&محمد خليفة

تشهد العلاقات الإماراتية المصرية تطوراً كبيراً ومميزاً، وصل إلى درجة تشكيل محور استراتيجي في المنطقة التي تتعرض لأزمات ومخاطر متلاحقة. وتمثل دولة الإمارات بمكانتها الإقليمية والدولية وبحكمة قيادتها عمقاً استراتيجياً للأمن القومي العربي.

وقد كانت الزيارة التي قام بها رجل المبادئ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى جمهورية مصر العربية، دافعاً معنوياً وشعوراً قوياً يحمل في طياته العديد من الدروس والمعاني. والمتتبع لمواقف سموه ومبادراته العربية والعالمية لا يخالجه أدنى شك في أنها مواقف إنسانية عميقة الأثر، ونظرات عالمية تكشف عن رؤية استراتيجية شاملة، فسموه يؤمن أن مصر دولة عربية محورية لا يمكن التفريط في العلاقة معها، فهي كنانة الرحمن وقلب العروبة. وقد جمعت التحديات الراهنة بين الدولتين، فوضعتا الخطط للتعاون والتعاضد والمساندة بما يضمن مصالح الشعبين الشقيقين، وأمنهما واستقرارهما في مواجهة قوى الإرهاب والظلام التي تضمر الشر للدول العربية والإسلامية.

وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن ّدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ماضية في الوقوف بجانب مصر قيادتها وشعبها في تحقيق تطلعاته في الاستقرار والتنمية والبناء، مشيراً سموه إلى دور مصر الحيوي بما تملكه من تاريخ مشرف، وثقل استراتيجي في دعم القضايا العربية. وكانت مصر على الدوام في صلب الاستراتيجية الإماراتية؛ لكونها دولة عربية محورية، ولذلك ظلت العلاقات بين الدولتين متميزة طوال العقود الماضية. وعندما حدث انتقال للحكم في مصر عام 2011، رأت دولة الإمارات أن من واجبها أن تقف إلى جانب الشعب المصري وخياراته الديمقراطية، وقدمت له يد العون والمساعدة بكل ما تستطيع حتى يتمكن الأشقاء من تجاوز هذه المرحلة الانتقالية.

ولا يزال الدعم الإماراتي متواصلاً، حيث أعلن سموه، خلال زيارته لمصر في 21 إبريل/نيسان 2016، عن تقديم مبلغ 4 مليارات دولار، منها ملياران يُوجهان للاستثمار في عدد من المجالات التنموية، وملياران آخران وديعة في البنك المركزي المصري لدعم الاحتياطي النقدي المصري. وشكل الدعم الإماراتي عاملاً أساسياً في الحفاظ على قوة الاقتصاد المصري الذي عانى كثيراً من جراء الأعمال الإرهابية التي شهدتها أرجاء مختلفة من مصر، وخاصة سيناء في الفترة الماضية، وقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطوراً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، وبلغت الاستثمارات الإماراتية في مصر نحو 16.4 مليار درهم (4.5 مليار دولار)، وذلك عبر أكثر من 520 شركة إماراتية تعمل في العديد من المجالات، أبرزها المشروعات السكنية والتجارية.

وقد سجل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في عام 2014 نحو 9.1 مليار درهم (2.5 مليار دولار)، محققاً نمواً بنحو 22.5% مقارنة بعام 2013. وتبذل الدولتان الشقيقتان كل الجهود التي من شأنها توثيق روابط التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما، والارتقاء بمستوى الاستثمارات المشتركة إلى مستويات تلبي الطموحات، وتنعكس على تحقيق الأهداف التنموية لكلا البلدين.

ويتسم الدعم الإماراتي لمصر بأنه شامل لا يتوقف عند الجانب المادي فقط، بل يشمل الدعم السياسي والدبلوماسي والأمني، وامتدّ التنسيق ليصل إلى حد التكامل والتطابق في المواقف والرؤى، وقد استعانت الإمارات بمصر؛ لما لها من مكانة كبرى في العالم الإسلامي، في تأصيل الفكر الإسلامي الوسطي، من خلال الاتفاق على افتتاح أول فرع خارجي لجامعة الأزهر في الإمارات. كما أن هذا الدعم يعبّـر عن نفسه في العديد من التحركات والمبادرات التي قادتها الإمارات مؤخراً، بما يؤكد التزامها بالوقوف إلى جانب مصر وشعبها، ومساعدتها على تجاوز المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها، حتى تنطلق مسيرة البناء والتنمية فيها من جديد، وتعود إلى ممارسة دورها الطبيعي في محيطها العربي والإقليمي والدولي، وبما يخدم قضايا الأمة العربية.&