&&سمير عطا الله&&

تداخلت الصحافة في الأدب وفي السياسة حتى تلازم الثلاثة وصار كل منهم بوابة الآخر. في مصر ظل عباس محمود العقاد في شغفه الأول رغم دخول البرلمان، ورغم أنه أصبح أحد شيوخ الأدب. وظلت الصحافة منبر طه حسين رغم الوزارة وعمدة الأدب العربي. الوحيد الذي رفض المناصب السياسية، معتبرًا أن الصحافة أكثر أهمية هو محمد حسنين هيكل.

في لبنان جاء شارل حلو إلى السياسة والرئاسة من الصحافة (بالفرنسية)، لكن بعد ترك القصر الجمهوري عاد إلى حبه الأول، يكتب مقالاً يوميًا في «الأوريان لوجور» ما بين السياسة والأدب والفكر. ومزج غسان تويني دومًا الصحافة والسياسة نائبًا ووزيرًا وسفيرًا. وحاول سعيد فريحة دخول البرلمان غير مرة دون توفيق. وبعد رئاسة الوزراء، حاول الدكتور عبد الله اليافي حفظ موقعه السياسي بإصدار صحيفة «السياسة» اليومية، ولم تدم. وكان كمال جنبلاط يكتب افتتاحية صحيفته «الأنباء» ويكتب الشعر ويقاتل.

معظم الأحزاب اللبنانية أنشأت صحيفة لها، وجميع الصحف الحزبية بقيت محدودة النجاح. كبار الشعراء والأدباء إما أنشأوا صحفهم مثل الأخطل الصغير، وإما امتهنوا الصحافة مثل سعيد عقل. وجميعهم دقوا أبواب السياسة.

الرئيس أنور السادات عشق الصحافة ومارسها علنًا ومتخفيًا. وأصدر «أكتوبر» و«مايو»، وكان ينوي التقاعد رئيسًا لتحرير الأولى. وقرّب منه عددًا من الصحافيين أبرزهم أنيس منصور وموسى صبري. وقد كشف صبري أن السادات طلب منه ومن بطرس غالي أن يكتبا له خطاب الرحلة إلى القدس، وفي النهاية اعتمد نص صبري، الذي لحق به من خصومات ما لحق بالسادات. أما أنيس منصور فروى أن الرئيس الراحل كلفه مهام سياسية كثيرة، وأنه خلال مهمة سرية في إسرائيل، قابل بصّارة شهيرة هناك، فحملته هذه رسالة خاصة إلى السادات: «أبلغه أنه سوف يُغتال».

لكن هل كان في حاجة إلى من يبلغه ذلك؟ تقول أرملته السيدة جيهان إنه كان يعيش هذا الهاجس. وأما هي، فلم يكن يفارقها هذا الخوف. وعندما حدث، بدا لها كأنه أمر منتظر رغم حجم الوقع.

&

&

&