&يوسف اتباتو&

انْقضتْ أكثر من عشرة أيام على الخطاب الملكي في القمة الخليجية المغربية، ولازالت عيناك تصطدم بمقالات تَشْرَح وتُشَرِّح الخطاب، فواصفه بالتاريخي، ومتنبّئ بأن له ما بعده، بل وهناك من اعتبر أنه إيذان بخلخلة في التحالفات الإقليمية والعالمية.&

لا بأس من التذكير بأن الرحلة الملكية إلى الخليج جاءت في إطار ما أمسى يعرف بالدبلوماسية الملكية؛ وهو مصلح مبتدع للتفريق بين دبلوماسية الحكومة القابلة للنقد، أو حتى للتَّسفيه، والأنشطة الملكية بالخارج التي لا يمكن أن يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.. والمفروض أن الدبلوماسية نشاط واحد يمارس من أجل بلد واحد وفق مقاربة واحدة.

&من جهة أخرى، لا يمكن بأيِّ حال من الأحوال أن نُبَخِّس من مشاركة المغرب دون غيره من الدول العربية في القمة الخليجية، مشاركة تستحق وقفة تأمل لاستشراف المستقبل، وليس أياماً من تدبيج مقالات أقرب إلى المتمنيات منها إلى التحليل الموضوعي.&

بالنسبة للخطاب الملكي، فقُطْب رحاه كان قضية الصحراء المغربية، وطلب الدعم الخليجي، ولا يمكننا هنا أن نتجاهل الجَرْس غير الكلاسيكي الذي استُعمل في حق بان كي مون ومساعديه. العرب تقول: على قدر الجراح يكون النّواح (في رواية أخرى الصياح)، ويبدو أن جرحنا في الجنوب أضحى أكثر إيلاماً.

&دون الخوض في تشعبات هذه القضية، يمكن أن نقول إن الأمر بات مختزلاً في إجراء الاستفتاء، وهو ما لا يرغب فيه المغرب حتى لا تتكرر تجربة تيمور الشرقية والسودان الجنوبي.. تَخَوُّف مشروع جداً.

&بيْد أن على المرء أن يتخلص من ''دكتاتورية اللحظة''، ويستحضر موافقة الملك الحسن الثاني على الاستفتاء سنة 1981، وهو الموقف عارضه المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، وحكم عليْه جرّاء موْقِفه بالسجن سنة نافذة..عَيِّنَة هِي من الدبلوماسية الملكية التي تجانب الصواب، حين تتأبى نصيحة الأحرار من أبناء الشعب.

&إذا عدنا إلى الخطاب الملكي فثمة مفارقة، حتى لا نقول تناقض، بين أوَّله وأواخره، فبعد إدانة ازدواجية الخطاب ومحاولات الطعن من الخلف وتساؤله ماذا يريدون منا؛ وبعد أن ذكّرنا بأنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا، فإذا بالخطاب يتحدث عن التنسيق بين المغرب وأصدقائه التقليديين كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. ولئن سألتَ أي متتبع عمَنْ تَوَلَّى كِبرَ الفوضى التي عرفتها منطقتنا لأشارَ بالبنان ودون تردد إلى هذين ''الصديقين''.&

أما ما ورد عن التحالفات، فالغالب أن المقصود هو إيران، التي قال عنها مؤخراً قيدوم الدبلوماسيين الخليجيين حمد بن جاسم: ''أكثر ذكاء منا، وأكثر صبرا منا، وأفضل المفاوضين''، والتي لم يستطع التحالف العربي أن يحسم المعركة ضد واحد من أدرعها في اليمن.

&هو تساؤل نطرحه، دون ادعاء براءة زائفة، ولكن أيضا دون التَّسَربل بِرداء "التشيكيفارية'': "أَلَمْ نُحَمِّل الخطاب الملكي أكثر مما يحتمل؟".