تحت عنوان «تعرفوا على شبابنا» كشف استطلاع رأي واسع في إسرائيل اقتصر على اليهود فقط أن 60 % من شبابها يعتزون بانتمائهم لليمين ويحملون أفكارا معادية للعرب ويناصبون الكراهية لفلسطينيي الداخل. ويظهر الاستطلاع الذي أعدته ونشرت نتائجه صحيفة « يسرائيل هيوم» المقربة جدا من رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، أن حوالي 50% من الشبيبة فيها يعتقدون بأنه يجب ان لا يتمثل العرب في الكنيست.

وهذا المعطى لا يشمل من يرون أنفسهم منتمين للوسط(23%) الذي لا يبعد كثيرا عن اليمين. وإذا أضيف إليهم من لا موقف لهم، والذين يمضون دائما مع الغالبية فإن النتيجة الحقيقية للاستطلاع هي أن 90% من الشبان في إسرائيل هم يمين، وبالكاد 10% هم يسار.

أما نسبة الـ 60% المذكورة فتعني إذن أنهم يتبعون في الواقع لليمين المتطرف. وهذا يفسر معطى آخر مفاده أن 60% من الشباب اليهود قالوا إنه يجب عدم تقديم المساعدة الطبية لمنفذي العمليات من الفلسطينيين بعد إصابتهم، ويدعون لعدم محاكمة الجندي قاتل الشاب عبد الفتاح الشريف من الخليل الشهر الماضي.

ويعكس الاستطلاع موقف الصحيفة اليمينية إذ وجه اليهم السؤال المتحيز والمضلل الذي يمكن الاجابة عليه فقط بـ «نعم» أو «لا»: هل توافق على أن الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقية في العالم؟ كما كان متوقعا أجاب 80% من الشبان اليهود بـ «نعم» والمفارقة أن هذا يأتي فورا بعد السؤال عن إعدام عبد الفتاح الشريف.

ويسخر المعلق اليساري كوبي نيف، في «هآرتس» من صحيفة «يسرائيل هيوم» التي استثنت فلسطينيي الداخل من الاستطلاع وتساءل إذا تم ذلك فلماذا يؤيد الشباب اليهود تمثيل العرب في الكنيست؟. ويتابع في تعليق نشرته صحيفة «هآرتس» :» في الولايات المتحدة، حيث يعيش المليونير اليهودي شلدون ادلسون (ممول صحيفة «يسرائيل هيوم») كان يمكن لصحيفة الكو كوكس كلان فقط ان تنشر استطلاعا للشبيبة يشمل المسيحيين البيض فقط، تحت عنوان «تعرفوا على شبابنا. في إسرائيل تفعل ذلك صحيفة نتنياهو قائد الدولة، الديموقراطية، طبعا.

ويتساءل هل أصبح العرب الذين يشكلون نسبة 20% مجرد هواء؟ و يضيف «إذا تم الفصل، فليتفضلوا بإجراء استطلاع حول اليهود وآخر حول العرب. لكن لا. الاستطلاع هو فقط لليهود. وماذا عن العرب؟.. ما الذي تقوله عمليا «يسرائيل هيوم»، الصحيفة الأكثر قراءة في إسرائيل؟ إنها تقول شيئا واحدا: إن العرب ليسوا مواطنين حقيقيين، وإنما أشباه مواطنين.

ويشير نيف إلى خلفية تنامي الأفكار اليمينية المشبعة بالكراهية للفلسطينيين فيقول إن الشبيبة اليهود اليوم مصابون بالجهل.

مشيرا إلى أنه منذ سنوات يفاجأ المحاضرون في الجامعات والكليات عندما يصادفون الطلاب الجدد، المتخرجين من جهاز التعليم الإسرائيلي، بأنهم «لا يعرفون شيئا».

ويدلل على اتهاماته الخطيرة بالإشارة لما جاء به الاستطلاع ذاته: الرد على سؤال: «أذكر أسماء أربعة كتاب إسرائيليين»، نجح 21% فقط واحد من بين كل خمسة شبان في ذكر أسماء أربعة كتاب، بينما لم ينجح 10% (واحد من كل عشرة شبان حتى بذكر اسم كاتب واحد، و30% واحد من بين كل ثلاثة شبان عرفوا أسماء كاتبين.

في الرد على سؤال : «أذكر أسماء خمس بلدات في الجليل»، نجح 14% فقط واحد من كل سبعة بذكر أسماء خمس بلدات، و32% واحد من كل ثلاثة لم يعرفوا حتى اسم بلدة واحدة، وكان من بين أسماء البلدات التي قالوا إنها في الجليل، مدن كريات جات، بئر السبع ومتسفيه رامون كلها في الجنوب . كما طلب من الشبان إحصاء «أسماء خمسة وزراء في الحكومة اليوم»، فنجح بذلك 15% فقط واحد من كل سبعة، بينما لم يعرف 21% واحد من كل خمسة اسم حتى وزير واحد في الحكومة الحالية.

بعد خمسة أيام من نشر الاستطلاع في «يسرائيل هيوم»، كشف أن وزير التعليم في إسرائيل نفتالي بينت يبلور خطة واسعة لتعزيز الهوية اليهودية لدى الطلاب»، ما يعني تعميق الانغلاق وتضييق الأفق، إلى حد الانفصال عن الثقافة الإنسانية وعن الإنسانية عامة.

وهذا يدفع نيف للقول إن المستقبل يبدو مخيفا. مخيفا جدا.