كارثة اقتحام النقابة وحدت الصحافيين… ومبارك كان يخشى الاقتراب من حصن «صاحبة الجلالة»

حسنين كروم

غطت أحداث اقتحام الشرطة لمقر نقابة الصحافيين للقبض على عمرو بدر ومحمود السقا، من دون استئذان النقيب أو مصاحبة عضو من النيابة العامة، كما ينص القانون، معظم صفحات الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 4 مايو/أيار، ودعوة مجلس النقابة لعقد جمعية عمومية طارئة، لبحث اعتداء الشرطة على مقر النقابة.

كما تواصلت الجهود من الصحافيين الأعضاء في مجلس النواب وعددهم حوالي عشرين عضوا، وكذلك رئيس الوزراء شريف إسماعيل لإيجاد مخرج للأزمة التي لا يعرف أحد إلى أين ستنتهي نتيجتها، حيث أخبرنا زميلنا الرسام في صحيفة «الوفد» عمرو عكاشة أمس أنه شاهد ضابط شرطة وقلما يلعبان لعبة الريست.

وأبرز ما استجد في الأزمة البيان الذي أصدره النائب العام المستشار نبيل صادق، وقال فيه: «إن النيابة العامة تؤكد أن مقر نقابة الصحافيين لا يستعصي على ضبط وإحضار المتهمين اللذين اعتصما فيها، باعتبار أن هذا الضبط كان تنفيذا للقرار القضائي الصادر من النيابة العامة، وهو الأمر الذي أباحه الدستور والقانون حتى لحرمة المسكن الخاص الذي تتعاظم حرمته عن أي مكان آخر».

ووجه البيان اتهاما للنقيب بقوله، إن التحقيقات كشفت وفقا لأقوال المتهمين اتفاقهما مع نقيب الصحافيين على الاحتماء بمقر النقابة، ووعدهما بالتوسط لدى سلطات التحقيق سعيا لإلغاء القرار الصادر بضبطهما، وهو الأمر الذي لو حدث لشكل جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات. وحسب بيان النائب العام فإن عمرو بدر ومحمود السقا أرادا توريط النقيب، المهم أن النقيب تقدم ببلاغ للنيابة العامة ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، أي من الناحية القانونية والعملية فقد أصبح الأمر في يد النيابة العامة.

ولذلك سنخصص فقرات تقرير هذا اليوم بالكامل لهذه القضية ….&

جريمة في حق الوطن&

كانت «الأخبار» الحكومية الأكثر نشرا للمقالات والتعليقات خاصة لمحرريها الذين يعملون فيها لتخصيصها يوميا صفحتين كاملتين لهم، بالإضافة إلى الأعمدة اليومية والبراويز العديدة. وافتتح الهجوم يوم الثلاثاء زميلنا وصديقنا نقيب الصحافيين الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للصحافة جلال عارف، بقوله في عموده اليومي «في الصميم» وهو غير مصدق لما حدث من الشرطة: «كارثة بكل المقاييس، وجريمة في حق الوطن، لم تشهدها النقابة على مدى تاريخها، رغم معارك ضارية خاضتها النقابة ضد محاولات عديدة لضرب حرية الصحافة، فإذا بها تقع ونحن نبني نظاما صحافيا جديدا وننتهي من مشروع قانون يضمن استقلال الصحافة والإعلام، ويترجم مواد الدستور المنحازة للحريات إلى واقع يحكمه القانون وحده، ويعبر عن ضمير مصر بكل أمانة – وبانحياز كامل للوطن. كارثة بكل المقاييس لأن ما وقع هو أكبر إساءة للنظام ولأنه يكشف إلى أي مدى يمكن أن تأخذنا العقلية الأمنية حينما تعمل في غيبة السياسة، وبعيدا عن إدراك أن نقابة الصحافيين هي قلعة الحريات وليست ملاذا للهاربين من العدالة، كما يزعم سلاح الدببة الذي يتوهم أنه بالعداء للنقابة وللحريات يسدي خدمة للنظام (أي نظام!) فتكون النتيجة هي الكارثة التي ينبغي أن نتكاتف جميعا لمنعها، ولو كره «سلاح الدببة» والمتآمرون، في غيبة السياسة لن يدرك بعض المسؤولين خطورة ما حدث في واقعة اقتحام نقابة الصحافيين. للمرة الأولى في تاريخها يتوحد الصحافيون في مواجهة الكارثة، ومعهم كل القوى السياسية والفكرية التي تدرك عواقب اقتحام نقابة الرأي والحريات، وتأمل أن يكون تصرف القيادة السياسية على قدر الخطر وأن يدفع المسؤولون عن «الجريمة» التي وقعت باقتحام النقابة ثمن جريمتهم، وأن يكون هذا هو الفاصل بين ما نرجوه من حريات وما يسعى إليه أعداء الوطن وسلاح الدببة من قمع واستبداد وتفجير للاستقرار واستهداف لثورتين عظيمتين فتحتا الباب لبناء مصر التي نتمناها».&

