&جاسر عبدالعزيز الجاسر

الأساليب نفسها وبالطرق التي اعتاد على القيام بها عملاء نظام ملالي إيران في العراق وسوريا، تطبق بالتمام والكمال في لبنان، فالتابعون لنظام ولاية الفقيه في لبنان والذين ينهجون أسلوباً مبرمجاً على تجريد الدولة اللبنانية من مؤسساتها ومقوماتها يعملون وبكل الطرق على تفريغ لبنان من كل المؤسسات والهيئات التي تعزز الدولة اللبنانية وتقوي من مقاومتها لمواجهة أساليب العزل والتغيب، إذ إن الذين يعملون لصالح ولاية الفقيه من جماعات سياسية ومليشيات حزبية وبيوت مذهبية تقوم بعمل مبرمج لتفريغ لبنان من المؤسسات الفكرية والإعلامية والسياسية التي من مهامها مراقبة ما يجري في البلاد، ونقله للخارج، وبما أن المؤسسات الإعلامية التي هي عين الحقيقة ترى وتشاهد وتسجل ما يجري فإن تركيز من يسعون إلى عزل لبنان إلى إخضاعها أو إرهابها وإن لم يتحقق ذلك فيتم إبعادها عن لبنان وهو ما يتم فعله الآن في بيروت، حيث قام عدد من الإرهابيين بمهاجمة مكاتب صحيفة الشرق الأوسط وعبثوا بمحتويات المكتب وأرهبوا المحررين مما أجبرهم على مغادرة المكان، وقبل ذلك وصلت تهديدات وإشارات عدة لمكاتب محطتي العربية والحدث الفضائيتين مما أجبر القائمين على المحطتين من إقفالهما والاستعاضة على تغطية الأخبار والأحداث في لبنان على جهود الصحفيين المستقلين والوكالات الخاصة.

هذا الأسلوب اتبع في العراق وقبله في سوريا وإن أضيف إليه في العراق مضايقة البعثات الدبلوماسية والسفارات العربية بالذات لترك البلدين العربيين ساحة للعبث الفارسي، حيث فرضت المليشيات الطائفية المرتبطة بملالي إيران نفوذها وسيطرتها على كل ما يجري في العراق، ووصلت أساليب وطرق خنق الصوت الإعلامي العربي في العراق إلى تصفية العديد من الصحفيين والإعلاميين والمذيعين الذين قتلوا على يد المليشيات الطائفية، كما حوصرت وأغلقت العديد من المحطات الفضائية ذات النفس العربي مثل البغدادية والشرقية، وأجبرت المحطات الأخرى على مغادرة العراق التي ظل النظام العراقي في عهد نوري المالكي يطارده حتى لخارج العراق وأجبر المؤسسات التي تشغل وتشرف على الأقمار الصناعية التي تقدم الخدمة للمحطات على وقف تزويدها بخدمات التردد مقابل تقديم رشى وقروض للدول المالكة لتلك الأقمار.

الآن يبدأ تنفيذ نفس هذه الأساليب ضد المؤسسات الإعلامية العربية التي لا تخضع لإملاءات نظام ملالي إيران وعملائه في لبنان، وإذ كانت البداية قد استهدفت أقوى المؤسسات الإعلامية العربية العاملة في لبنان كصحيفة الشرق الأوسط ومحطتي العربية والحدث التابعتين لمجموعة M.B.C فإن الهدف هو ضرب القوي لإجبار الضعيف على الاستجابة للإملاءات مع أن التعرض للشرق الأوسط وM.B.C سيصيب لبنان بمقتل إعلامياً وفنياً وإنتاجياً، إذ إن مدينة بيروت تحتضن العديد من استوديوهات الإنتاج التابعة لمجموعة M.B.C، والتي يعمل بها آلاف اللبنانيين من مخرجين وفنيين ومن لهم علاقة بالعمل الفني من الذين يساعدون في تصميم الأزياء والديكورات وفنيو المكياج والعمال المساعدين وغيرهم، وكل هؤلاء المعرضين لفقد أعمالهم إذ ما قررت مجموعة M.B.C ترك بيروت والتوجه إلى دولة أخرى خاصة وأن العديد من الدول ترحب بذلك وتمتلك مقومات فنية عالية وتتمتع بأمن وأمان وقبل ذلك إرادة حرة تجعل من الدولة حقيقة قائمة وليس مصيرها معلقا بمجموعة من العملاء.