&&خالد رحموني

&من أركان الوطنية المغربية: بناء ديمقراطي وحكم ذاتي في الصحراء.

&يستطيع أي مراقب سياسي يتابع الشأن الوطني أن يدرك –بلا مواربة-وبوضوح تام ..تصاعد الحالة الوطنية وارتقائها، ونموّها بطريقة إيجابية ومتنامية، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلدنا في سياق مستجدات المنطقة والإقليم، رغم التطورات السياسية التي تدعو إلى الإحباط والقتامة وانسداد الافق.

&حيث أن الحوادث المؤلمة استطاعت أن تحفز المغاربة بمختلف حساسياتهم ومواقعهم نحو مزيد من التماسك الوطني والارتباط بالوطنية الصادقة وفي مركزها قضية الوحدة الوطنية واستكمال معركة التحرير الوطني وبناء الديمقراطية، ونحو مزيد من التمسك بالدولة ومؤسساتها ورموزها ومؤسساتها بوصفها منجزاً شعبياً وطنياً وديمقراطيا، يستحق الانتماء العميق والالتفاف القوي الذي يبني ولا يهدم، ويعزز ولا يضعف، ويتقدم ولا يتأخر، يتشارك ولا يستأثر، يهندس الجهد الجماعي ولا يشتت، يوفي بالعهود و لا ينتهز الفرص .

&الخطاب السياسي المواكب للمرحلة والذي أنتجته المؤسسة الملكية حول قضية الصحراء المغربية، وبصدد التطورات الحاسمة الاخيرة-بالاضافة إلى عناصر أخرى ساهمت في تعزيز النموذج المغربي المبني على الاصلاح في إطار الاستقرار- إن ذلك الخطاب القوي لملك البلاد حول القضية الوطنية في افتتاح القمة المغربية الخليجية، وتبعا لذلك وفي ذات النسق خطاب رئيس الحكومة داخل المجلس الحكومي، وتفاعل مجمل الطبقة السياسية.&

كل ذلك الحضور الصارم للصحراء في الوعي المبكر للمغاربة ونخبتهم القائدة، والانحياز الاكيد للقضية الوطنية بلا أدنى مساومة أو إبطاء، بنخوة وإرادية غير مترددة، أسهم بقوة في التماسك الشعبي الوطني، ومكن البلد من تعزيز عناصر القوة الداخلية لجبهتنا المنيعة، وليس العكس، وهذا مما زاد في تعزيز وحدتهم وصلابتهم في عملية المواجهة مع خطر التقسيم ومحاولات الافشال والارباك والاختراق و الإرهاب والنكوص والتطرف الانفصالي، وليس كما توقع من أشرف على حرق جسور التفاوض والتحاور لحل النزاع في إطار التسوية الاممية في طريقة تختزن الكثير من عناصر الاستفزاز.

&حيث أراد ذلك البعض من الاطراف الاقليمية وحتى الدولية –ذات الصلة، والتي تلبست بالمنظمة الاممية- أن ينالوا من عزيمة المغاربة وأن يفرضوا الشروط بغاية الاذعان، لقد حاولوا أن يثيروا الهلع والخوف في نفوس الشعب بغاية التخويف من الخطوات الارادية التي ينهجها المغرب في استكمال وحدة ترابه وتجسيد كامل سيادته على كامل رقعة وطنه، كما أن تماسك الجبهة الداخلية على أرضية الاختيار الديمقراطي وقوة المؤسسات وبسط الحريات العامة والتقدم في مجال الحقوق والاصلاحات...كل تلك عوامل أسهمت بشكل إضافي في قوة الترابط والتلاحم بين المغاربة من مختلف مواقعهم، مما أثمر تصاعدا في استعدة تحريك وإنعاش الروح الوطنية إلى مستويات قياسية أكثر من أي وقت مضى.

&إن العلاقة يربطها الجدل بين قوة التحدي في المرحلة بصدد تطورات القضية الوطنية، وبين قوة الاستجابة وحماسة التقدير والانبعاث في الدفاع العقلاني والمجابهة السياسية مع القوى والاطراف الدولية والاقليمية التي تستثمر في أطروحات التفكيك والتفتيت والتشكيك في نجاعة الطرح المغربي المبني على مقترح الحكم الذاتي.