الداخلية تسيء لمصر&

ثم انهمرت التعليقات واولها كان من زميلنا عضو مجلس نقابة الصحافيين خالد ميري، الذي قال: « في العالم كله يمكن أن يخطئ المسؤول.. ولكنه يبادر فور ارتكاب الخطأ بأن يعترف بالخطأ ويعتذر عنه، ثم تتم محاسبة من خالف القانون.. لكن مسؤول الداخلية في مصر اختار طريقا آخر.

هذا المسؤول الذي أمر باقتحام نقابة الصحافيين لأول مرة منذ إنشائها قبل 75 سنة.. هذا المسؤول أصدر بيانا منهجه الوحيد هو الكذب والعند والمكابرة، ولتذهب الحقيقة والنقابة وفوقهما مصر إلى الجحيم.. المسؤول قال إنه لم يتم اقتحام النقابة بينما واقعة الاقتحام مازالت ساخنة تكاد تنفجر في وجهه.. المسؤول قال إنه كان ينفذ القانون والحقيقة أنه كان يدوس على القانون ويخالفه في وضح الشمس.. فالصحافيان الصادر بحقهما أمر الضبط قبل أسبوع قررا الاعتصام بالنقابة، وأعلنا ذلك للجميع وكان مقرهما معروفا للجميع، والنقابة تواصلت مع الجميع لإنهاء الأزمة، على أن يتوجه الصحافيان مع أعضاء مجلس النقابة والمحامي اليوم للنائب العام للمثول أمام أي تحقيق إذا لم تتنازل الداخلية عن بلاغها ضدهما.. لكن المسؤول الكاذب اختار مخالفة نص المادة 70 من قانون النقابة الصادر قبل 46 سنة والتي تمنع دخولها إلا بوجود عضو من النيابة العامة وفي حضور النقيب أو من يمثله قانونا.. والمسؤول الكاذب أراد الانتقام من الصحافيين وإهانة النقابة لأنهم قدموا بلاغات ضد وزير الداخلية بسبب القبض العشوائي على الصحافيين ومنعهم من ممارسة عملهم، لكنه قال في بيانه إن الداخلية تحترم الصحافيين لأنهم وطنيون وشرفاء. ما حدث إهانة كبيرة لمصر وإساءة لا تغتفر لهذا البلد في وقت يواجه فيه تحديات جسيمة داخليا وخارجيا.

نقابة الصحافيين واحدة من أهم مؤسسات هذه الدولة ومصدر فخرها طوال 75 سنة.. النقابة ستظل مرفوعة الرأس.. وستخرج من الأزمة أقوى مما كانت.. الأشخاص يرحلون لكن القيمة ستعيش والتاريخ لا يرحم أحدا».

