&محمد الوعيل

قبل أكثر من عام تقريباً، كان اليمن الشقيق يعيش أسوأ وأصعب اختبار يُمكن أن تمرّ به دولة ما، فوضى سياسية عارمة نتيجة تسلّط جماعة احتكرت القوّة، واجتياح بربري وعسكري غاشم، لكافة مناطق البلاد، من قبل عصابة حاولت اختطاف البلاد ورهنها للتطرف والمذهبية، وصلت أوجها في توجيه السلاح الذي دفع ثمنه الشعب اليمني من قوت يومه، إلى صدور المواطنين الأبرياء، وحصار المدن الرئيسية وتجويعها، وصل أقصاه في احتلال العاصمة، الأمر الذي شكل تهديداً إقليمياً صريحاً لدول الجوار التاريخية، وعلى رأسها المملكة.

قبل أكثر من عام، كانت المليشيات الانقلابية، ومعها قوات المخلوع، التي كان يُفترض أنها لحماية اليمنيين، تتحول لخنجر في الظهر وتمارس كل أنواع القمع والتجويع والعدوان، في تنفيذ سافر لمؤامرة إقليمية تقودها عمائم الملالي في طهران، التي تبجّح بعض قادة الحرس الثوري، وتباهوا بسقوط عاصمة عربية رابعة في حظيرة ثورتهم الخمينية، بعد بيروت وبغداد ودمشق، مشيرين إلى أحقيتهم في فرض سلطة الأمر الواقع دون أي التفات لعدم مشروعية هذه المغامرة الصبيانية، في إطار مشروع إيراني لم يكن في حسبانه أبداً، أن "عاصفة" يُمكن أن تهبَّ عليهم فتقتلع أوتاد مشروعهم الذين عملوا عليه طيلة أكثر من ثلاثين عاماً، وترميه في مزبلة التاريخ.

عاصفةُ حزمٍ، قادتها المملكة بشجاعة، مع تحالف عربي وإسلامي واسع، تمكنت من نسف المشروع الإيراني، واقتلعته من جذوره الأساسية، ونجحت في أن تُعيد لليمن وجهه العربي الأصيل مرة أخرى، بعد فترة حالكة السواد، حاولت فيها المليشيات والجماعات الإرهابية، أن ترهنه عبر العديد من الأذرع العميلة، لأجندة الملالي، وها هي الآن وبعد أن كانت تتبجح بتبعيتها لطهران، عادت تتسول وقفاً للحرب مقابل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن.

عاصفة عام واحد فقط من العزم والحزم، كشفت بوضوح عن كل الوجوه القميئة، ليس في شبه جزيرة العرب فقط، ولكن في المحيط الإقليمي الذي رأينا فيه سقوط العديد من الأذرع والفصائل والتكتلات التي صدّعت رؤوسنا بشعارات المقاومة والتصدي، ولكنها بالأساس مجرد أقنعة مزيفة في أجندة فارسية وتآمرية.

بعد عام واحد من الحزم، تأكد للجميع أن "الحوثية" كفكرة كهنوتية وسياسية، استسلمت تماماً، وأنها خلال هذا العام وحده باتت مجرَّد عصابة من قطّاع الطرق كل ما نجحت فيه هو أن تكون أداةً في مخطط فارسي، تهاوى تحت ضربات قوات التحالف السعودي والعربي والإسلامي، وأن المملكة استطاعت قلب الموازين الاستراتيجية في الساحات الخلفية للصراع، وبرزت كقوّة يُحسب لها ألف حساب.