لحل الأمني يوسع الهوة في المجتمع ويرسخ الإنقسام… وإصرار لجر مصر إلى الوراء وتكرار تجربة الدولة البوليسية الشمولية

حسنين كروم&&&

& لم يكن هناك موضوع أو خبر محدد يجتذب اهتمام الأغلبية في الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 24 مايو/أيار، كما كان الحال في الأيام الماضية من هيمنة موضوع سقوط طائرة شركة مصر للطيران، ونشر التحقيقات والأحاديث مع عوائل الضحايا.

وتم الكشف مساء الاثنين في برنامج «العاشرة مساء» الذي يقدمه على قناة دريم زميلنا وصديقنا وائل الإبراشي عن قيام البعض بجمع تبرعات بأسماء الضحايا، وقال إنهم نصابون، وطالب الشرطة بإلقاء القبض عليهم، خاصة أن أحدهم نشر اسمه ورقم الحساب الذي سيتلقى عليه التبرعات. كما تراجع عدد التعليقات على الحادث وانغماس الكثيرين في تحليل الحادث واستباق التحقيقات التي لم يظهر منها شيء حتى الآن، وإن كان زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم أخبرنا أمس في «المصري اليوم، أنه شاهد شابا يصطحب صديقا له إلى مستشفي المجانين لإدخاله فيه وقال للطبيب: مخبول بيقول إن اللي وقع الطيارة المصرية هو اللي وقع الطيارة الروسية هو نفسه اللي قتل ريجيني، وأخبرنا عمرو أنه شاهد ممثلا لأمريكا قرب المستشفى.

ومن الموضوعات التي احتلت حيزا في الصحف المصرية هو اللقاء الذي تم في الفاتيكان بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرانسيس، والاتفاق على تحقيق التعاون بينهما، وكانت العلاقات قد تم قطعها بين الأزهر والفاتيكان بسبب تصريحات للبابا السابق، اعتبرها الأزهر مسيئة للإسلام. ومن المعروف أنه سبق للعاهل السعودي الراحل الملك عبد الله أن زار الفاتيكان مثلما سبق للحاخام الإسرائيلي عوفاديا زيارة الأزهر في عهد شيخه السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي.

ومن الموضوعات الأخرى التي اهتمت بها الصحف، المعركة التي أشعلها رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال عندما قال وأكد، أنه ستتم إحالة أي عضو في المجلس إلى لجنة القيم، إذا تحدث للإعلام عن موازنة الدولة والبنك المركزي، وكان أحدهم من الذين يتلقون تدريبا على العمل في بعض مراكز المجتمع المدني، وبنى الدكتور عبد العال موقفه على أساس أن لهذه المراكز أجندات خاصة لخدمة أهداف من يمولونها.

كما لا تزال أخبار أندية كرة القدم والمباريات تحظى بقدر كبير من الاهتمام. كذلك سيفتتح رئيس الوزراء اليوم الأربعاء معارض «أهلا رمضان « التي أقامتها الحكومة ممثلة في وزارات التموين والزراعة، بالإضافة إلى الجيش لبيع السلع بأسعار أقل بعشرين في المئة من الأسواق، وطمأنة الشعب أن كل السلع متوافرة في الشهر الكريم، بالإضافة إلى أن الكهرباء لن يحدث لها أي انقطاع، كما أعلنت حالة الطوارئ في البيوت بسبب اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة والجامعات. وإلى بعض مما عندنا….