&عبد القادر محمد علي: النقابة

أخطأت بتوفير الحماية لهاربين

&أما زميله خفيف الظل عبد القادر محمد علي فقال في بروازه «صباح النعناع»: «أختلف مع صديقي يحيى قلاش نقيب الصحافيين في التصعيد وإثارة أزمة مع الدولة بلا داع. قد يكون الأمن تجاوز بدخوله النقابة، ولكنه دخلها لتنفيذ القانون وبأمر صادر من النيابة بالقبض على شخصين يعتصمان بداخلها، أحدهما ليس عضوا أساء للرئيس ورجاله على صفحته في الفيسبوك، وحرَّض صراحة على اغتيال رئيس الجمهورية وضباط الشرطة. النقابة أخطأت عندما وفرت الحماية لهارب من القانون ثم كررت الخطأ بمحاولة ابتزاز الدولة عندما قام الأمن بضبطه لتقديمه للعدالة يا صديقي يحيى أكره الابتزاز حتى لو كان من نقابتي».&

الأخلاق قبل القانون والمسؤولية قبل الحرية

&ومن برواز «صباح النعناع» إلى برواز آخر يكتبه زميلنا أحمد جلال وهو «صباح جديد» قال فيه: «لست مع ما قامت به وزارة الداخلية عندما اقتحم رجالها نقابة الصحافيين، في واقعة غير مسبوقة، للقبض على اثنين مطلوبين، وكان الأفضل أن يتم التنسيق بين الوزارة والنيابة العامة ومجلس النقابة قبل الاقتحام، لكنني أيضا أتحفظ على أداء مجلس النقابة في إيواء المحرضين، رغم أن أحدهما ليس عضوا في النقابة وما قرأته على صفحة محمود السقا أحد المقبوض عليهما أثناء الدعوة لمظاهرات 25 أبريل/نيسان الماضي يدعو للاستغراب ممن يدافعون عن شخص بهذه الحقارة فهو يسب الجميع ويدعو لقتل رجال الشرطة والجيش والقضاء، ثم بعد ذلك نتحدث عن احترام القانون، الأخلاق قبل القانون والمسؤولية قبل الحرية».

&الأجهزة الأمنية «تفرعنت»&

أما زميله علاء عبد الهادي فاختلف معه قائلا: «الأجهزة الأمنية تقدم لأعداء هذا الوطن على طبق من فضة كل نقيصة يرموننا بها، وللأسف الشديد كل هذه الخطايا سوف تتحول إلى سهام تنال من مصداقية النظام في الشارع، وعند الآخر المترقب الذي ينتظر مثل تلك السقطات، لكي يتاجر بها، ولكن العيب ليس عليهم، هل عجزت كل حيل الداخلية ولم يكن أمامها سوى اقتحام مقر نقابة الصحافيين، بالتأكيد كانت هناك حلول أخرى وأدوات أخرى لكنهم تفرعنوا وقاموا بما لم يقوموا به حتى في أيام مبارك الذي كان يدرك خطورة الاقتراب من بيت صاحبة الجلالة».

&ليس على رأس الصحافيين ريشة

&ومن علاء إلى زميلته الجميلة أماني ضرغام وقولها في بروازها اليومي «مفروسة أوي»: «لا نعرف الاتحاد إلا في أوقات الكوارث لذلك وحدت كارثة اقتحام قوات الشرطة لمقر نقابة الصحافيين، كل الصحافيين في وجه هذا الانتهاك الصارخ للقانون وتساوى من كان يرفض ممارسات بعض الأعضاء في استغلال النقابة، مع من كان معهم، وكمان مع الناس اللي شارية دماغها، فنقابة الصحافيين عنوان الحرية في مصر، لا يمكن أن يستهان بها، ليس لأن الصحافيين على رأسهم ريشة، ولا لأن مبناها سفارة، ولكن لأن نقابة الصحافيين منذ إنشائها وحتى الآن وهي الصوت الحر المعبر عن المهنية والحريّة، ولا يمكن أن تصبح كل مهمتها إسكات الأصوات، وعندما لا تفعل يتم ضربها في عقر دارها بانتهاك القانون».

