&&سمير عطا الله&&

كان «عرب الاعتدال»، أو الأكثرية الساحقة من الدول العربية، حلفاء طبيعيين للولايات المتحدة، سواء في العلاقات المشتركة، أو في الموقف من الصراعات الدولية. أمنوا لها الطاقة، ونظموا أسعار النفط ضمن «أوبك»، وقدموا لها القواعد البرية والبحرية في قطر والبحرين. وانحازت مصر، كبرى هذه الدول، كليًا إلى جانب واشنطن مبعدة السوفيات من أهم معقل استراتيجي لهم خارج الاتحاد. والتقت المصلحة العربية والأميركية معًا في تحرير الكويت والحؤول دون ضرب النظام النفطي الدولي.

من المغرب إلى مصر، ومن السعودية إلى الأردن، تجاوزت المنظومة العربية الهجمات والحملات عليها من أجل الحفاظ على انسجام دورة النظام العالمي في تفاهم شبه كلّي مع أميركا. لم تخفها أو تغريها تهديدات أو إغراءات السوفيات، ولا أخافتها فيما بعد تهديدات أو سياسات إيران.

العامل الأساسي في استمرار الموقف العربي العام، كان المبدأ وعدم النكوص بالعهود، طبعًا إلى جانب مجموعة المصالح القائمة، وإلى التخوف العربي من الشيوعية. لم يتعرض هذا الهرم من العلاقات والشراكة إلى أي خلل استراتيجي مفصلي إلا مع باراك أوباما: أولا، في نفض اليد من القضية الفلسطينية حتى كبيانٍ رتيبٍ على لسان الناطق باسم البيت الأبيض. وثانيًا، في التدخل المعلن غير المسبوق، في شؤون مصر وهي في محنة وجودية. وثالثًا، في معاملة مجلس التعاون كهيئة غريبة لا دخل لها ولا أهمية، في تحول واشنطن نحو إيران، مرفقًا بمدائح الرئيس للبرغماتية الإيرانية والتعثر العربي!

الانهيار الهيكلي الذي ألحقه أوباما في العلاقة العربية الأميركية، حاول أن يُرممه بمجاملات عادية لا ترمم شيئا. وحتى اللغة الدبلوماسية المألوفة تخلى عنها في عرضه لمبدئه الشهير، وخلاصته أنه ليس للعرب أن يلوموا أحدا سوى أنفسهم.

لم يخذل أوباما خصوم أميركا في العالم العربي، بل حلفاءها. وطاف يبحث عن مراضاة روسيا وإيران والعراق. ولدولة مثل أميركا الحق في البحث عن الصداقات الجديدة في أي مكان، لكن لا يليق أن يتم ذلك على حساب أمن وسلامة الصداقات السابقة.

&

&

&