&بينة الملحم

&إن كان ثمة درس سياسي عظيم تعلّمته واشنطن في ضوء الست مبادرات التي أسفرت عنها قمة الرياض الخليجية الأميركية بقيادة الرياض أن السياسة السعودية ليست فن الممكن كما هو دارج؛ وإنما فن إيجاد أكثر من ممكن ومن ثم الاختيار فيما بينها!

من جميل التحليلات ما كتبه الأستاذ سلمان الدوسري: «الجيد في خضم الجدل بشأن العلاقات الخليجية الأميركية أن دول الخليج شبّت عن الطوق ولم تعد تعتمد اعتماداً كلياً على واشنطن. اللافت أن العقدة لا تزال في منشار إدارة الرئيس أوباما ولم تستطع فكّها، باعتقادها أن أي قلق أو تحذير خليجي من الدور الإيراني في المنطقة، يعني الاستنجاد لمواجهة نظام طهران، وهذه خطيئة كبرى ترتكبها واشنطن وتكررها وتصر عليها، فكل ما تريده الدول الخليجية عدم مكافأة طهران على إرهابها الذي تعترف به الولايات المتحدة نفسها، كما أن ما يغضب الدول الخليجية أن الإدارة الأميركية تغض الطرف عن إشكالية أن إيران تقوض، وبشكل مباشر، مصالح الولايات المتحدة وحلفائها بالشرق الأوسط، لذلك لن ننتظر استقراًرا بالمنطقة، أبدا ما دامت شبكة الميليشيا الإيرانية لا يتم التعاطي معها بشكل يتوازى مع سياسة الحرب ضد الإرهاب».

إيران لم تلقِ بالاً للمعايير الدولية حتى في الخصومة؛ ذلك أن الخصومة ربما تحكمها المصالح أو السياسات، وتصلح الأيام والأجواء والرياح المستجدة تلك الخصومات على قاعدة: «السياسة فن الممكن». لكن إيران دخلت بمحاولة الاستهداف بأسلوب خارج كل الأطر السياسية المعمول بها في العالم الحديث.

لقد كان لفشل أمىركا بالموضوع السوري أكبر انتصار للإيرانيين، لأنهم يريدون مسك العالم مع الجراح التي تنزف. إيران لا تبالي بالأوضاع الإنسانية وهي تضرب يميناً وشمالاً ويدها غارقة بالدم منذ تدخلها في العراق، وإلى أن زجت بحزب الله والحرس الثوري لإدارة المعارك في سورية.

من عجائب السياسة الأميركية الحالية نزوعها إلى الانكماش بدلاً من الانتشار والتأثير. وأوباما الغارق بنظرياته الثقافية ومثل القانون ومثُل المحاماة لم يكن على وتيرةٍ واحدةٍ أبداً. تارةً يهدد بضرب سورية حتى من دون موافقة الكونغرس، وتارة أخرى يحيله إليها، وتاراتٍ أخرى لا ينوي أصلاً توجيه ضربة إلى النظام السوري، هذا التنازع بين المواقف بين التصعيد والبرود، بين الوتيرة العالية والوتيرة الهادئة إنما يبين مدى التخبط لدى الإدارة الأميركية وتحديداً أوباما الذي لا يريد كما يقول أن ينقض وعده الذي انتخب على أساسه وهو عدم الخوض بالحروب التي تجري في مختلف المناطق، والتركيز على الشأن الأميركي الداخلي بعيداً عن المشكلات التي تحدث في أصقاع الأرض.

تذكرت ما كتبه جون ماكين وليندسي غراهام، النائبان الجمهوريان بالكونغرس الأميركي- أن الرئيس الأميركي باراك أوباما فشل فشلاً ذريعاً فى سياساته فى منطقة الشرق الأوسط، وفقدَ مصداقية بلاده فى هذه المنطقة، وعرّض المصالح الأميركية للخطر، وذلك في مقال لهما أوردته صحيفة «واشنطن بوست» وذكرا أنه ينبغي على كل أميركي أن يكون على دراية كافية بالتقارير الإخبارية التى تشير إلى تخلي إدارة أوباما عن دور القيادة فى منطقة الشرق الأوسط وعواقبه الخطيرة على مصالح الأمن القومي الأميركي.

وقالا في المقال المشترك: «يبدو أن علاقة أميركا بالسعودية تتدهور بشكل سريع على حساب مصالح الأمن القومى للولايات المتحدة، والمثال الأكثر وضوحاً على هذا التدهور هو قرار السعودية الأخير برفض مقعد مجلس الأمن، ووفقاً لما قاله رئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان، كان هذا القرار موجهاً إلى أميركا وليس الأمم المتحدة».

لعل قمة الرياض الخليجية وما أسفرت عنه من دلالات في العلاقات السعودية الخليجية والأميركية عكست إفاقة الأميركي ومراجعة ملفات حلفائه الثابت منهم والمتحرّك!

وللحديث بقية..