&هل وزارة الداخلية خارج سلطة الدولة؟&

ولم تكن أماني هي «المفروسة أوي» وحدها، ولكن جميلة أخرى كانت مفروسة جدا هي زميلتها نهاد عرفة التي قالت عن الوزير: «المطالبة بإقالته فقط لن تحل المشكلة، لأن نظام العمل في الوزارة قائم ولم يتغير، والمحاسبة عقب الإقالة هي الأهم، وتغيير أنظمة العمل في الوزارة أهم وأهم، وإلا سيفلت الأمر وتصبح النقابات الأخرى عرضة للاقتحام ومستباحة لمجرد الاختلاف. إن ما حدث يعد ضربة قوية للنظام وإحراجه ليس أمام الشعب المصري فقط بل أمام العالم أجمع، بعد أن باتت وزارة الداخلية تتصرف وكأنها خارج سلطة الدولة وفوق القانون! فتحية لنقيبنا الهمام ولكل أعضاء المجلس الذين أثبتوا جميعا أنهم أهل للمسؤولية التي أعطيناها لهم».

&لم تعد الأمور إلى مجاريها بين الشرطة والشعب&

ومن «الأخبار» إلى «الجمهورية» الحكومية ورئيس تحريرها زميلنا فهمي عنبة وقوله: : «للأسف سيدفع الوطن والشعب وبالطبع جموع الصحافيين ثمن تلك الأخطاء التي أدت إلى أزمة كان يمكن تجنبها، لو تعامل الجميع من منطلق الحرص على سمعة البلد في الداخل والخارج، وعدم السماح للمتربصين باستغلال هذه الأحداث لتشويه صورة مصر أمام العالم، خاصة في مجال الحريات وحقوق الإنسان، التي تتعرض لحملة دولية أغلبها له مآرب أخرى. يبدو أن هناك مَن له مصلحة في إدخال المواطنين في أزمة تلو الأخرى، وفي إعادة صورة الشرطة التي كانت سائدة أيام مراكز القوى وزوار الفجر، وفي إظهار الصحافيين بأن «على رأسهم ريشة» ويطالبون بحصانة خاصة. منذ ساعات كانت مصر كلها تهنئ الداخلية على الانتقال إلى مقرها الجديد في التجمع الخامس، وأعلن وقتها اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية عن فكر جديد يقوم على مد جسور الثقة والتعاون مع المواطنين ومؤسسات الدولة، من خلال احترام حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته، وكانت تلك الكلمات مُبشرة بمستقبل تعود فيه المياه إلى مجاريها بين الشعب والشرطة، للأسف لم تمر 72 ساعة حتى تم القبض على صحافيين داخل مقر نقابة الصحافيين في سابقة هي الأولى في التاريخ، وستظل تلاحق مَن اتخذ القرار لأجيال قادمة، خاصة أن الأمور كانت تحت السيطرة، كما أنه لا داعي للاستعجال وهو ما يطرح سؤالا: هل كانت هناك جسور مع نقابة الصحافيين كواحدة من مؤسسات الدولة؟ وهل تم التواصل مع النقيب وأعضاء المجلس لاحتواء الموقف وذهاب الزميلين إلى النيابة للتحقيق معهما؟».

