&أحمد الفراج

يعتبر الحفل السنوي لرابطة مراسلي البيت الأبيض، والذي يستضيفه الرئيس كل عام، في البيت الأبيض، أحد أهم المناسبات، ودائما ما تكون كلمة الرئيس في الحفل - ذات الطابع الكوميدي- هي الفقرة الأهم ، وبما أن هذا هو الحفل الأخير، الذي يحضره اوباما، بحكم أنها السنة الأخيرة له في الرئاسة، فقد استغل الفرصة، وألقى قنابله في كل اتجاه، ومن المسلم به أن الكوميديا هي أكثر الأدوات قبولا وتأثيرا، ولا يخفى على أوباما أن وجوده في البيت الأبيض، كزعيم للعالم الحر، لم يكن مريحا للمحافظين الأمريكيين، أو إن شئت الصواب، فقل العنصريين البيض، وهو الأمر الذي يزعج أوباما، ولكنه تعامل معه حتى الآن بكل هدوء وحكمة، ولذا فقد سخر أوباما من رئيس الحزب الجمهوري، والذي كان من ضمن حضور الحفل، وهنأه على نجاح الحزب في الانتخابات الحالية، في إشارة ساخرة للوضع المزري للحزب، والذي يمر بمرحلة حرجة، نتيجة تقدم المرشح المثير، دونالد ترمب، وعدم رغبة الحزب بذلك!.

أوباما لم يوفر المرشحين الجمهوريين، فقد سخر من تيد كروز، ثم عرج على خصمه الشرس، دونالد ترمب، وتمنى وجوده في الحفل، إذ تمت دعوة ترمب، ولكنه اعتذر عن الحضور، وذلك لعلمه أن أوباما لم يصفِ كامل حساباته معه، كما أن ترمب تعلم درسا قاسيا، بعد أن سخر منه أوباما في حفل سابق، وذلك عندما أعلن ترمب، قبل عدة سنوات، عن جائزة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يؤكد أن أوباما مولود على الأراضي الأمريكية !!، وفي ذلك الحفل الذي لا ينسى، سخر أوباما من ترمب، وأضحك عليه الحضور في الحفل، وخلف الشاشات، ثم أكمل سخريته بأن أظهر شهادة ميلاده، والتي تثبت أنه مولود في أمريكا، ولا يمكن أن ينسى ترمب ذلك الوضع المزري الذي وضعه أوباما فيه، في تلك الليلة، وفي هذا الحفل الأخير، اكتفى اوباما، وبطريقة ساخرة بالطبع، بتوقع الأسباب التي منعت ترمب من حضور الحفل، وهي أسباب أضحكت الحضور الكبير في الحفل، ولم ينس أوباما أن يشير - بسخرية حادة - إلى خبرة ترمب في السياسة الخارجية، والتي تضمنت لقاءات سابقة لترمب مع ملكات الجمال في السويد واذربيجان!.

وكأن رسالة أوباما لم تكن كافية في الحفل ، إذ أكملها مقدم الحفل، الكوميدي الأسود الشهير، لاري بلمور، والذي قال كلاما كبيرا، كانت ذروته حينما قال إنني أخشى أن يتصل أحد الموجودين بالشرطة، ويقول إن اثنين من اللصوص السود قد اقتحموا حفل البيت الأبيض عنوة، ويقصد بالاثنين السود، الرئيس أوباما وهو، وهي الفقرة التي جعلت كثيرا من حضور الحفل من البيض يرفعون حواجبهم تعجبا، وربما اعترافا بأن الرسالة وصلت، فالكوميدي، لاري بلمور، ألقى قنبلة فحواها أن وصول رئيس أسود لرئاسة العالم الحر كان أمرا مزعجا للعنصريين البيض، والخلاصة هي أن أوباما إنسان مثقف وذكي، وليس ضعيفا، بل إنه يجنح للحلول السلمية، والأهم من ذلك هو أنه رزين لا ينفعل، ولكنه ينتقم في المكان والزمان المناسبين، إذ هو من المدرسة التي تقول: «اغفر، ولكن لا تنسى»!!