&&محمود معروف&

&تبدي الأوساط المغربية مخاوفها من الموقف الأمريكي تجاه نزاع الصحراء الغربية، وتؤكد أن ما ورد في خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس في قمة الخليج – المغرب التي عقدت الأسبوع الماضي في الرياض، رسالة واضحة عن الإنزعاج المغربي من التحركات الأمريكية في مجلس الأمن الدولي.

وتقول هذه الأوساط إن سياسة جديدة يذهب بها المغرب سريعا بتقوية علاقاته السياسية والاقتصادية مع روسيا والصين ودول الخليج التي تعاني من «جحود أمريكي» لإشعار واشنطن بأنها ليست خيارا وحيدا لعلاقات المغرب.

وعلى غرار السنوات الماضية تولت الولايات المتحدة الأمريكية إعداد مسودة مشروع القرار الجديد الذي يصدره مجلس الأمن الدولي اليوم السبت حول النزاع الصحراوي، وضمنته الضغط على المغرب لاعادة الموظفين المدنيين ببعثة الأمم المتحدة بالصحراء (مينورسيو) الذين طردهم في بداية اذار/ مارس الماضي احتجاجا على تصريحات للأمين العام للأمم المتحدة وصف فيها بـ»الاحتلال» استعادة المغرب للصحراء من اسبانيا.

ويعقد أعضاء مجلس الأمن الدولي الـ 15 جلسة الجمعة (امس) للتصويت على المسودة الأمريكية الجديدة التي طرحتها واشنطن، مساء الخميس، بخصوص الملف بعد التوافق بين أمريكا، صاحب المسودة، وفرنسا الحليف التقليدي للمغرب في مجلس الأمن، حول الصيغة الجديدة للمسودة، و التي تقضي باستعادة عاجلة «لكامل وظائف» بعثة المينورسو في الصحراء، و أن يقدم بان كي مون تقريرا إلى مجلس الأمن في غضون 90 يوما، بشأن التقيد بمطالب مجلس الأمن.

وجاء التوافق على «90 يوما»، بدل 60 يوما التي اقترحتها المسودة الأمريكية التي قدمت لأعضاء مجلس الأمن الأربعاء الماضي، و 120 يوما التي اقترحتها فرنسا قبل يومين.

واعتبرت أمريكا، وبعض مناصري مسودتها في مجلس الأمن أن مهلة 120 يوما التي اقترحتها فرنسا لتقييم تقيد المغرب بمطالب المجلس، تعتبر فترة زمنية طويلة، في الوقت الذي اعتبرت فرنسا والسنغال أن مهلة 60 يوما تعبر مهلة غير كافية، قبل أن يحصل توافق في وجهات نظر الطرفين و الاستقرار على مهلة 90 يوما.

وأعلن مساعد سكرتير الدولة الأمريكي، أنطوني بلينكين، خلال جلسة استماع بالكونغرس، أول أمس الخميس أن الولايات المتحدة تعمل من أجل أن يستجيب القرار المنتظر لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول المينورسو «لانشغالات المغرب».

وقالت وكالة الأنباء المغربية إن الرجل الثاني في الخارجية الأمريكية، أكد على «أننا نعمل من أجل أن يستجيب القرار (حول المينورسو) لانشغالات المغرب. ونريد أن نصل إلى هذا الأمر»، و»يمكنني أن أؤكد لكم أننا نتقاسم التزاما مشتركا لفائدة علاقاتنا مع المغرب».

وشدد على أن المغرب يعد «أحد شركائنا المقربين جدا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبدون شك في العالم».

ونددت الحكومة المغربية، بـ«المواقف والمعطيات» التي جاء بها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، حول الصحراء، مستبقة صدور قرار مجلس الأمن حول الإقليم، معبرةً عن رفضها لما وصفته بـ»المناورات التي تسعى إلى المس بشرعية وجودها في الصحراء». وكان الأمين العام للأمم المتحدة، حذر من تزايد «خطر التصعيد إلى حرب شاملة»، في حال اضطرت البعثة الأممية في إقليم الصحراء (مينورسو)، إلى المغادرة.

واقترح في تقرير قدمه، صباح الثلاثاء قبل الماضي، إلى مجلس الأمن، بخصوص ملف الصحراء، على مجلس الأمن الموافقة على نشر 14 عنصرا إضافيا من العاملين العسكريين والطبيين في الأقاليم.

وقال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، إن «مجلس الحكومة عبر عن تنديده بما جاء من معطيات ومواقف في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وسنعود في الوقت المناسب لتقديم مختلف الملاحظات والمواقف حول سياق ومضمون هذا التقرير».

وأوضح المسؤول المغربي أن حكومة بلاده «قيّمت مسودة القرار المعروض في مجلس الأمن، والذي لا زال قيد الدراسة والتفاوض بين الأعضاء وموقف المغرب النهائي سيكون عندما يصبح قرارا رسميا».

وأكد تجنب المغرب لـ»مواجهة المناورات التي تستهدف المغرب وتسعى إلى المس بشرعية وجوده في صحرائه، وإضعاف مقترح الحكم الذاتي، أو إلى التمهيد لتشجيع خيارات الانفصال والتقسيم والتجزئة». وقال إن «حقوق المغرب المشروعة والتاريخية والواقعية والقانونية في الصحراء «لا يمكن أن تكون محط مساومة أو استهداف».

وشدد الوزير المغربي على أن «الجبهة الداخلية للمغرب ملتفة وراء الملك محمد السادس في مواجهة أي استهداف وأن التماسك الداخلي للمغرب هو صمام الأمان في مواجهة استهدافات، فهو تماسك مبني على إجماع شعب».

وقال عبد الصمد بلكبير، الباحث المغربي أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت دائما صديقا لمصالحها سواء في المغرب أو في أي مكان في العالم، ومن الغباء السياسي و الديبوماسي اعتبار أي نظام امبريالي صديقا أو حليفا في السياسة.

وأكد الباحث والأستاذ الجامعي، أن الولايات المتحدة الأمريكية مستمرة في تنفذ مخطط قديم/ جديد يروم تفكيك ما يمكن تفكيه خدمة لمصالحها، وأن المغرب يدخل في هذا المخطط، حيث ساهمت بشكل كبير في خلق مشكل الصحراء عن طريق «لاعبها» في المنطقة، في إشارة لاسبانيا، إضافة إلى اللعب على وتر «التعددية اللغوية» في المغرب، خصوصا المكون الأمازيغي، مثلما لعبت على وتر «الطائفية» في سوريا والعراق.

وقال إن خطاب الملك في القمة الخليجية الأمريكية كان ذكيا باتخاده قرارات جريئة وشجاعة بتنويع الشركاء والحلفاء، متسائلا : إلى أي حد يمكن أن يذهب المغرب في إستراتيجيته الجديدة مع كل من روسيا والصين؟.

وأضاف بلكبير أن سيادة القرار المغربي في كل القضايا التي تهم الشعب المغربي رهينة بالديمقراطية الداخلية، بواسطة إقرار دستور شعبي نابع من إرادة الشعب المغربي وبرلمان قوي وحكومة وطنية مناضلة غير خاضعة لإملاءات الامبريالية العالمية و المؤسسات المانحة، وخادمة لمصلحة الشعب المغربي وقضاياه الوطنية بالدرجة الأولى.