&مجدي سرحان: نقيب الصحافيين

يتحمل جزءا من المسؤولية&

وإلى «الوفد» لسان حال «حزب الوفد» ورئيس تحريرها السابق زميلنا مجدي سرحان وقوله: «إذا كان وزير الداخلية يتحمل المسؤولية عن الأزمة بين وزارته ونقابة الصحافيين بعد اقتحام ضباط الشرطة مبنى النقابة وإلقاء القبض على صحافيين، فإن نقيب الصحافيين يحيى قلاش يتحمل أيضا جزءا كبيرا من المسؤولية عن هذه الأزمة. وإذا كان البعض يرى أن استقالة أو إقالة الوزير جزء من الحل فإن رحيل النقيب ومجلس النقابة كله هو أيضا جزء من الحل، فكلا الطرفين يُسألان عن هذا الفعل الغبي أمنيا ونقابيا، الذي وضع الوزارة والنقابة في مواجهة سياسية عبثية يصنع فرصة ذهبية للمزايدين والمتاجرين ودعاة الفتنة لركوب الموجة وإحراج الدولة، وخدمة المتربصين بأمنها واستقرارها، فلابد أن وزير الداخلية كان يعلم بالواقعة مسبقا، ولذلك لم يتضمن بيان الوزارة عن الأزمة إشارة إلى إجراء تحقيق مع الضباط واكتفى بالإعلان عن أن ما حدث هو تنفيذ لقرار النيابة، هذه حجة غير مقبولة أيضا. أما النقيب ومجلسه فيتحملان المسؤولية عن تمكين شخصين مطلوبين للتحقيق أمام النيابة من الإقامة داخل النقابة والتحصن بها، وهو فعل غير قانوني، وإلا لكان الأمر مشاعا بيننا في كل قضايا النشر. كما يتحملون المسؤولية عن فشلهم في احتواء أزمة محاصرة قوات الأمن للنقابة مؤخرا، فإن النقيب ومجلس النقابة مسؤولان أيضا عن فشلهم في مواجهة تيار سياسي واحد ومجموعات من الدخلاء صنعوا من النقابة حزبا سياسيا، أيا كان توجه هذا الحزب، ما يشكل انحرافا بدور النقابة وإخلالا بنظامها وإهدارا لحقوق أغلبية أعضائها، الذين لا يعبر عنهم هذا التيار السياسي المغتصب للعمل النقابي، ولذلك نقول للوزير والنقيب ومجلس النقابة: اعتدلوا أو ارحلوا وكفاكم عبثا بأمن الوطن».

&معالجة خاطئة للأزمة

&كما كان لأستاذة الجامعة الجميلة وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد الدكتورة عزة هيكل رأي معين هو: «لجوء اثنين من أعضاء النقابة إلى مبنى النقابة والاحتماء فيه من قرار نيابة صادر ضدهما، سواء بالحق أو بالباطل، ولكنه قرار نيابة، وعلى المواطنين الشرفاء الالتزام بإعمال نصوص القانون وتنفيذه، ثم طلب الدفاع ورفع قضية. أما الطامة الكبرى فهي اقتحام قوات الأمن مبنى النقابة للقبض على الصحافيين وهذا حقها القانوني، ولكن ليس بالاقتحام وليس بالمداهمة، كما أن من يعارضون ما حدث يبالغون ويزايدون على الوطن، ويعتبرون مهاجمة النقابة مثل مهاجمة الحرم المكي أو النبوي أو مسجد أو كنيسة، وفي هذا مبالغة ضد المنطق وضد القانون. معالجة الأزمة خاطئة منذ أن سمحت النقابة بأن تصبح حلبة سياسة وطرفا ضد القانون وضد النيابة، وتتخذ موقفا معاديا للدستور وللنظام الذي يفرض قوانين أقرها الشعب وتقرها جميع المواثيق الدولية الخاصة بالدستور والقانون وحق الدولة في إعمال قرارات النيابة، ثم الاستشكال عليها. ثانيا موقف بعض نواب الشعب الذين يدعون أنهم يمثلون الشعب في البرلمان، وهم أصحاب أجندات وحسابات وراغبو شهرة ولا يلتزمون بالقسم في احترام الدستور والقانون والحفاظ على مقدرات الوطن. ثالثا الداخلية أو الشرطة في التعامل السريع مع الأزمة بالقوة، التي هي حق، ولكن اختيار الموقف والتوقيت والوصول إلى النتيجة بالهدوء والحنكة في توقيت يتربص فيه الأعداء بالوطن والمأجورين من الداخل قبل الخارج».

