الرئيس لسنتين: الحيثيات والعناصر المكمّلة محاولات تبتكر حلولاً من الهامش الداخلي

&

&روزانا بومنصف& &&

&على رغم أن اقتراح انتخاب رئيس للجمهورية لسنتين قد تم استبعاده بعدما سخّفته أكثر من جهة سياسية، ثمة أسئلة تثيرها مصادر سياسية انطلاقا من ان محاولات إيجاد مخارج لازمة الشغور الرئاسي مستمرة من خلال مقاربات مختلفة قد يعلن رفضها، لكن ربما تتاح العودة اليها أو الى جزء منها لاحقا، إلا أنها تشكل بعضا من الجهد الذي يبذل بعيدا من الاضواء، سواء أتيح لهذا الجهد النجاح أو الفشل. فالاقتراح لم يكن بنت ساعته وليس وليد اللحظة التي زار فيها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبنان أخيرا، ولو ان أسئلة تتناول هذا الاقتراح قد أثيرت مع بعض المسؤولين، كما انه لم يكن مجتزأ الى حد يمكن اختصاره بانتخاب رئيس لسنتين فحسب. والبعض في هذا الاطار لم تفته الاشارات او بعض ما نقل عن العماد ميشال عون في إطار التعليق على هذا الاقتراح، بمعنى أنه لم يطرح عليه، ومتى طرح فإنه سيتم درسه، وثمة تعليقات مماثلة نسبت اليه لكنها في مجملها لا تقفل الباب امام اي احتمال. ويكشف مطلعون ان الاقتراح كان يقضي بانتخاب العماد عون لسنتين يصار في خلالهما الاعداد لقانون انتخاب جديد واجراء انتخابات نيابية على اساس هذا القانون، بحيث أن المجلس النيابي الجديد اما ينتخب رئيسا جديدا للجمهورية وإما يرفع الرئيس الموجود ويؤكد استمرارية ولايته، مما يفترض انه يتعين على عون التزام ما قد يتفق عليه لهذه الجهة، علما انه يثير تحفظات وخشية كبيرة ازاء احتمال خرقه التوافقات في هذا الاطار متى لم تصب في مصلحته في مجلس نيابي جديد. وهذا الاقتراح استند الى جملة اعتبارات من بينها التعويل في شكل أساسي على إمكان تعديل الرئيس سعد الحريري موقفه من انتخاب عون، وعلى الأرجح لقاء ضمانات معينة انطلاقا من أن الاتفاق لا يقتصر على أن يحظى فريق بما يريده من دون الآخر. ويعود ذلك الى أن الرئيس الحريري، على رغم دعم ترشيحه النائب سليمان فرنجية، فإنه يظهر مرونة، ويمكن أن يظهر مرونة اكبر ازاء انتخاب عون، استنادا الى رغبته القوية في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ثم إعلانه انه لا يرفع فيتو في وجه أي مرشح، وانه مستعد لتهنئة عون للرئاسة متى انتخب حتى لو لم ينتخبه هو. وهذه النقطة بالذات، اي المرونة التي ابداها الرئيس الحريري، خصوصا انه سبق ان فتح حوارا مع عون ودعم احتمال وصوله لولا ان حلفاءه تصدوا لذلك وقتئذ، هي العامل الذي يمكن تحريكه في مقابل التصلب او التشدد الذي يبديه "حزب الله" ازاء دعم ترشيح العماد عون وعدم اظهاره اي رغبة في تغيير ذلك او التفاوض حوله، الامر الذي يبقي موقع الرئاسة شاغرا منذ ما يقارب السنتين، وما قد يبقيه كذلك لمدة اطول، في الوقت الذي يكتفي الحزب بالتذرع بأنه مستمر في دعم عون ما دام مرشحا. كما ان هذا الاقتراح بني على اساس ان الدول الكبرى التي غالبا ما تبدي اهتماما بمساعدة لبنان تصطدم هذه المرة بمدى التأثير الاقليمي او بالاحرى بالصراع الاقليمي الذي يشكل لبنان احدى ساحاته من بين الساحات الاخرى في المنطقة ولو ان الامور اقتصرت على المواجهة السياسية فحسب، وتاليا فان السعي يستند الى محاولة ايجاد حلول من داخل اذا امكن. وهذا ليس مستحيلا في رأي هؤلاء المطلعين، باعتبار أن الحل الداخلي ممكن، وان كان سيكون مفاجئا مثلا لو فاجأ عون اللبنانيين بتراجعه عن تمسكه بانتخابه وإقفال الباب امام الآخرين، او من خلال اعلانه دعمه مثلا للنائب فرنجية او بالعكس، اي ان يعلن الاخير تراجعه واعلان دعمه لعون، او ان يعيد الرئيس الحريري النظر في دعم المرشح فرنجية وامكان تأييده عون. الا ان المسألة تصطدم بنقطتين مهمتين قد يصعب "تبليعهما" للافرقاء الآخرين، أولا بناء على ان الحزب سينجح في فرض أجندته على سائر الاطراف السياسيين في كل مرة يلجأ الى تعطيل البلد، وان كانت هذه المرة بذريعة دعم ترشيح عون الذي يصر على انتخابه ويحول دون افساح المجال امام غيره، علما ان انتخاب عون لسنتين سيكون نصف انتصار وليس انتصارا كاملا، لأن هناك من يعتقد ان الحزب، وان كان يكن محبة خاصة لفرنجية وفق ما قال الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، فانه قد يكون يخشى الاتفاق الماروني السني بين الرئاستين الاولى والثالثة، خصوصا ان البيئة المحيطة بزغرتا هي بيئة سنية قد تضغط عليه، وكذلك الامر بالنسبة الى الوهن الكبير الذي اصاب الرئيس السوري بشار الاسد. والنقطة الاخرى وربما الاكثر صعوبة هي امكان انتخاب عون استنادا الى ان اتفاق الطائف قد وضع اساسا ضده وانتخابه قد يؤدي الى نسف الاتفاق، انطلاقا من ان سياسيين كثرا وليسوا ضرورة على رأس احزاب فاعلة يخشون امكان افساح المجال لعون، استنادا الى انه على غرار "البندورا بوكس"، اي العلبة التي يمكن ان تفتح على احتمالات وربما مخاطر لا قِبَل للافرقاء السياسيين على تحملها.

يقول المطلعون إن الافكار الاخرى التي يتم الدوران حولها ايضا تتصل بما إذا كان ممكنا الاتفاق على رئيس لا يتضمن صفة الاقوى من ضمن طائفته، في محاولة لإقناع عون، وهو أمر يرتب ان يسري ذلك على الطوائف الاخرى خصوصا بالنسبة الى عدم الافساح في المجال امام عودة الرئيس الحريري الى رئاسة الحكومة. الا ان امام هذه الفكرة عوائق منعت نضوجها ايضا.