&&خالد أحمد الطراح

قانون تنظيم استقلال القضاء ـــ للأسف ـــ لم يرَ النور الى اليوم، على الرغم من تحمُّس حذر خلال الفصل التشريعي الماضي من السلطة التنفيذية!

المؤسف أن القانون دخل مرحلة شبيهة بالمفاوضات والمواجهة الإعلامية من جانب وزارة العدل لتبرير الموقف من القانون الذي «لم يعرض على المجلس الأعلى للقضاء».

قانون استقلال القضاء والحديث عن مرفق القضاء ليس من المفروض ان تتعامل معه وزارة العدل من منطلق الدفاع، وان يصرح الوكيل المساعد للشؤون القانونية بان مشروع القانون تم «عرضه أصلا» على المجلس الأعلى للقضاء، وهي في الواقع رسالة يفترض ان تكون محل نقاش خارج نطاق أضواء الإعلام.

اما الجانب الدستوري ـــ ان وجد فعلا ـــ بشأن اختصاص مجلس الوزراء في الإعداد والإشراف على ميزانية الدولة، فلا أعتقد ان أموراً دستورية وقانونية تغيب عن المجلس الأعلى للقضاء، وحتى لو كانت هناك حجة قانونية فإنه يفترض أن تناقش من الجهاز القانوني المعني كالفتوى والتشريع من دون ان تنفرد إدارة في العدل او لجنة وزارية بالقرار.

نتمنى ان يحظى قانون تنظيم استقلال القضاء بالأولوية في القريب العاجل، وأن يترسخ مبدأ أنه ليس هناك سلطان على القاضي في أحكامه، وان يتضمن القانون «تشريعا بشأن مخاصمة القضاء لتعزيز مبدأ العدالة والنزاهة كما هو معمول به في دول العالم».

التشريع المقترح الخاص بمخاصمة القضاء يتناول تفاصيل مهمة ودقيقة لا تمس مرفق القضاء، وإنما فعلا تحصِّن الأحكام القضائية من «الغش والتدليس والغدر او خطأ مهني جسيم او انحراف في العدالة، او اذا امتنع القاضي عن الإجابة عن عريضة قدمت له بالطريق القانوني لمصلحة الحكم فيها».

هذا القانون ظل لسنوات حبيس الأدراج، ومهما كان حجم التباين في وجهات النظر، فالأهم إعطاء هذا القانون الأولوية وحسمه بشكل لا ينتقص من مكانة مرفق القضاء.

لا يجوز أن يتحول مثل هذا الملف إلى مادة اعلامية، ولا يجوز التأخير في اقرار القانون مع الاخذ بعين الاعتبار آراء القضاة الذين اضطروا إلى اللجوء إلى صفحات الإعلام للمطالبة بحقوقهم التي تأخّرت سنوات، بينما جهات أخرى أخذت فوق ما تستحق!

استقلال القضاء ستستفيد منه الدولة سياسياً، وفي التعاون القضائي مع دول العالم ايضاً، بما يخدم العديد من الملفات وملاحقة الهاربين من العدالة.

القانون الآن قيد الدراسة والبحث في اللجنة التشريعية في مجلس الامة، وآمل في ان يأخذ دوره في الاولويات، حتى يتم عرضه على المجلس قبل انتهاء الفصل التشريعي الحالي، نظراً لأهميته، وتفادياً لان يعود القانون الى نقطة البداية، بينما هناك قوانين اقل اهمية أخذت الاولوية!

القانون المطروح، بما في ذلك مخاصمة القضاء، يتضمن ضوابط تنظيمية تحفظ هيبة القضاء وترسّخ مبادئ العدالة والنزاهة التي يحرص عليها المجلس الأعلى للقضاء، ولا أتوقّع ان عملية التوفيق في المواقف والآراء صعبة الى درجة التأخير في صدور القانون.

&

&