تركي الدخيل

من العجب أن يختلف الناس على المسلمات. لكن تغييب الطبيعة لفترة طويلة، يمكن أن يحول غير الطبيعي إلى أصل، يستنكر من غيابه، ويُدافع عن حضوره. بدا لي النقاش المثار حول هيئة الترفيه التي اعتمدت بأمر ملكي أخيرا في السعودية شيئاً مما سبق.

هب أننا تجاوزنا حق الإنسان في الترفيه، وهي مصيبة، لو حدثت، لكننا نقولها من باب التنزل، فما بالك بصناعة اقتصاد الترفيه؟!

لم يكن في صدر الإسلام هيئة للفتوى، ولا جامعات للدراسة، لأن أعداد الناس، وحاجاتهم، لم تكن تستدعي ذلك. أما وقد ازداد الناس، وتعددت الحاجات، وتشعبت الحياة، وتحولت من البساطة إلى كثير من التعقيد الذي يحتاج إلى التنظيم، تطورت آلياتها، ووضعت الأنظمة والهيكليات، وأسست الدواوين، وعين الكُتاب، الذين يمارسون كتابة شؤون الدولة، أي موظفي الدولة، بعبارة أحدث.

الترفيه، اليوم بحاجة ملحة، لمن يرعاه، ويبحث عن فرصه، ويحوله لصناعة، تقدم للناس فرص حياة أفضل، وتعود على الاقتصاد بالنماء.

يحضرني هنا أن لأستاذ علم الاجتماع في جامعة ليدن بهولندا، آصف بيات، مبحث «الإسلاموية وسياسة اللهو»، فصّل إشكالية الموقف من «اللهو» فيه، وناقش كيف حرّم البعض السينما والأندية والمسارح، بل وحتى اللعب بالطائرات الورقية، وخلص إلى نتيجة مفادها: «أن الإسلام لم يقدّم نظرية محددة بشأن اللهو، بمعنى أن الإسلام لم يتحدث عن اللهو بوصفه من الممنوعات وإنما اشترط أن لا يلهي عن الصلاة». اللهو ليس ممنوعاً، بل هو ضمن المباحات، أو ما يعرفه أهل أصول الفقه بـ «منطقة العفو» المسكوت عنها، غير نسيان، كما في الحديث. فالمباح حق، مثل الهواء والماء، مثل الطبيعة والخضرة والجمال. والترفيه حق لا مراء فيه!