&انتهاك صارخ وصادم&

ونخرج من «الوفد» لندخل إلى «المصري اليوم» وزميلنا عمرو الشوبكي وقوله في عموده اليومي «معا»: «في عهد مبارك حافظ نظامه على حد أدنى من القواعد في التعامل مع الخصوم، لم ينزل عنه قبل أن يتجاوزه أحمد عز في انتخابات 2010 المزورة، فالنقابات المهنية، خاصة الصحافيين، كان مسموحا لها بما لم يكن مسموحا به في الشارع، ولا حتى للأحزاب، وحين تخرج نقابة مهنية عن الحدود المتوافق عليها نتيجة سيطرة الإخوان يقوم النظام بفرض الحراسة عليها، مثلما جرى في نقابتي الأطباء والمهندسين. لم يحدث على مدار 40 عاما أن اقتحمت قوات الأمن نقابة مهنية واحدة في مصر، ولا اعتقلت مطلوبا ولا فضت مؤتمرا ولا ندوة… اعتقال صحافيين من قلب نقابة الصحافيين جريمة قانونية وخطيئة سياسية مكتملة الأركان، فقانون نقابة الصحافيين الذى صدر عام 1970 في بلد لم يكن وقتها ديمقراطيا (ولم يصبح بعد) وتنص المادة 70 منه على: «لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحافيين ونقاباتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بحضور أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحافيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها». هذا النص الذي احترم ما يقرب من نصف قرن، أي في نهاية عمر عبدالناصر، وفي عصري السادات ومبارك، جاءت وزارة الداخلية في 2016 لتنتهكه انتهاكا صارخا وصادما».

&لماذا لم تطلب الداخلية مساعدة نقيب الصحافيين أولا؟

&وما ذكره عمرو صحيح وقد عشناه جميعا، أما زميلنا وصديقنا سليمان جودة فكان رأيه في عموده اليومي «خط أحمر» عما كان يجب على الداخلية هو: «كانت تستطيع أن تضع أمر الضبط والإحضار أمام النقيب يحيى قلاش، وتطلب منه مساعدتها في تنفيذه، ولا أظن أن الرجل عندها كان سيقف في طريق تنفيذ القانون الذي يجب أن يكون فوقنا جميعا من دون استثناء. كان النقيب سوف يرافق الزميلين إلى النيابة وكان المستشار القانوني للنقابة سوف يحضر معهما التحقيق وسوف يدافع عنهما لأن هذا حقهما، ولأن أي متهم لديه ما يقوله في وجه الاتهامات الموجهة إليه. إنني أعتقد أن احترام قانون التظاهر القائم أمر واجب على الجميع وإذا كان هناك بيننا من لا يعجبه القانون فليطالب بتعديله لا أن يعمل على خرقه، وتقديري أن الدولة مدعوَّة إلى الأخذ بالملاحظات التسع التي أبداها المجلس القومي لحقوق الإنسان على القانون فهي ملاحظات من مجلس يحظى بثقة كبيرة من جانب المصريين ثم من مجلس يراعي وهو يضع ملاحظاته أن يكون القانون متوازنا، فلا ينال من حق الدولة في حفظ الأمن في الشارع ولا من حق كل مواطن في أن يتظاهر سلميا، من دون اعتداء على ممتلكات عامة أو خاصة».

&شِراك مفخخة ضد السيسي

&أما زميلنا وصديقنا حمدي رزق وهو من مؤيدي الرئيس فوجه اتهامات عديدة لأجهزة تعمل ضد السيسي بقوله في عموده اليومي «فصل الخطاب»: «صار يقينا أن هناك من يحفر عميقا تحت أقدام الرئيس. يقطع المحبون أن هناك من يوقع بينه وبين الشارع السياسي فعلا وقولا، هناك من يحرج الرئيس يوميا ويكلفه الكثير من شعبيته المستحقة، أخشى أنهم يريدون إسقاطه في الشارع بعد أن شرخوا العلاقة بينه وبين النخب السياسية، بأفعال وأقوال متعمدة للأسف «دود المش منه فيه»، من داخل الصف هناك من جوه دولاب الحكم من يقلب الناس على الرئيس، لو كان ثمة مخلصون للوطن قبل الرئيس وللرئيس قبل أنفسهم الأمارة بالسوء ما تورطوا في هذه السفاسف المؤسفة التي تحولت إلى شراك مفخخة، الرئيس كلما خلص قدمه من شرك سقط في شرك آخر. شراك منصوبة بغباء مستحكم أو بدهاء مستحكم في الحالتين، هؤلاء صاروا خطرا داهما على الوطن وعلى الرئيس، مرة يوقع بين السيسي والمحامين ويضطر الرجل للاعتذار لمن هم في عمر أبنائه، وثانية بينه والأطباء ولا تزال الأزمة تراوح مكانها، وثالثة الأثافي وأقبحها اقتحام نقابة الصحافيين، وهذه كبيرة من الكبائر السياسية وهم يعلمون من ذا الذي قرر أن يستعدي هذا الكيان الوطني ضد الرئيس ويستنفر جمعيته العمومية جمعاء بتصرف خال من الحكمة، وبفعل بادي الحمق، قمة في الغباء السياسي».

