&أحمد الفراج

أصبحت الحوادث العنصرية جزءاً لا يتجزأ من تجمعات المرشح الجمهوري، دونالد ترمب، وكان آخرها في ولاية كاليفورنيا، قبل أيام، إذ يرى المحافظون الجمهوريون، أو بالأصح الفئة العنصرية في المجتمع الأمريكي، أن ترمب يتحدث باللغة التي تلامس مشاعرهم الحقيقية، بل ويزعم كثير منهم، ومعهم الحق في ذلك، أن ترمب يتحلّى بالشجاعة التي يجبن عنها معظم المرشحين المحافظين، إذ يرى هؤلاء أن جل المرشحين هم ذلك الرجل، وهنا أتذكر حديثاً للناشط الحقوقي الشهير، مالكوم اكس، والذي قال ذات مرة إنني أجد نفسي أثق بالجنوبيين الأمريكيين، أكثر من الشماليين، وعندما سُئل كيف يثق بالجنوبيين، الذين يعلنون عنصريتهم ضد السود، قال إن الجنوبيين تربوا على العنصرية، واعتادوا عليها، ومتى ما تم تثقيفهم بهذا الخصوص، فإنهم ربما يعودون إلى رشدهم، أما الشماليون فإنهم لا يعلنون عنصريتهم، ولكنها بالنسبة لهم «عقيدة مقدسة»، ومن يتابع الحراك السياسي والاجتماعي في المجتمع الأمريكي يستطيع أن يتفهم حديث أشهر دعاة الحقوق المدنية في التاريخ الأمريكي.

ليس دونالد ترمب هو أول المرشحين العنصريين، فالتاريخ السياسي لأمريكا شهد مرشحين أسوأ منه، ولئن كان السيناتور الشهير من ولاية جنوب كارولينا، ستروم ثرموند، قد ترشح من منطلقات عنصرية بحتة، وذلك في انتخابات الرئاسة، للعام 1948، وذلك قبل أن يتم إقرار قانون الحقوق المدنية والمساواة بين السود والبيض، فإن حاكم ولاية ألاباما الجنوبية الشهير، جورج والاس، ترشح للرئاسة بمبادئ عنصرية ضد السود، في عام 1972، وذلك بعد سنوات من إقرار قانون الحقوق المدنية، وربما لو لم يتم إطلاق النار عليه، ويصاب بشلل، أثناء سباق الرئاسة، لربما فاز في تلك الانتخابات المثيرة، وغني عن القول إن ثرموند ووالاس يعتبران من أشهر الشخصيات السياسية العنصرية الأمريكية، خلال القرن الماضي، ومن المفارقات المثيرة أن السيناتور ستروم ثرموند، والذي كان يكره السود كرهاً عميقاً، كانت له ابنة غير شرعية من امرأة سوداء، كان قد ارتبط معها بعلاقة غير شرعية، أثناء عملها خادمة في منزل أسرته، عندما كان شاباً صغيراً!

من المتوقّع أن تزداد الحوادث العنصرية، في أمريكا، خلال الفترة القادمة، خصوصاً فيما لو تم إبعاد المرشح ترمب، وحرمانه من حقه في أن يكون المرشح الجمهوري القادم، وهذا هو ما يعمل عليه الحزب الجمهوري منذ فترة طويلة، وخلاصة الحديث هي أن الإنسان هو الإنسان، مجبول على الأنانية والعنصرية، سواءً كان في لندن وباريس ولوس أنجلوس، أو في لاقوس أو القاهرة، أو حتى في الصحراء، ولكن القوانين، وتطبيقها بصرامة، هي التي تجبره على التحضّر، كما في العالم الغربي، ولنا فيما فعله ادولف هتلر بألمانيا خير مثال، فقد سار المجتمع الألماني المتحضر، حينها، وراء أوهامه العنصرية، وسيحصل ذات الشيء لو انتخب سياسي عنصري في أي مكان، بما في ذلك الولايات المتحدة.