&برجس حمود البرجس

يجب أن نتعلم من تجربة انهيار الرهن العقاري في أميركا وأوروبا لنحمي المواطن ونحمي سكنه وليس لنحتاط منه ونضمن تحقيق أهدافنا مع علمنا بضرره

باءت جميع محاولات التمويل العقاري من البنوك بالفشل لأن المواطن غير مقتدر على الاقتراض، فنسبة 90% تقريبا من المواطنين مقترضون قروضا شخصية ويسددون ثلث رواتبهم لهذه القروض وليس هناك مجال لرفع نسبة السداد، بينما هناك عمل جار لرفع نسبة السداد ضمن برامج تمويل جديدة، ولكن مع هذا فالمبلغ الذي سيتوفر للمواطن لن يضمن له حتى شراء شقة، فالفرد الذي راتبه 10 آلاف سيسدد 3 آلاف شهريا (الثلث الثاني) للقرض العقاري الذي يفترض أن يكون على 20 سنة، حيث إن مجموع 720 ألف ريال لن يستلم منها المقترض إلا 360 ألفا، بينما نصفها الآخر أرباح، وأصحاب الرواتب 20 ألف ريال سيقترضون 1.4 مليون، يستلمون منهما 720 ألفا ويسددونها ويسددون مثلها أرباحا بعد أن يتخلوا عن 13 ألف ريال من رواتبهم شهريا لمدة 20 سنة. يعمل في القطاع الخاص حوالي 1.7 مليون سعودي، منهم 1.5 مليون رواتبهم دون 10 آلاف ريال شهريا، وفقط 192 ألف موظف رواتبهم فوق 10 آلاف، أما في القطاع العام فلا يوجد تفاصيل، ولكن معدل رواتبهم حوالي 7300 ريال، وبكل تأكيد فليست الشرائح المستهدفة من المواطنين ذوي الدخل المحدود ولا المتوسط ولا فوق المتوسط، بل من الشرائح التي رواتبها أكثر من 25 ألف شهريا. آخر المنتجات التمويل المسؤول والتمويل التضامني في نفس الوقت، التمويل المسؤول يتيح استقطاع إلى 55% من الراتب لمن هي رواتبهم دون 15 ألف ريال، والـ55% هي مجموع القروض شخصي وعقاري وغيرها. أما الذين رواتبهم بين 15 ألفا و25 ألفا فالتمويل المسؤول يتيح لهم سداد حتى 65% من رواتبهم، والذين رواتبهم أكثر من 25 ألفا فهم غير مقيدين ويمكن للشخص اقتراض وسداد تقريبا بغالبية راتبه؛ والهدف من رفع حد السداد هو رفع حد الإقراض.

أما التمويل التضامني فهو مندمج مع التمويل المسؤول، ومضمونه أن ينظر إلى راتب الزوج والزوجة كراتب شخص واحد، فعندما يكون راتب الزوج 10 آلاف وراتب زوجته 10 آلاف ينظر لهما كشخص واحد ويحصل على قرض سداده يكون 65% من مجموع رواتبهما – 20 ألف ريال – ويخصم منهما شهريا 13 ألف ريال تكون من راتب الزوج والباقي يكمل من راتب الزوجة، وما زال العمل قائما على تحديد التفاصيل واللوائح والقوانين لهذه النوعيات من التمويل، وسنسمع قريبا عن التمويل المسؤول والتمويل التضامني.

سداد قروض بنصف الراتب أو أكثر من ذلك لمدة 20 سنة تهلك الشخص، فمن منا يستطيع الاستغناء على راتبه لهذه المدة؟ فالزوجان اللذان يبلغ راتبهما 20 ألف يصبح 7 آلاف لمدة 20 سنة، هذا النوع من المخاطرة أخطر من حالة الذين باعوا منازلهم ليساهموا بأسواق التداول وخسروا كل شيء، وثق ثقة تامة أن البنوك عملت حسابها ودرست ما حدث في أميركا وأوروبا من مشكلة للرهن العقاري قبل 9 أعوام.

بإيجاز الشخص سيرهق من السداد ويكبر أبناؤه وتكثر مطالبهم فيهربون من السداد ويتركون لهم المنزل وتهبط أسعار العقار لأن العرض أكثر من الطلب فيباع المنزل بنصف قيمته ليستوفي البنك باقي مستحقاته، هذا ما حدث في سوق أميركا العقاري.

المباحثات جارية بين البنوك والقطاعات الحكومية المعنية بهذا الشأن، وهناك محامون ومفكرون ينوبون عن جميع العناصر المعنية بهذا الشأن عدا المواطن، فالكل متحرص منه، والكل يعمل على ضمان حقوقه عدا المواطن الذي سيأتي في الأخير ليوقع على ما يناسب الجميع.

المواطنون بطبيعتهم الوظيفية والرواتب المتدنية لا يستطيعون الاقتراض، ولكن البنوك تريد أن تستغل باقي رواتبهم، والإسكان تريد من المواطن إنعاش سوق العقار لكي ترتفع حصتها من رسوم الأراضي. يجب أن نتعلم من تجربة انهيار الرهن العقاري في أميركا وأوروبا لنحمي المواطن ونحمي سكنه وليس لنحتاط منه ونضمن تحقيق أهدافنا مع علمنا بتوريطه.&&