مع اقتراب موعد الانتخابات لاختيار عمدة جديد للعاصمة البريطانية لندن، في الخامس من مايو (أيار) المقبل، خلفا للعمدة الحالي بوريس جونسون، أكد المرشح عن حزب العمال صديق خان أنه يعتزم مراقبة مواقع التواصل لمواجهة التطرف وتعزيز الأمن في مناطق الأقليات.

وقال خان (الباكستاني الأصل) الذي يتقدم المرشحين لنيل المنصب، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنه «أصبح الآن من الممكن اجتذاب الأفكار المتطرقة في المنازل عبر مواقع التواصل الاجتماعي»، وتعهد خان بإغلاق تلك المواقع التي تعزز الأفكار الإرهابية، وأشار إلى أنه ينوي إجراء مراجعة لجميع خدمات الطوارئ للتعرف على أنماط الإجابة المتوافرة للهجمات الإرهابية، كأول شيء يقوم به بعد تنصيبه.

ويحاول حزب المحافظين حاليا جاهدا ربط المرشح العمالي المسلم بالمتشددين، بهدف مساعدة مرشحهم زاك غولدسميث على الفوز بانتخابات عمدة لندن الأسبوع المقبل. وأكد خان أن «حملة المحافظ غولدسميث تسير إلى الأسوأ، حيث يقضي كل وقته على التحدث عني. ولكن القضية التي لم تأخذها حملته في اعتبارها أن سكان لندن يحترمون بعضهم بغض النظر عن دياناتهم أو الخلفية العرقية»، وتابع بالقول: «غولدسميث يسعى لتقسيم المجتمع اللندني.. وأعتقد أنهم لن يسمحوا له بذلك»..

وفي مايلي نص الحوار:

* تعهدت بالحفاظ على لندن من الهجمات الإرهابية.. التي ضربت بروكسل وباريس.. ما هي الحلول التي تقترحها؟

- عايشت هجمات 7 يوليو (تموز) التي عصفت بلندن عام 2005. وشاهدنا جميعًا الهجمات المروعة التي ضربت باريس وبروكسل والتي من الممكن أن تتكرر هنا في لندن. ومن بين المهام التي يتعين على أي عمدة القيام بها إبقاء مدينته آمنة، وتولي مسؤولية إدارة جهاز الشرطة. وعليه، فإن أول ما أنوي عمله هو إجراء مراجعة لجميع خدمات الطوارئ للتعرف على أنماط الإجابة المتوافرة للهجمات الإرهابية. أيضًا، سأحرص على إلقاء نظرة على روابط الاتصال بين وسائل النقل في لندن وخدمات الطوارئ، وكيف يمكننا الاستجابة لنمط الهجمات الإرهابية الذي شهدته أوروبا أو مومباي والذي دفع الإرهابيين للانطلاق في الشوارع مذعورين. وسأعمل على التأكد من أن كل شيء تحت سيطرتنا.

* من السهل الآن تجنيد الإرهابيين لتنفيذ الهجمات بواسطة عناصر من داخل البلد كيف ترون هذا الأمر؟

- من المهم الانتباه إلى أنه الآن أصبح من الممكن اجتذاب الأفكار المتطرقة في المنازل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه لم تعد هناك حاجة لمقابلة آخرين وجهًا لوجه كي يتعرض المرء للملاحقة وغيره. ودعونا ننظر للمثال الخاص بالفتيات اللندنيات الثلاث اللائي تركن منازلهن وفررن إلى سوريا العام الماضي. لقد جرى التأثير على فكرهن من داخل غرف نومهن.

سأتعهد بإغلاق المواقع الإلكترونية التي تعزز الأفكار الإرهابية، وسأتواصل مع الشركات الموفرة للخدمة الإلكترونية كي تفعل هذا. وقد اتخذ موقع «تويتر» إجراءات إيجابية على هذا الصعيد. كما أن علينا إعادة التواصل بين الشرطة وأبناء الضواحي والأحياء. وعندما تتحدث إلى خبراء بمجال مكافحة الإرهاب، يخبرونك أن أحد مصادر المعلومات التي تساعد الشرطة على التصدي للإرهاب قبل وقوعه هو المجتمع المحيط.

وعليه، فإنه عندما يفقد جمهور المواطنين ثقته بالشرطة تظهر حينها مشكلة كبيرة وتعجز الشرطة عن الحصول على معلومات قيمة. في الواقع، إنني أؤمن بأهمية مشاركة المواطنين طواعية في الجهود الشرطية.