&&

هل النهضة الراهنة&

مجرد حلقة أو قفزة؟

&

ونبدأ بالرئيس عبد الفتاح السيسي واستمرار الخلافات حول سياساته وأهدافه، إما تفسيرا أو هجوما ودفاعا حيث قام زميلنا وصديقنا في «الأهرام» أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية الدكتور جمال عبد الجواد بتقييم سياسات الرئيس في مقاله يوم الأحد في جريدة «الوطن» بقوله عنها: «لو استمرت عملية البناء الجارية الآن في مصر بالوتيرة نفسها لعدة أعوام أخرى، فسيذكر التاريخ الرئيس عبدالفتاح السيسي باعتباره أحد البنائين الكبار لمصر الحديثة، لينضم بذلك إلى القائمة التي تضم محمد علي والخديوي إسماعيل وجمال عبدالناصر. شبكة الطرق الجديدة التي يتم بناؤها وفقا لمعايير عالمية لم نعتد عليها في مصر، والتوسع العمراني والتنموي في سيناء وإقليم قناة السويس، والساحل الشمالي الغربى والصحراء المحيطة بالوادي الضيق في صعيد مصر، ومحطات الطاقة العملاقة التي ستتيح الطاقة اللازمة لتلبية احتياجات الاستخدام المنزلي والتوسع العمراني، والتنمية الاقتصادية وتطوير العشوائيات أو إزالتها كلية، إذا استلزم الأمر، وتطوير الموانئ والمطارات، إنها قائمة طويلة من مشروعات التنمية التي تكون إذا نظرنا لها مجتمعة تجسيدا لرؤية تنموية شديدة الطموح لا شك لديّ في أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيعاد انتخابه لفترة رئاسة ثانية بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية، هذا هو ما ترجحه ما أظنها مشاعر سائدة في أوساط الرأي العام، وهو ما ترجحه أيضا موازين القوى السياسية في البلاد، إذ لا يوجد منافس حقيقي لرئيس تسانده القوات المسلحة، وعقيدته هي أيديولوجيا الوطنية المصرية. لقد غيرت إنجازات محمد علي مصر وجعلت منها بلدا مختلفا تماما، وكذلك فعل الخديوي إسماعيل وجمال عبدالناصر، ولكن في كل مرة كانت مرحلة النهوض الكبير يتبعها تباطؤ أو توقف كامل، انتظارا لموجة وقفزة تنموية جديدة. ولا نريد للنهضة الراهنة أن تكون مجرد حلقة أو قفزة ننتظر بعدها سنوات عدة حتى يحين موعد القفزة التالية».&

وليد عبد العزيز: إحنا شعب ذكي&

لكن زميلنا في «الأخبار» وأحد مديري تحريرها وليد عبد العزيز طمأن عبد الجواد بقوله: «إحنا شعب ذكي وبنفهم مين عاوز أيه، طب أقولك على حاجة الناس بتسأل من دلوقتي وبتقول يا تري هنلاقي راجل وطني تاني زي السيسي بعد 6 سنين؟ احنا ما بنخافش يا ريس علشان معانا راجل نزلنا في الشوارع وطلبنا منه يبقي رئيس ولما جه ما ضحكش علينا لا ده عمل أكتر ما وعد بكتير. كمان يا ريس الناس بتقول إن اللي حوليك مش بيشتغلوا زيك، أو من الآخر كده إنهم شلة منتفعين بس. أنا هقول لحضرتك حاجة لو كانوا منتفعين وكل اللي بيحصل في البلد ده من مشاريع عملاقة وتنمية واستعادة استقرار وخلافه والنبي تحافظ عليهم أصل أهل الثقة عاوزين يتصدروا المشهد بس مش عارفين ومش لاقيين حاجة يقولوها فيك».&

مصر دولة يبنيها العسكر!&

ولقي وليد في اليوم التالي الاثنين دعما له من زميله وصديقنا رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الأسبق التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم رفعت رشاد بأن قال: «مصر دولة يبنيها العسكريون فهم الأكثر انضباطا والأكثر احتراما للجماهير، لذلك تجد رصيد الجيش يتزايد لدى المواطن العادي. كما أن ثقته في جيشه داخليا وخارجيا تتعمق. لقد عانى الرئيس السيسي من تقاعس الأداء في الهيئات المدنية، فاضطر لتكليف كوادر الجيش بتنفيذ المهام، وبدلا من أن يساعد الجهاز الحكومي المدني طموحات الرئيس، تسبب الجهاز الحكومي في تسخير مصالح الجماهير لخدمته وفتح ثغرات للانتهازيين لكي يسيطروا على الكثير من المشروعات وتعطيلها فأضيرت مصالح الدولة العليا. لقد خذلت فئات كثيرة الرئيس، ومنهم المثقفون الذين اعتقدنا أنهم سيتفاعلون مع ثورة يونيو/حزيران، ويصوغون من أعماق ضميرهم وعلمهم عقيدتها الثورية وطريقها للتغيير الأساسي والجذري في المجتمع، ولكنهم اكتفوا بالمشاركة من بعيد بدون حتى التعاون المثمر رغم حاجة مجتمعهم لفكرهم».&

