&سعد بن عبدالقادر القويعي

...تأكيد رئيس حملة السكينة - الشيخ - عبدالمنعم المشوح - قبل أيام -، بأن: «مجموعات، وفصائل تدور في فلك تنظيم القاعدة أطلقت حملة انفر؛ لتحريض الشباب على ترك أوطانهم، وأهلهم، وأعمالهم، والمشاركة مع مجاهيل تحت رايات عمية؛ ولأهداف غير معلومة؛ حتى إن بعض المنشقين عن هذه الفصائل، ذكروا أنهم لا يعرفون من يقتلون»، هو دليل واضح - في تقديري - على فشل المعيار التاريخي، وعنصر الفاعلين، والنطاق الطبيعي للفئات الشاذة، والتي اكتسبت إرهاباً فكرياً، ونفسياً، تحول - مع الأسف - إلى أيديولوجيا قائمة على مبدأ الإرهاب، واستخدام العنف؛ من أجل الحصول على مكاسب سياسية، أو اجتماعية، أو دينية، وحتى فكرية، وثقافية.

فشل «حملة انفر»، وغيرها من حملات التنظيمات الإرهابية، دليل على تضاؤل فرص التنظيم في البقاء، وفشله في كافة مراحله، وإستراتيجياته التي تنَظِّر لها الجماعات التكفيرية وفق أدبياتها، وكتابات كبار مفكريها، والتي تمثّل الزاد الفكرى، والمعرفى لدى تلك الحركات. الأمر الذي يمثِّل خسارة كبيرة على المستويين - المعنوي والمادي - للتنظيمات المتطرفة؛ حتى وإن أثبتت التحولات التنظيرية الموجودة في العقل السياسي للتنظيمات الإرهابية توسعاً في مفهوم العدو البعيد، والتركيز عليه.

واتساقاً مع هذا المنحى، فإن دلالات الحاضر، وسيناريوهات المستقبل، تؤكّد على أن ظاهرة الإرهاب تخضع في مجملها إلى اختلاف الدوافع، والمظاهر، والأهداف، وتتفق في عدم أخلاقيتها. وعندما يتم تحويلها إلى أيديولوجيا محددة، تستصحب مكانة مركزية لفكرة الهوية من قبل البعض، فإنه وإن ضمن لها الاستمرار حيناً من الوقت، إلا أنها ستفشل في التحول إلى عقيدة سياسية في غالب الأحيان.

باعتبارها، أي: الظاهرة المعادل السياسي، والأخلاقي للتنظيمات الإرهابية، فإن هذا الخلط في المفاهيم كان خاطئاً في معظم جوانب السلوك والسياسة ، - ولاسيما - العلاقات مع النظام الدولي، والإقليمي؛ لأنها ليست مبنية على أدلة ثابتة، وإنما تتقيد بنهج الصارم في تفسير قمعي بشكل متطرف، ووحشي للشريعة الإسلامية من سفك للدماء، وإزهاق للأرواح البريئة، دون رادع ديني، أو إنساني، وزرع الفتنة، واستباحة دماء الآمنين، والاعتداء على المقدسات، والحرمات.

ما يزيد من أهمية تطوير الإستراتيجيات المتبعة لمكافحة التنظيمات الإرهابية، أن أثمر التعاون الإقليمي في التضييق على الدعاية السياسية، والدينية، وجمع الأموال المناصرة للمنظمات الإرهابية، - إضافة - إلى تزامن تجفيف منابع الدعم الخارجي لها. وهذا يؤكد حاجتنا الفعلية إلى إعادة صياغة نموذج مكافحة الإرهاب حتى يشمل الوقاية، والتدخل، وإعادة التأهيل، بوصفها المحك الحقيقي لمدى قدرة الإنسان المعاصر في تجاوز هذه الإشكالية.