سليمان العيدي

أمر خادم الحرمين الشريفين بإنشاء الجسر البري الذي يربط السعودية بمصر، سيكون له الأثر الكبير في تنمية الاقتصاد وحركة التجارة بين البلدين، بل بين القارتين الآسيوية والإفريقية

زيارة استثنائية تلك التي رحبت فيها مصر بقائد عربي مسلم يجدد فيها خادم الحرمين الشريفين مشوار العلاقة الحميمة التي سطرها التاريخ لهذين البلدين العريقين في الحضارة والروح الإيجابية اللتين خدمت بهما الأمة العربية على مدى تأسيس الدولة السعودية وقيام جمهورية مصر العربية حبا متبادلا على مدى السنوات التي لا ينساها أبناء البلدين، وعندما نرجع إلى ملف العلاقة والصداقة يتبادر إلى الذهن العربي كيف تكن أرض الكنانة حبا لا يماثله حب لشعب بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، وخصوصا عندما نسمع هذا الصوت من جميع كبار السن بعد أداء فريضة الحج وزيارة مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنا جيت من أرض الحرمين يا حاج، هذا العمق الإيماني هو أول علاقة تربط المملكة بمصر الشقيقة، وهو البعد الديني الذي يحمله كل مواطن مصري للسعودية، وتبادله المملكة حبها لشعب أعلن دعمه على مدى التاريخ بأنه مع المملكة، إذ لا ننسى موقفه في دول التحالف في أزمة الخليج ومشاركة دول التحالف في حرب الحوثيين، ودخولهم في التحالف العسكري الإسلامي، كل هذا يدل على وحدة الهدف، وأن المملكة ومصر في خندق واحد، وقد سبقت ذلك المملكة بوقوفها إلى جانب مصر عندما تعرضت للعدوان الثلاثي 1956م، والقرار التاريخي الذي لا ينسى للملك فيصل رحمه الله في حرب أكتوبر عام 1973م بقطع البترول عن الغرب والدول المساندة لإسرائيل، وموقف الملك عبدالله ـ رحمه الله ـ الذي وقف مع مصر في 30 يونيو 2013م، ودعمه لمصر الذي غير الموقف الدولي حتى رست سفينة الأمان في مصر بعد أن كادت تختطف لولا توفيق الله وهمة المملكة التي تدرك بلا شك العمق الأخوي والإستراتيجي بين البلدين، إن مواقف البلدين المشتركة هي ما أوضحه البيان المشترك الذي صدر في أعقاب الزيارة الرسمية التي قام بها الملك سلمان للشقيقة مصر، وأمضى فيها ليالي كانت تنمية مستدامة لشعب 90 مليون نسمة، وقال الرئيس المصري في بدايتها مرحبا بالملك سلمان تحية ترحيب من 90 مليون مصري بمقدمكم أيها الملك الذي تكن له مصر وشعبها التقدير والاحترام وانتظار هذه الزيارة حتى تحققت اليوم ولله الحمد، لقد أثمرت هذه الزيارة عن توقيع اتفاقيات تجاوزت أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم، في مقدمتها التعاون الاقتصادي والاستثماري لدعم اقتصاد مصر وتحول السعودية إلى ممول استثماري يعود خيره على مصر الشقيقة وشعبها، والتي يشرف عليها مجلس التنسيق السعودي المصري برئاسة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أخرج هذه الملفات إلى حيز التنفيذ، إذ جاء أمر خادم الحرمين الشريفين ـ وفقه الله ـ بإنشاء الجسر البري الذي يربط السعودية بمصر، وسيكون له الأثر الكبير في تنمية الاقتصاد وحركة التجارة بين البلدين بل بين القارتين الآسيوية والإفريقية، وهذا ما تترقبه شعوب المنطقة، إننا اليوم ونحن نقرأ في البيان الختامي للزيارة الرسمية للملك سلمان إلى مصر نجد عدة ملامح، هي بالتأكيد جاءت بناء على الرغبة الأكيدة لتحقيق مصالح الشعبين الشقيقين والنهوض بالتنمية في مصر الكنانة والحضارة، لقد حرصت المملكة على تقديم كل هذه الاتفاقيات شعورا بأن أبرز ملف يجب الاهتمام به هو توحيد وجهات النظر فيما بينهما في توحيد القوة العربية التي تتزعمها المملكة ومصر، إذ تمثلان قوة ردع مشتركة لأي اعتداء لا قدر الله، والتأكيد أيضا على تحقيق طموحات الشعبين بدفع التنمية التي جاء من أهمها بناء هذا الجسر المرتقب وتوفير الطاقة لمصر واحتياجها من الكهرباء وإبراز التبادل التجاري بفتح الشراكة بين رجال الأعمال في البلدين للرفع من مستوى الاقتصاد في مرحلة ما بعد النفط، كما أسهمت هذه الزيارة في الدفع بمستوى التعليم في مصر بإنشاء جامعة الملك سلمان في سيناء وإعطاء البعد الإعلامي والثقافي لكلا البلدين حصة من هذه الاتفاقيات التي وقعت خلال هذه الزيارة، مع أنني متأكد أن الموقف المشترك الذي يحمله الملك سلمان والرئيس السيسي تجاه قضايا الأمة الإسلامية بلا شك حاضر وهما يشاركان في القمة الإسلامية بتركيا لتوحيد الموقف تجاه أي قرار تراه القمة الإسلامية مناسبا لعودة الهدوء إلى المنطقة وإبعادها عن بؤر الصراع، وتجنيب المنطقة كل مزلق يكيده أعداء شعوب المنطقة، فالمملكة ومصر ينشدان السلام والاستقرار في العالم كله، وهذا ما يؤكد عليه البلدان في كل مناسبة، وخصوصا في ختام هذه الزيارة المباركة لمصر.

&

&