وفيما يخص السبل الأخرى للتصدي للتطرف، ينبغي أن نعزز النماذج التي تمثل قدوة حسنة بين صفوف المسلمين البريطانيين وإظهار أنهم أبلوا بلاءً حسنًا، وأن هذه البلاد لا تكرههم وأن بإمكانهم النجاح هنا مع الاحتفاظ بإيمانهم الديني. ويعتبر الاندماج أيضًا من العوامل المهمة. من جانبي، أرغب في التشجيع على مزيد من الاندماج وأن يكون لدى المرء أصدقاء من خلفيات مختلفة.

* هل تعتقد أن حكومة المملكة المتحدة بحاجة لبذل مزيد من الجهود لمعاونة المسلمين على الاندماج في المجتمع البريطاني؟

- من بين أول الإجراءات التي يتعين على الحكومة اتخاذها العمل على إصلاح «أجندة الوقاية» لديها، والتي تمثل عنصرًا من بين أربعة عناصر تقوم عليها الاستراتيجية الحكومية لمكافحة الإرهاب. من الواضح أن هذه الأجندة غير ناجحة ولا يشعر المواطنون بثقة حيالها.

فيما يخص قضية الاندماج، دعني أطرح مثالاً: أعتقد أنه ليس ثمة خطأ في أن يتعلم الأفراد الحديث بالإنجليزية، ولا ينبغي الشعور بالحرج حيال هذا لأنه السبيل الوحيد للحديث إلى الجيران والتقدم لطلب وظيفة والحديث لمدرسي أطفالك والاندماج داخل المجتمع البريطاني. من جانبها، قلصت الحكومة منذ بضع سنوات التمويل الموجه إلى الكليات التي تتولى تدريس الإنجليزية، ما اعتبره قرارًا خاطئًا. الآن، ينتقدون الأفراد الذين لا يتحدثون الإنجليزية. لذا، أعتقد أنه ينبغي العمل على تشجيع الأفراد على الحديث بالإنجليزية من خلال ضمان توافر كليات تنظم دورات مجانية لتعليم الإنجليزية.

* ما الذي يدفع سكان لندن من ذوي الأصول الشرق أوسطية للتصويت لصالحك؟

- سنعمل من أجلهم.. نعلم حب العرب والشرق أوسطيين للندن لأنها أعظم مدن العالم. وسكانها متسامحون إزاء بعضهم البعض يحترمون كذلك بعضهم بغض النظر عن دياناتهم، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودا أو هندوسا أو متقدمين بالعمر أو شباب أو أثرياء أو فقراء أو رجالا أو نساء - هذا أعظم ما يميز لندن حقًا.

لقد عملت لندن بمثابة بوابة كبرى على مدار ألف عام، وكانت منفتحة على التجارة والكثير من الأفكار، وأتمنى المضي قدمًا في هذا الطريق. وأريد ضمان تمتع أبناء لندن اليوم بالفرص التي نلتها عندما كنت أصغر سنًا. وأتذكر أنه في بضع مناسبات، أفطرت خلال رمضان داخل معبد يهودي - وهنا يكمن سبب عشق الكثير من أبناء الشرق الأوسط للندن.

ومع ذلك، تبقى هناك بعض التحديات داخل لندن، منها ارتفاع تكلفة السكن بالنسبة للكثير من أبنائها العاديين، من حيث الشراء والاستئجار، بجانب وجود مشكلات تتعلق بعمل الشرطة. كما ترغب الشركات التجارية في وجود عمدة إلى جانبهم يشجعهم على العمل. من جانبي، أرغب في الذهاب إلى الشرق الأوسط لتشجيع أصحاب الأعمال على الاستثمار في لندن.

وأرغب في أن أصبح عمدة لندن الذي «يجذب الاستثمار» إلى العاصمة في قطاع التكنولوجيا والعقارات والصناعة خصوصا من الشرق الأوسط، ولهذا السبب أنا أدعم البقاء في الاتحاد الأوروبي، فإن عدد سكان المملكة المتحدة هو 60 مليونا، وعدد سكان الاتحاد الأوروبي هو 500 مليون، وهذا يجذب الكثير من الأعمال والاستثمار إلى بريطانيا، لذلك أرغب في فتح الأعمال التجارية في لندن كبوابة للاتحاد الأوروبي.