أزمة ثقة بين مؤسسات&الدولة والإعلام&

وقد حظي خطاب الرئيس في دمياط بتعليقات مختلفة فقال يوم الاثنين زميلنا محمد الباز رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «البوابة» اليومية المستقلة: «أطالب الجهات الحكومية والمعنية في الدولة بأن يكون هناك ضمان لتدفق المعلومات لوسائل الإعلام كي نطلع الشعب على آخر المستجدات التي تصل إلينا». كان هذا ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي نصا خلال زيارته دمياط، تداخلت القضايا التي تحدث عنها وفيها… رسالة الرئيس إلى مؤسسات الدولة المختلفة عن الإعلام، هي الأهم بالنسبة لي، ليس بحكم عملي في الإعلام، ولكن لأنها تنهي جدلا كبيرا حول العلاقة التي بدت شائكة بين رأس الدولة والإعلام بمختلف توجهاته وأشكال ملكيته.

بما قاله السيسي، فهو يدرك تماما أن الإعلام أداته وسلاحه، الذي يمكن من خلاله الوصول إلى الرأي العام في مصر والعالم، وحتى يصل ما يريده بشكل جيد، فلا بد أن تكون هناك معلومات واضحة ومحددة وصحيحة، وصفها الرئيس في آخر المستجدات في ما يخص حادث الطائرة الإيرباص، فبدون معلومات لن نستطيع أن نقنع أحدا في مصر أو خارجها بأي شيء.

أعرف أن هناك أزمة ثقة بين مؤسسات الدولة والإعلام، أسبابها بالمناسبة واضحة ومعروفة، يعرف الطرفان أنهما يعملان من أجل بناء هذا الوطن، لكن لدى كل منهما وجهة نظر في ما يراه ويعتقد أنه الصواب، الاحتكاك الذي يحدث بين وقت وآخر صحي جدا، وأعتقد أن ما قاله الرئيس اليوم يمكن أن يكون بداية طريق لتفاهم في ما يتعلق بعمل الإعلام في المستقبل، فلا الإعلام يستطيع أن يعمل وهو على خط المواجهة الدائمة مع مؤسسات الدولة، ولا مؤسسات الدولة تستطيع أن تعمل بدون الإعلام، ولو حاول البعض أن يقنعنا بغير ذلك، فهو حتما يضلها ويضللها.

بقي شيء واحد، فهناك من يرى أن مشكلات البلد لا يمكن أن يحلها الإعلام، وهو قول حق يراد به باطل، فالإعلام ليس مسؤولا عن حل المشكلات، لأنه ليس سلطة تمتلك قرارا، ليست لديه أدوات تنفيذية يمكن من خلالها أن يشتبك مع الواقع يغير فيه ويبدل، الإعلام يسجل ما يحدث في العالم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، ينبه إلى الخطر، يحذر من الكوارث، يقدم وجهات نظر يمكن أن يستفيد منها صانع القرار، وعليه فمن الظلم تحميل الإعلام ما لا يطيقه، لأننا بذلك نختلق أزمة لن يستفيد منها أحد على الإطلاق».&

للإعلام&مثالب ثرة&

وإذا توجهنا إلى جريدة «المقال» في يوم الاثنين نفسه سنجد زميلنا أحمد رمضان الديباوي يناقش ما أكده الرئيس عن أهمية الاستقرار الأمني الذي حدث ثم عرج على الإعلام بقوله:

«المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية قال أثناء عرضه التطورات التي تمت في مجمع الأسمدة وإنجازات الوزارة في مجال القطاع البترولي «أحنا مش بنعرض الأمر بشكل مغلق، الرأي العام بيشوف وأحنا محتاجين إننا نتكلم معاهم ونقولهم على سبيل المثال احتياجتنا من البترول السنوية كام وتكلفتها كام». مضيفا «الاستقرار له عائد بدليل التوقف عن العمل، وبعد الاستقرار النسبي وصلنا لهذا التطور، وشكل مصر تعكسه أشياء كثيرة». وهو الأمر الذي يعكس اهتمام الرئيس بالجانب الأمني والاستقرار ومنحه الأولوية، لما له من تأثير جد بالغ في جذب الاستثمارات وتعظيم دور الدولة في حماية منشأتها الحيوية، وبث الطمأنينة في نفوس المستثمرين وذوي رؤوس الأموال، لكن الرئيس أبي كذلك إلا أن يحمل كعادته في الفترة الأخيرة الإعلام مسؤولية أي قصور يراه العالم الخارجي في حق مصر. وكان الرئيس يتملص من مسؤولياته كرأس للسلطة التنفيذية، فهو يرى أن الطريقة التي يرى العالم بها مصر الآن إنما سببها ما يقدمه الإعلام عنها، وهو منطق غير مفهوم، كما غير متسق مع الحقيقة بتمامها، وليس معنى ذلك أننا ننكر أن للإعلام مثالب ثرة لا يستطيع منصف إنكارها أو التعامي عنها، لكننا في الوقت نفسه نؤكد أن سياسات الرئيس والحكومة ومجلس النواب منذ جلسته الإجرائية الأولى، هي المسؤول الأول عن صورة مصر، داخليا أو خارجيا، بل إن الإعلام الذي يسبح بحمد الرئيس وحكومته ليل نهار هو شريك فاعل في هز صورة مصر خارجيا، بل تأليب قطاعات كبيرة من الشباب والمواطنين على الدولة والرئيس».&

تصرف السيسي يناقض كلامه&

أما زميله محمد زكي الشيمي فقد قام بتقييم الإيجابيات في الخطاب وقال عنها: «كلمة الرئيس السيسي أمس في دمياط شهدت أداء أفضل، إذ كان أسلوب أدائه أولا أفضل بكثير من المرات الأخيرة، لأنه كان يعكس غيابا للتوتر الذي كان يبدو ظاهرا بوضوح في كلماته الأخيرة، حيث كان يظهر وكأنه يشعر بالغضب مما يمكن أن يكون في اعتباره نكرانا للجميل، كما كان على مستوى المضمون. ثانيا بدا كلام الرئيس عن أزمة الطائرة هادئا وموضوعيا ومتزنا، كما حمل تاكيدا على كشف الحقيقة أيا كانت، وهو مبدأ مهم ليس فقط بالكلام بل الأفعال، لكي نستعيد ثقة العالم فينا وفي إجراءاتنا المختلفة. كما أنه يثبت أنه ليس على رأسنا بطحة نتحسسها، وفي الواقع فإن هذا كله يأتي في إطار تحسن كبير في تعامل الدولة ككل مع هذه الأزمة عن الأزمات السابقة، خصوصا أزمة الطائرة الروسية، وبالتالي لم يكن كلام الرئيس عن الكفاءة النسبية لأداء أجهزة الدولة في هذه المرة إلا إقرارا لواقع شهدناه فعلا، كما قال. كما أن الإعلان عن أن مصر تسعى بنفسها للحصول على «الصندوقين الأسودين» كانت له دلالة مهمة، سواء من حيث الإشارة إلى الكفاءة والجاهزية، أو من حيث تأكيد درجة الاهتمام العالية، رغم ارتفاع التكاليف؟ ورابعا لم يستغرق الرئيس وقتا طويلا في كلمته، فهي كانت في حدود الدقائق العشر ولهذا بدت مكثفة، وهذا بالتأكيد أفضل من الكلمات الطويلة التي ترهقه وترهق المستمعين معا. كانت تلك هي النقاط الإيجابية الأساسية ولكن هذا لا ينفي أيضا أن الافتتاح شهد سلبيات وتناقضات غريبة تظهر من بين الكلمات وطريقة التعامل. وعدد الشيمي هذه التناقضات ولم يسردها بشكل واضح إلا في قوله: والتناقض الثالث هو أن الرئيس يتحدث بصيغة « كلنا فريق واحد»، ولكنه بدا سلطويا للغاية في أثناء حديثه ومقاطعاته لوزير البترول وكأنه يوبخه على أدائه من حين لآخر فظهر بالضبط كالمدير الحكومي الذي «يكدر» موظفيه، وليس في صورة الفريق المتناغم. وببساطة لو غابت بعض المعلومات من العرض الذي يعرضه وزير البترول ورأي الرئيس أنه كان يجب طرحها فإنه على الرئيس تعديل المنظومة بحيث تطلب الرئاسة مسبقا من الوزير أن يتضمن عرضه النقاط المطلوبة لكي لا يبدو الأمر بهذه الصورة المزعجة».&

