الحلفاء وتهديدهم. وفي هذا المجال، قال ترامب في حديثه إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الاسبوع الماضي: «تم التقليل من احترامنا والسخرية منا واستغلالنا سنوات من أناس كانوا أكثر ذكاء ومكراً وصلابة». وأضاف: «لذلك لن نتعرض للاستغلال بعد الآن».

وفي اطار سعيه الى ان يضع على عاتق حلفاء اميركا في المنطقة مهمة القضاء على الإرهاب او تكبيدهم تكاليف قيام اميركا بهذه المهمة، يقول ترامب في حديثه الصحافي ان الولايات المتحدة «أمة فقيرة مديونة تموّل بصورة غير متكافئة تحالفات دولية مثل حلف شمال الاطلسي والامم المتحدة»، الامر الذي استدعى رداً فورياً من روبرت صاموئيلسون، ابرز معلقي «واشنطن بوست» الذي كتب: «نحن أمة بالغة الثراء»، مشيراً الى ان الناتج القومي الاميركي بلغ 16.3 تريليون دولار في العام 2015.

وبذلك يبدو ان ترامب لا يرى في فن السياسة سوى البراعة في الكذب!