&هيا عبدالعزيز المنيع

مع اتساع مساحة شبكات التواصل الاجتماعي بات الكثير من مواقف التشدد تبرز، واتضحت بقوة مناطقُ الاختلاف بين افراد المجتمع، والمؤكد ان هذا الاختلاف يزداد مع تنوع المشارب الفكرية والاجتماعية والعمرية ناهيك عن حساسية الموضوع واهميته لقاعدة بشرية كبيرة.. ولن ابالغ لو قلت ان الاختلاف يبلغ ذروته فيما يخص الشأن النسائي..

الاختلاف في طبيعته يمثل شكلا حضاريا، والمجتمعات التي لا تحترم مفهوم الاختلاف باعتباره حقا للجميع مجتمعات لا تتقدم بل تصبح في حالة ركود قاتل للعقول المبدعة..

لو عدنا لحياة الانبياء قبل تلقيهم اشارات الدعوة من الله عز وجل لوجدنا انهم في حال اختلاف مع امتهم والشك لم يخمد داخلهم الا بعد تلقيهم رسالة الدعوة من الله.

الاختلاف في الرأي يمثل جزءا من خصوصية العقل البشري بل انه يمثل عمق تميز الانسان عن غيره من المخلوقات، فكل المخلوقات الحية تتسق في حالة عالية من التشابه في المكون نفسه، لانها لا تملك عقلا يحركها تكتفي من الحياة بطعامها ومائها وهوائها وشيء من غريزة البقاء لاستمراريتها في الحياة دون تقدم وتطور..

الانسان تتجلى قوته في قدرته على الحراك والتطور والتقدم، ولو استكان الجميع لنفس الرأي ونفس الواقع لما شاهدنا التقدم العلمي الذي جعل من صحرائنا واحة باردة تحت هواء المكيف ولما استمتعنا بصور ابنائنا واخوتنا وهم يدرسون في اقاصي الدنيا وكأنهم بيننا بل ربما نراهم وهم يتذوقون الافطار وهم يطبخون وجبة الغداء وبعضهم وهو "يطقطق" على استاذه في قاعة المحاضرات..؟

حين يعجز بعضنا عن احترام قيمة الاختلاف ويحاول محاربتك بكل صلافة بل وربما نعتك بما لا يتفق مع قيم دينك فلانه اعتاد ان يكون جزءا من قطيع لا يدرك ان الاختلاف رحمة وتميز، وانه قيمة اساسية في ديننا قبل غيره..

رفض بعضنا اختلاف بعضنا يعود لثقافة الصوت الواحد دوما في المجموعة الصغيرة سواء أكان هذا الصوت ينجرف يمينا ام يسارا، المهم الا يكون للمحيطين به صوت مختلف ورأي آخر..

بعضنا لايملك القدرة على التعايش مع من يختلفون معه بل يعتقد ان اختلافك مع رأيه هو اساسا خلاف مع شخصه وربما اعتبر نقدك لرأيه موجها لشخصه.. ومن هنا ضاقت الأنفس ببعضها لدرجة ان بعضهم يعتقد ان من حقه نعتك بما ليس فيك لمجرد انه مختلف معه في الرأي..

الاختلاف الواعي والايجابي من شانه ان يخلق حالة عالية من الحراك التقدمي في المجتمع ويفكك الكثير من معوقات التنمية خاصة وان الطبيعة البشرية احيانا تستكين للمألوف ولا تبحث عن غيره ليس لأنه الأفضل ولكنه الاعتياد السلبي احيانا.. والخوف من التغيير والتجديد احيانا أخرى..

لعل مؤسساتنا التعليمية على وجه الخصوص تنتفض أكثر وتكرس قيمة الاختلاف بين الطلاب والاساتذة وتجعله جزءا من حالة التفاعل الواعي والقدر المتاح للجميع وفق فلسفة واضحة وهي اختلف واحترم وبرهن على سبب اختلافك بمعنى الا يكون الاختلاف لذاته بل نتيجة معلومة او تحليل منطقي.