خيرة شبابنا وراء القضبان&

وإلى المعارك والردود المتنوعة وسيبدأها زميلنا وصديقنا في مجلة «روز اليوسف» الحكومية الساخر عاصم حنفي في عدد المجلة الصادر يوم السبت بإبداء غضبه من الأحكام القضائية التي صدرت ضد أكثر من مئة شاب فقال: «إخوة وأبناء من خيرة شبابنا وراء القضبان الآن، كل جريمتهم أنهم يحبون مصر، فخرجوا يهتفون في قضية الجزيرتين، والقضية خلافية كما تعلمون، ونصف المصريين يقف في جانب ونصفهم الآخر في الجانب المضاد، وأخشى أن يتمكن أحد الجانبين فيضع الآخر في السجون والمعتقلات، والحل هو الحوار ثم الحوار حتى يقتنع الجميع ويكسب الوطن الوحدة والاصطفاف، والحل الأمني يزيد الهوة في المجتمع ويخلق مرارات ويرسخ الانقسام وقد غابت السياسة، وأخشى أن أقول غاب الضمير. علينا إذن مد يد المساعدة والفهم والاحتواء بدلا من دفن الرؤوس في الرمال، وبدلا من الاستماع إلى بيانات الإعلام الزاعق الذي ينطبق عليه وصف خالتي الفيلسوفة «هبلة ومسكوها طبلة»، وهات يا زعيق وهات يا بيانات عسكرية وقرارات اتهام جزافية وتفتيش في بنود الدستور ومواد القانون، بحثا عن أقصى عقوبة. يقولون إن المسؤولين الآن عن معظم الملفات الأمنية في الدولة من الصغار عديمي الخبرة والتجربة، وبعضهم عين في موقعه لأنه مسنود من فلان وعلان، ولهذا تخرج قراراتهم عرجاء خرساء تفتقد الخبرة والحنكة، عكس الحال أيام زمان حيث كانت الحنكة وشغل السياسة هي أساس اختيار الكوادر والقيادات».&

«مصر مش للبيع»&

وإلى معارك أخرى مختلفة دارت حول وبسبب زميلنا وصديقنا المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، بسبب اعتصامه مع المعتصمين من أعضاء التيار الديمقراطي، في مقر حزب «حركة الكرامة»، حيث نشرت جريدة «الكرامة» لسان حال الحزب التي تصدر كل يوم أحد تحقيقا عن الاعتصام لزميلتنا الجميلة شريهان عاطف جاء فيه: «تضامنا مع مطالب حملة «مصر مش للبيع»، أعلن حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق دخوله في اعتصام مفتوح في مقر حزب الكرامة مع مجموعة من الشخصيات السياسية والعامة المنتمية للتيار الديمقراطي، تنديدا بالأحكام الصادرة في حق الشباب الذي شارك في تظاهرات «جمعة الأرض والعرض» و«مصر مش للبيع» يوم 25 أبريل/نيسان مطالبا بالإفراج عن الشباب وإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية. وأوضح صباحي أن الاعتصام أداة ضغط وأحد أدوات القوى المدنية، التي ستطور، خلال الأيام القليلة المقبلة للمطالبة بحرية الشباب المحتجزين مؤخرا لمخالفة قانون التظاهر، لمعتقلي الأرض الرافضين لاتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية، وكل الشباب من معتقلي سجناء الرأي، وكذلك المطالبة برفض اتفاقية تعيين الحدود. مشيرا إلى أن الاعتصام قد يتطور في مقار أحزاب أخرى وبمشاركة أعداد أكبر».&