&محمود الكردوسي: الصحافة ليست قدس أقداس&

وإلى «الوطن» اليومية المستقلة ورئيس تحريرها التنفيذي محمود الكردوسي الذي قال متفاخرا في بروازه اليومي «كرباج»: «كتبتها على صفحتي في فيسبوك وأكررها أنا مع قرار الداخلية بإعمال القانون ودخول نقابة الصحافيين. الداخلية تنفذ قرارا من النيابة العامة، النقابة تخبئ اثنين من المطلوبين وهذه «جريمة تستر» يُسأل عنها النقيب ومجلسه المخترق. أحد المطلوبين ليس عضوا في النقابة بل هو صحافي تحت التمرين، سبق أن حرض المواطنين بعد مؤامرة 25 يناير/كانون الثاني (أثناء حكم المجلس العسكري) على قتل ضباط الجيش والشرطة والقضاة. النقابة ليست كعبة مشرفة والصحافة ليست قدس أقداس، النقابة أصبحت منصة للتحريض والإرهاب باسم حرية التعبير وباسم حرية التعبير أيضا يقود الينايرجي خالد البلشي وعدد من «ألأضيشة» حملة لإسقاط عضويتي ورقمها: 4144 (مشتغلين) عشان ما يدوروش كتير».

&السقوط السهل في الفخ&

لكن زميله محمد الدسوقي رشدي كان له رأي وموقف مختلف عنه هو: «بين عدد كبير من الصحافيين في كل الصحف القومية والخاصة وأعضاء مجلس النقابة، خلافات عدة ونقاشات ساخنة واختلافات لا تعرف الرحمة في كثير من الأحيان، ولكن العادة الزمانية أخبرتنا أن كل شيء يسقط حينما تتعرض المهنة أو النقابة للخطر، ولذا يبدو واضحا أن من اتخذ قرار دخول أفراد الأمن للنقابة لم يدرس التاريخ جيدا، وراهن على انقسام الجماعة الصحافية، ولذا سقط في الفخ بسهولة. الأمر أكبر بكثير من نقابة الصحافيين، القضية تتعلق بطريقة التفكير والمنهج السائد في تصرفات وزارة الداخلية، خلال الفترة الأخيرة يختار المسؤولون في وزارة الداخلية دوما في تعاملاتهم الأخيرة الطرق الصعبة، لا يجيدون إصدار البيانات الرسمية وكل بيان يتم إصداره من الوزارة لحل أزمة ما أو علاج قضية ما يكون سببا في إشعال نار الأزمة بسبب سذاجته أو ضعف معلوماته أو ميوعته، تعاملت الوزارة بكل الأشكال الخاطئة في أزمات أمناء الشرطة، وفي خطاب قادتها الحاليين ولواءاتها السابقين وإعلامييها المجندين، الذي جاء تحريضيا وخالقا للنجوم وصانعا للأبطال في شوارع خلت وأصابها الركود خلال الفترة الماضية بسبب خلوها من الأبطال».

