&سمير عطا الله&

نحن مدعوون، كل يوم، إلى امتحان عاطفي. وأحيانًا إلى أكثر. وغالبًا ما تشتد مشاعرنا مثل وتر هزيل ما بين كارثة في الجو ومجموعة كوارث على الأرض. وما أتعس الخيارات، بين العمل الإرهابي أو الخلل التقني، وأن يكون هذا المشهد أمامك من الغبار الكثيف مثل الغيوم والدماء والركام والسيارات الملوية وسيارة إسعاف واحدة في حلب، هو مِن رسم طيران النظام، أو الطيران الروسي. ماذا يفعل الطيران الروسي في أحياء حلب؟&

ثمة كتاب حديث عن تاريخ عائلة رومانوف في روسيا منذ القرن السابع عشر حتى ثورة 1917. من قيصر إلى قيصر فظاعات لا يتصورها عقل أو قلب. الفظاظة الشيوعية كانت فظاظة بالإرث، يقول سول بيللو. الإرث مستمر في عربدات حلب: مجرد خيار آخر، بين «داعش» على الأرض و«سوخوي» في الجو.&

كم هي طاقة الفرد اليائس على الاحتمال؟ لذلك، كان جورج أورويل يقول: «لقد غرقنا إلى قعر أصبح معه من واجب كل متحضر أن يعيد تأكيد البديهي والواضح». خُيّر السوريون بين الهدنة والقتال، ولا أحد يذكر هدنة أشد همجية من القتال. والمستر كيري يعترض. يسافر ويعترض. يعترض ويسافر وكأنه وزير خارجية بوليفيا أو طوباغو. يا مستر كيري، لماذا التعب؟ كانت صورتك مع حفيدتك حقًا جميلة ومؤثرة. أرسل نسخًا منها إلى أطفال حلب. هذا كل ما يحتاجونه: نحن بخير، طمئنونا عن أحفادكم..&

على الإنسان المتحضر أن يكرر تأكيد البديهيات، قال أورويل. لكن إلى متى؟ وعلى مَن؟ تفتح الصحيفة العربية كل يوم كأنك تنزع الضمادات عن الجرح. ضمادة خلف أخرى. ألم أشد من ألم. سوف تحرر الفلوجة وينشر الجيش الشعبي فكرته عن العدل والنظام والأخوة وحماية الأفراد. لماذا كل هذه الجيوش تتقدم أو ترافق أو تتبع الجيش العراقي؟ ماذا حدث للجيوش العربية التي صُرفت عليها أموال الناس كي تحرر فلسطين، ولم تقاتل إلا أهلها؟ ولم تدمر إلا بيوت الآمنين وحياتهم وهناء أولادهم، ولم تقصف إلا طوابير الفقراء أمام الأفران ينتظرون شراء ربطة خبز؟ وبوتين يرسم معالم الجحيم في حلب. وكيري يعترض.&

&