السيد البابلي: لن يتعاطف أحد مع صباحي&

وما فعله حمدين أغضب زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي لذلك قال عنه في يوم الأحد نفسه: «لماذا يصر السيد حمدين صباحي رئيس حزب الكرامة والمرشح الرئاسي السابق على الاعتصام في هذه الأوقات والظروف، التي تستدعي اصطفافا وطنيا واحدا خلف القيادة السياسية، حماية للوطن وحفاظا عليه. إن اعتصام حمدين ليس له ما يبرره وقد اختلطت الأوراق والقضايا في هذا الاعتصام ما بين رفض اتفاقية تعيين الحدود البحرية إلى رفض قانون التظاهر إلى المطالبة بحرية الشباب المحتجزين مؤخرا في قضايا أخرى، لا يمكن النظر فيها أو حلها بالاعتصام وإنما بالقانون وبالقنوات الدستورية، ومن خلال البرلمان. إننا لا نسخر من اعتصام حمدين ولا نرفض حقه في الاعتصام، ولكن على حمدين أن يدرك أن أحدا لن يتعاطف معه الآن، وأن عليه أن يعيد النظر في الكثير من قراراته ومواقفه ورؤيته السياسية بعد أن أصبح وحيدا وتخلى عنه أقرب الأصدقاء ورفاق الماضي».&

صدامات صباحي مع الدولة&

وفي اليوم التالي الاثنين تعرض حمدين صباحي إلى هجوم ساخر من زميلنا في «الأهرام» عماد عريان قال فيه: «مع تكرارالمواقف المحيرة والغريبة للسياسي حمدين صباحي وأحدثها الإعلان عن اعتصامه احتجاجا على موقف الدولة من مسألة جزيرتي تيران وصنافير، لا أدري لماذا تستدعي الذاكرة على الفورالجملة الشهيرة للنجم الراحل إسماعيل ياسين «فتشني فتش»، التي كتبت الخلود لفيلمه «ابن حميدو»، ولكن هذه المرة أشعر وكأن لسان حال «المناضل» صباحي في صداماته المتكررة مع الدولة يكاد يستبدل جملة إسماعيل ياسين بأخرى تقول «إحبسني إحبس»، فمن الواضح أنه يرغب في الوصول إلى قمة الصدام مع الدولة، التي قد تجد أن التعامل القانوني معه أصبح أمرا ملحا، ما يمنحه رئة جديدة للبقاء في دائرة الأضواء. الإصرارعلى اللجوء إلى الشارع للاحتكام إليه وممارسة الضغوط على الدولة هو بلا قطع شكل من أشكال الهمجية والغوغائية، لأنه إذا كانت هناك مؤسسات وأحزاب وإعلام فلماذا اللجوء إلى الشارع؟».&

لماذا ترك الناشطون إسلام بحيري وحده؟&

ونظل في «الأهرام» لنكون مع زميلنا أحمد عبد التواب، الذي أبدى دهشته من عدم الدفاع عن إسلام بحيري بينما دفاع الناشطين كله عن زملائهم من الأدباء قال: «السؤال: لماذا لا يجد إسلام بحيري إلا قليلا من الاهتمام ولا يحظى بما يناله المحبوسون في قضايا شبيهة، من رعاية ومتابعة ودعاية يوفرها لهم ناشطون في مجال حقوق الإنسان؟ والإجابة المُرَجَّحة: لأنه مستقل عن الناشطين ولا يدخل في حلقاتهم ولا يتحرك معهم. والمعنى المباشر من معانٍ كثيرة أخرى، أن معظمهم غير مبدئيين كما يدَّعون وإنما هم عمليون يكاد نشاطهم يقتصر على رفاقهم، كما أنهم يفضلون أن تكون خصومتهم ضد الحكومة أو الرئيس، لأن أقصى ردود الأفعال الغاضبة من السلطة هي أقل خطرا مما يهددهم إذا اختصموا مع المتطرفين دينيا، وهم الأعداء المباشرون لبحيري، الذين أفصحوا عن شراسة لم ترد في القضايا الأخرى مع الآخرين، لأن بحيري كان أوضح في المواجهة بالبحث والمعلومات، غير الآخرين المبدعين الذين يمكنهم التنصل من المعانى بادعاء رمزيتها».&