&إن تصاعد الحالة الوطنية انعكس إيجابا على الخطاب السياسي بوضوح لدى مجمل الأحزاب السياسية والقوى السياسية المختلفة بحرية تامة والتزام صارم بمنطق المرحلة واستجابة فورية لداعي نداء الوطن بحثا عن تملك القضية، فهي قضية شعب لا مسألة قصر أو نخبة حكم.&

وهذا ما جعل بعض تلك القوى يبادر للاسهام في الانتصار ، حيث أنها أصبحت أكثر جرأة في محاولة الانتقال من مربعات التبعية في الطرح والانعتاق من حالة البؤس التي عاشتها في مراحل سابقة وكانت تحاول جهدها في بث ثقافة الالحاق السياسي والارتباط الميكانيكي مع السلطة وتوجيهاتها، إلى المبادرة غير الكسولة المغادرة لمنطق الانتظارية التي عمرت طويلا وساهمت في قتل السياسة وفي نهج التبعية في الموقف إزاء التدبير الاحتكاري للسلطة لملف حساس حيوي ومصيري،

&لقد كان الخطاب حاسما وصريحا ، ان المغرب بلد له سيادة وسياسة إرادية، وهو ليس محمية أحد، ولا يعمل تحت ضغط شعارات عامة فضفاضة نابعة من زمن مضى وانطوى ارتبط بفترة الحرب الباردة والتي تنهل من قاموسها الحدي، المغرب وفق الخطاب التقريري الذي أسس لخطاب ملك البلاد في القمة، وهو سيناهض سياسيا من يحاول أن يجعله ساحة وملعباً للعبة دولية تراهن على التفتيت، أو ينمط ارتباطه لقوى خارجية.&

لكن المؤسف حقا أن تكون المنهجية السياسية لبعض القوى السياسية التقليدية-في المحيط السياسي- قائمة على فكرة إضعاف فكرة الدولة، وإضعاف مؤسساتها الدستورية، وخلخلة الحالة الوطنية، وكان يسوءها أي انتصار للنموذج المغربي في الاصلاح، ويسرها في الوقت نفسه أي محاولة عبث أو اختراق للالتحام الوطني باسم الاستعمال الدعئي والانتهازي للملف الحقوقي لتفجير الحالة الوطنية الفريدة المبنية على الحرية والالتزام معا، ولذلك تجدهم يجدون ويجتهدون وتناورون ويركبون خطابات التضليل والزيف والتضخيم والتضبيب ، ويبحثون عن الأخبار السيئة ويعملون على إبراز نقاط الضعف التي تشل من العزيمة العامة وتوهن الارادة العامة، وتقلل من حالة التماسك الوطني في هته اللحخظة النضالية الوطنية بامتياز، ويتبعون بشكل دائم عملية التشكيك والنخر في الجدار الوطني، وركوب منطق اللعب بالنار وإثارة الشعور الديني والوطني الجامع ويستعملون استحقاقات القضية الوطنية لابتزاز الدولة ومحجاولة إخضاعها.

&وهنا لا مجال للقول اذهب أنت وربك، بل المجال هو لأداء الواجب النضالي الوطني، المؤسس على الوفاء بالواجب وبذل الجهد الوطني اللازم لربح رهان قضية الصحراء المغربية في هذا المنعطف الحاسم .&

الظروف القائمة التي تحيط من كل جانب، والأخطار المحدقة التي تهدد نموذجنا الوطني- الذي حقق إشعاعا وجسد نجاعة وغدا مصدر إلهام-تحتم على الفرقاء والعقلاء وكل المهتمين في الشأن السياسي أن يعمدوا إلى تقديم أولوية الوحدة الوطنية المدعمة للتماسك الداخلي والمؤيد بالبناء الديمقراطي ، تقديمها على كل الأولويات الأخرى، وأن يعمدوا إلى تبني خطاب سياسي مختلف، يدعو إلى الالتفاف حول رموز الدولة الوطنية ومؤسساتها الديمقراطية ، وكذلك ضرورة الدعوة إلى وحدة الرؤية والهدف في الحد الادنى، والمساهمة في انتاج الاستراتيجية الكبرى على مستوى الوطن ، مع توحيد الجهود ورص الخطى في مواجهة الظروف الحرجة والأخطار السوداء التي تلف المكان كلهوتوجه حركة القوى الدولية في الاقليم وتريد أن تجعلنا مساحة مستباحة في لعبة الامم.

&إن هذا مقدم على المكاسب الحزبية والفئوية والشخصية، ومقدم على الخلافات في الرؤى والسياسات الداخلية.&

نحن بحاجة ماسة إلى الشروع في تشكيل الحالة الوطنية الصلبة القوية، نحن مطالبون بتدعيم أركان النموذج الانتقالي وبناء المؤسسات الديمقراطية بلا رجعة، وبناء الأطر السياسية التي تسهم في إتمام بناء الدولة القادرة القوية التي لها موقع في العالم، التي تقوم على حشد طاقات أبنائها في مسار سياسي حكيم ومتزن يحفظ مستقبل الأجيال، ويتجاوز كل الحالات غير المقبولة التي تضعف النسيج الوطني وتقلل إمكانيات النهوض والتقدم الجمعي.