* اتهمك غولدسميث (مرشح حزب المحافظين) والأطراف المؤيدة له بأنك مقرب من الجماعات المتطرفة في بريطانيا، وأنت «غير صالح» لتكون عمدة لندن، ما هي ردودك على هذه الادعاءات؟

- لدينا حملة إيجابية جدا، وتسير حملة غولدسميث إلى الأسوأ، حيث يقضي كل وقته على التحدث عني. ولكن القضية التي لم تأخذها حملة غولدسميث في اعتباره أن سكان لندن يحترمون بعضهم بغض النظر عن دياناتهم أو الخلفية العرقية. وأعتقد أيضا أن سكان لندن لن يسمحوا لغولدسميث أن يقسم مجتمعهم، وأنه يحاول ذلك، وبالتالي فإن إرسال حملته منشورات إلى الجالية السيخية، تدعي فيها بأن ممتلكاتهم الخاصة (المجوهراتهم) لن تكون آمنة إذا أصبح صديق خان عمدة. وإرسالهم منشورات إلى الجالية الهندوسية تظهر صورة غولدسميث مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. ويرغب سكان لندن، في عمدة يوحد المدينة، لا يقسمها.. ولدي أمل أن جميع سكان لندن سيصوتون لرئيس بلدية من شأنه أن يوحدهم جميعا.

* واجهت تهديدات بالقتل من متشددين مسلمين طيلة حياتك بسبب آرائك ووجهات نظرك السائدة، فهل تزايدت منذ أن رشحت نفسك في السباق الانتخابي لتولي منصب عمدة لندن؟

- الغالبية العظمى من سكان بريطانيا المسلمين رائعون في التعامل معي، وهناك أقلية طفيفة ذات آراء متعارضة، وعندما ترشحت للبرلمان كان هناك بعض المسلمين الذين كانوا يعتقدون بحرمة التصويت في الانتخابات، وهم قلة، ولكن هناك الكثير من المسلمين الذين يدركون أهمية المشاركة في الديمقراطية وفي المجتمع. إنني رجل متفائل لأنه بمرور الوقت يمكنك تغيير آراء الأشخاص، وهناك حقيقة في الحياة أن بعض الأشخاص لن تتغير مواقفهم، ولكن ينبغي علينا التأكد من أن أولئك الذين يشاركوننا وجهات النظر لن تتغير مواقفهم أيضا.

* في ظل الأيام المتبقية حتى يوم الاقتراع (الخميس المقبل)، ما هي أولويات حملتك الانتخابية؟

- من الأهمية القصوى للأشخاص أن يذهبوا للتصويت يوم الخميس المقبل، فبعض الأشخاص يقولون لي «إنك لست في حاجة إلى صوتي فسوف تنجح»، ولكن الحقيقة أن الفوارق ضئيلة للغاية.. وعليه فإن أي صوت يفرق.

بوريس جونسون (العمدة الحالي) كان يستند إلى مقولة تقول: إن الشعب يعتقد أن رؤساء البلديات لا يمكنهم فعل الكثير، ويعتقد أن وظيفة العمدة هي إلقاء بعض النكات المازحة، وقص بعض الشرائط، والمشي على البساط الأحمر، وهو ما يمكنني فعله. ومع ذلك، يملك رؤساء البلديات الصلاحيات لفعل الكثير، حيث يمكنهم حل أزمة الإسكان، ويمكنهم ضمان وجود نظام حديث للنقل والمواصلات وفي متناول الجميع، كما يمكنهم ضمان مواصلة الاستثمارات في المدينة ومساعدة الشركات على التوسع والنمو والازدهار، والمقدرة على تحسين الأمن من خلال الشرطة، وهذا هو السبب في أهمية التصويت في الانتخابات الأسبوع المقبل.

وهناك الكثير من المواطنين في لندن من أصول شرق أوسطية يحملون الجنسية البريطانية وينبغي عليهم الذهاب للتصويت يوم الخميس المقبل.

* إذا ما نجحت في الانتخابات وتوليت منصب العمدة، فهل ستتخذ خطوات جادة من أجل قضية بقاء بريطانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي؟

- نعم ومن دون شك، سأقضي الأسابيع الستة المتبقية بعد الانتخابات البلدية في تنظيم حملة بقاء البلاد ضمن عضوية الاتحاد الأوروبي، فهناك مكاسب اجتماعية وثقافية كبيرة بالنسبة لنا من خلال بقائنا ضمن عضوية الاتحاد، كما أشار إليها الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي في لندن من أننا سنحصل على فوائد اقتصادية وأمنية من داخل التكتل الأوروبي.

هناك أكثر من نصف مليون فرصة عمل في أوروبا، ونصف صادرات لندن تذهب إلى أوروبا، وأكثر من 60 في المائة من شركات العالم تتخذ من لندن مقرا لأعمالها. وإنني أسعى لأن أكون عمدة مؤيدا لقطاع الأعمال والشركات وذلك لأنني أريد للندن أن تحافظ على ريادتها العالمية في مجال المال والأعمال ومن أجل ذلك سأقود حملة لبقاء المملكة المتحدة ضمن عضوية الاتحاد الأوروبي.

&

&