&«تلبيس البلد في الحيط»

&وفي «الشروق» اليومية المستقلة قال زميلنا وصديقنا عماد الدين حسين في عموده اليومي «علامة تعجب»: «الذي اتخذ هذا القرار الأحمق باقتحام نقابة الصحافيين مساء الأحد الماضي أساء بصورة لا يتخيلها إلى وزارته وإلى الحكومة والرئاسة وكل مؤسسات الدولة، وسيجعل الحكومة تدفع ثمنا باهظا ومجانيا لهذا الاقتحام، ويستحق جائزة نوبل وكل الجوائز العالمية في الحماقة وسوء التقدير و«تلبيس البلد في الحيط». لا أعرف هل تشاورت وزارة الداخلية مع أي مؤسسة في الدولة قبل اتخاذ هذا القرار الخطير أم لا؟ وهل جرى تقدير موقف لهذه الخطوة قبل اتخاذها أم لا؟ الآن حدث ما حدث ووقعت الواقعة وإذا كانت أجهزة الدولة لا تدري خطورة ما حدث فعلينا أن نقول لهم بأعلى صوت إن خسائركم المجانية تتوالى، ولو أن جماعة الإخوان وكل القوى الإرهابية والظلامية دفعت مليارات الدولارات للدعاية ضدكم ما نجحوا بالطريقة التي فعلتموها ليلة الأحد الماضي. أتمنى أن يكون هناك تحرك عاجل من الحكومة لاحتواء الموقف والاعتذار السريع عما حدث، وإقالة المسؤول عن هذا القرار «وألا نطنش أو نصهين» على الأمر مثلما تم التعامل مع قضية أمناء الشرطة في مستشفى المطرية التعليمي».

&يحيى قلاش: إشعال بؤر التوتر في الداخل أمر كارثي

&ونشرت «الشروق» حديثا مع نقيب الصحافيين زميلنا وصديقنا يحيى قلاش أجراه معه زميلنا علي كمال قال فيه يحيى: «الوزارة مصممة على التعامل بغير مسؤولية والوصول بالبلاد إلى منحى خطير، خاصة أن الوطن يواجه تحديات خارجية جسيمة، وإشعال بؤر التوترات في الداخل أمر كارثي، بل مؤامرة يستفيد منها من يواجه مصر بالتحديات الداخلية. وتوعد قلاش برد اعتبار جميع الصحافيين قائلا: اللي يشتغل في الصحافة ميخفش، وأنا طالبت بإقالة وزير الداخلية لأنها أقل حاجة هتكون مقبولة، مشيرا إلى أن وزير الداخلية بيولع في البلد كلها، ولا أعلم لمصلحة من؟ ولا يمكن أن تترك البلد لوزير الداخلية يديرها بهذه الطريقة العبثية التي لم يفعلها حبيب العادلي».

&فزاعة الإرهاب

&وآخر صحيفة في يوم الثلاثاء ستكون «اليوم السابع» اليومية المستقلة التي قال فيها زميلنا عبد الفتاح عبد المنعم: «نعم هناك جريمة كبيرة ارتكبتها وزارة الداخلية التي تحتاج بالفعل إلى وزير سياسي، وزير يقدر حجم المخاطر قبل أن ينفذها، والحقيقة أنني لم أخطئ عندما قلت منذ أيام قليلة وفي المكان نفسه، أن تجاوزات وزارة الداخلية الآن تجاه الوطن والمواطن قد تؤدي إلى سيناريو إسقاط نظامي مبارك في 2011 ومرسي في 2013، ولم أبالغ عندما قلت في المكان نفسه أيضا، بأن تدهور حقوق الإنسان في مصر على يد بعض ضباط وزارة الداخلية أصبح أضعاف ما كان قبل الإطاحة بكل من مبارك ومرسي، وأن عملية تجميل جرائم بعض ضباط الشرطة ضد المدنيين في أقسام الشرطة والسجون بحكايات وهمية عن توحش الإرهاب في مصر، فإنه قول حق يراد به باطل، خاصة أن فزاعة الإرهاب تحولت إلى أداة في يد بعض قيادات وزارة الداخلية تستخدمه أحيانا ضد شرفاء هذا الوطن، رغم أن أول الطرق للرد على الإرهاب هي إعلاء قيمة الإنسان وحقوقه».

&كلمات مفتاحية :


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف

أضف تعليقك

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.