إلغاء افتتاح النادي النهري للقضاة&

وإلى «الوطن» ورئيس تحريرها التنفيذي زميلنا محمود الكردوسي الذي ترك كل هؤلاء واهتم بما حدث لصديقه المستشار أحمد الزند وزير العدل السابق وقال عنه في بروازه اليومي «كرباج»: «مجلس القضاء الأعلى أصدر أمس بيانا بإلغاء افتتاح النادي النهري للقضاة بعد تجديده وتطويره وإلغاء تكريم المستشار أحمد الزند. كان المفروض أن تقام الاحتفالية والتكريم يوم السبت وتأجلت بحجة أن الدولة في حداد على شهداء الطائرة. أولا: الدولة لم تعلن حدادا بدليل أن الأهلي لعب مع روما. ثانيا: الدولة ليست طرفا في شأن قضائي بحت بصرف النظر عن فجاجة الطريقة التي أزيح بها الزند من الوزارة. ثالثا: ليس للمجلس أي ولاية على نادي القضاة. تقديري أن هناك من يستهدف الزند (وإنجازه في النادي بالتبعية) إما لخصومة شخصية أو توددا (ولا أقول نفاقا) للدولة. الدولة تعرف من هو أحمد الزند وماذا فعل في معركتها مع عصابة الإخوان! الدولة والمواطن والنخبة يعرفون جيدا أن الزند منح القضاء «شعبية» يستحقها وصان هيبته. الزند أكبر وأهم عند محبيه من أي تكريم».&

ابتسم وإن أبكَتْكَ الظروف&فإنَّ لكَ ربا عظيمَ المعروف&

أما لو توجهنا إلى «الأخبار» يوم الاثنين سنجد زميلنا الإخواني ورئيس تحرير «أخبار اليوم» الأسبق سليمان قناوي يحاول أن يلخص أسباب ما طرأ على المصريين من عادات لم تكن من عاداتهم أبدا وقال: «الذي كان يوصف بالمروءة والشهامة وإغاثة الملهوف وكان هينا لينا أصبح فظا غليظ القلب، فانفض معظم المصريين عن بعضهم بعضا. لن أظلم ثورة 25 يناير/كانون الثاني- كما يفعل كثيرون – لأقول إنها أخرجت أسوأ ما في المصريين، فالثوار الذين نظفوا ميدان التحرير بعد سقوط مبارك، وأقاموا اللجان الشعبية لحماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، لا يمكن إلا أن يكونوا نبلاء، وحتى لا ننسى نذكركم بما قاله زعماء العالم عن أبطال 25 يناير، الذين يصفهم بعض الإعلاميين الآن بالخونة والمتآمرين فقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: «يـجب أن نربي أبـناءنا ليصبحوا كشباب مصر». وعلق بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة: «أتيت إلى مصر لتحية الشعب المصري وتأكيد عون ومساندة الأمم المتحدة للشعب المصري ولثورته السلمية التي استطاعت أن تجني ثمارها من خلال التعديلات الدستورية». وذكر سيلفيو برلسكوني رئيس وزراء إيطاليا الأسبق: «لا جـديد في مصر فقد صنع المصـــريون التاريخ كالعادة». وأكد رئيس وزراء بريطانيا: «يجب أن ندرس الثورة المصرية في مدارسنا». وأوضح هاينز فيشر رئيس النمسا: «شعب مصر أعظم شعوب الأرض ويستحق جائزة نوبل للسلام» ربما يرجع شياط الأعصاب إلى إحباط الشباب لأن الثورة لم تحقق أهدافها بعد. عموما ابتسم وإن أبكَتْكَ الظروف فإنَّ لكَ ربا عظيمَ المعروف».&

الديمقراطية الحقيقية هي الحل&

وإلى الشباب والدعوة لإنشاء منظمة شباب جديدة وهو ما أغضب زميلنا في «المساء» رئيس تحريرها الأسبق مؤمن الهباء فهاجم الفكرة وشن هجوما عنيفا ضد خالد الذكر ونظامه بقوله:

«لا أدري لماذا يتعمد شيوخنا الكبار العودة بنا إلى تجارب ثبت فشلها، وانتهت بكوارث على الوطن والمواطنين، والإصرار على تزيين هذه التجارب وفرضها فرضا على الأجيال الشابة. مات الأستاذ محمد حسنين هيكل وهو يدعو إلى تكوين هيئة أو تنظيم أو تحالف يجمع كل الأحزاب السياسية معا، في ما يشبه إعادة إنتاج لفكرة الاتحاد الاشتراكي العربي «تحالف قوى الشعب العاملة»، التنظيم السياسي الوحيد في عهد عبدالناصر، الذي أنهى به المرحلة الليبرالية وقضى به على التعددية الحزبية ليفرض على الشعب رؤية شمولية ديكتاتورية مستبدة، ليس فيها غير صوت واحد هو صوت الحاكم وزبانيته، وألغت من قاموسنا السياسي مفردات الحرية والديمقراطية والرأي الآخر وكانت النهاية كارثة الكوارث. واليوم يدعو الأستاذ مكرم محمد أحمد إلى إعادة التفكير في بناء منظمة جديدة للشباب شبيهة بتلك التي بناها عبدالناصر، وذلك من خلال مقاله في «الأهرام» يوم الاربعاء الماضي تحت عنوان «ليست بالضبط منظمة الشباب» ويتحسب الأستاذ مكرم لأسباب فشل منظمة الشباب الناصرية، فيطالب بأن تكون المنظمة الجديدة أكثر ديمقراطية واتساعا لماذا يعتقدون أن المصريين في حاجة دائما إلى وصاية، وأنهم غير جاهزين للديمقراطية الحقيقية وغير قادرين عليها؟! لماذا الإصرار على جرنا للوراء وتكرار تجربة الدولة البوليسية الشمولية دولة الكل في واحد! لو تشكلت منظمة الشباب التي يدعو لها الأستاذ مكرم هل يمكن أن نرى فيها شبابا يرفض الإعلان المفاجئ عن الجزيرتين وشبابا يتظاهر ضد قانون التظاهر أو ضد سد النهضة أو من أجل الحريات؟ لو اتسعت المنظمة لهؤلاء ألا يمكن أن تتهم بأن الطابور الخامس قد اخترقها؟!الديمقراطية الحقيقية هي الحل».&

تدجين الشباب&

وتعرضت الدعوة لإنشاء منظمة شباب جديدة إلى رفض أيضا من الكاتب والأستاذ في كلية الطب في جامعة القاهرة الدكتور طارق الغزالي حرب في مقاله الأسبوعي كل اثنين في «المصري اليوم» بأن قال: «قرأت في صحيفة «المصري اليوم» في 16/5 عنوانا كبيرا لخبر يُنقل فيه تصريح للسيد محمد بدران رئيس ما يُسمى «حزب مستقبل وطن» أنه سيعلن- خلال لقائه مع مستشار إعلامي سابق للبيت الأبيض الأمريكي- عن مبادرة «الجيش الرابع» التي تضم 27 ألف شاب مؤهلين في قضايا السياسة والاقتصاد لخوض معارك التنمية وراء القيادة السياسية! وجاء في البيان التأسيسي للمبادرة أنها ستضم العديد من القوى والأحزاب السياسية مثل «حماة الوطن» و»الشعب الجمهوري» وأعضاء في مجلس النواب. وفي صحيفة «الأهرام» قرأت عمودا للسيد مكرم محمد أحمد الصحافي المخضرم الذي لا يُخفي عداءه لشباب ثورة يناير/كانون الثاني يدعو فيه إلى إعادة التفكير في بناء منظمة جديدة للشباب تستفيد من أخطاء تجربة منظمة الشباب الاشتراكي في ستينيات القرن الماضي، تكون في رأيه أكثر ديمقراطية واتساعا وبمثابة نادٍ مفتوح العضوية. في الوقت نفسه تقريبا قرأت في «الأهرام» عن مشروع قانون تقدم به النائب المليونير فرج عامر رئيس لجنة الشباب والرياضة إلى مجلس النواب لإنشاء ما سماه «المجلس الوطني للشباب» الذي تتم إدارته من قِبَل الشباب بحيث يكون هيئة مستقلة عن الحكومة بهدف إسداء النُصح لها وإقامة قنوات اتصال بين الحكومة والشباب، هكذا تتبلور الصورة بكل وضوح، الحل الذي يراه النظام الحالي في موقف الشباب منه هو تدجينهم ولا شيء غير ذلك. أيها السادة نحن في عصر جديد لا تفلح فيه سياسات التدجين اهتموا كل الاهتمام بتعليمهم، ثم حسبهم بعد ذلك الحرية طريقا، شَجِّعوهم على الولوج فيه والانخراط في العمل العام، كما يتراءى لهم سواء في الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني أو التجمعات الشبابية العالمية، افتحوا أمامهم النوافذ والأبواب لعل نسائم الحرية تصنع منهم جيلا جديدا مفعما بالأمل في تحقيق أحلامه والرجاء في غدٍ أفضل على أرض وطنهم».
&

&