نايلة تويني&

اليوم 25 أيار. إنه عيد المقاومة والتحرير. من المعيب ألا نعترف بهذا العيد أو أن يحاول البعض تجاوزه وتناسيه لاختلافه السياسي أو الأيديولوجي مع "حزب الله" الذي حصر بنفسه مقاومة انطلقت قبله بكثير، واستمرت الى اليوم بأشكال مختلفة وعلى جبهات عدة. وقد أفاد الحزب من العاملَين الإيراني والسوري لتكريس حصرية المقاومة لنفسه وإلغاء الآخرين. العامل الأول للإمساك بالورقة اللبنانية، والثاني لتحقيق مصالح وفوائد من العامل الأول. إنها سياسة الإلغاء التي تتكرر في لبنان بأشكال متعددة، ومنها أخيراً التحالف المسيحي الذي يحاول أن يثبت قوته بإلغاء الآخرين.

25 أيار عيد تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي. يوم تاريخي. ومثله 26 نيسان عندما تحرر لبنان أيضاً من الاحتلال السوري. محطتان في بعض تاريخنا المجيد يجب أن نتذكرهما على الدوام وننقلهما الى الأجيال المقبلة لتدرك حجم الاضطهاد الذي تعرّض له الآباء والأجداد للمحافظة على هذا البلد المميز، وليقرأوا في كتاب تاريخ حقيقي يدوّن معاناتنا ومن سبقنا من جراء الحروب العبثية "حروب الآخرين على أرضنا"، وحروبنا التي خضناها من أجل لا شيء إلا محاولة إلغاء الآخر.

اليوم في 25 أيار 2016، وبعد مرور عامين على 25 أيار 2014، تاريخ بدء الشغور الرئاسي، نسأل كيف يمكن من ساهم في دحر الاحتلال أن يأسر الجمهورية ويختطف الرئاسة ويمنع الممارسة الديموقراطية؟ كيف يجمع "حزب الله" بين تحريره الجنوب ولبنان من رجس الاحتلال، ثم مقاطعته جلسات مجلس النواب المخصصة لانتخاب رئيس بما يدخل البلاد في شبه انهيار؟ وكيف يمكن "التيار الوطني الحر" الذي ناضل من أجل "الحرية والسيادة والاستقلال" أن يأسر موقع السيادة الأخير، ويجعل الدولة بلا رأس؟ كيف يقوم الطرفان، ومن يتبع لهما، بممارسات لم يقم بها احتلال أو وصاية؟

في زمن الاحتلال الإسرائيلي انتخب رئيس، وفي زمن الوصاية السورية انتخب وعيّن رؤساء، ولم يخلُ قصر بعبدا من شاغله إلا في زمن الجنرال والسيد، في الأعوام 1988، 2008 و2014. وتكمن الخطورة الكبرى في استمرار الشغور منذ عامين، وهو يدخل اليوم عامه الثالث من دون مؤشرات لاقتراب موعد الحل.

تحرر لبنان من الجيش السوري عام 2005، ولكن يبدو أنه لم يتحرر من الوصاية وأدواتها التي تمنع الى اليوم انتخاب الرئيس وانتظام عمل مؤسسات الدولة. هي الإرادة السورية التي أرادت تعطيل كل أشكال الحياة الديموقراطية منذ إرغامها على سحب جنودها قبل 11 سنة، لتثبت للعالم أن لبنان قاصر ولا يمكنه تسيير شؤونه من دون متابعة. وهذا ما ثبت بالفعل مذذاك بفضل أدوات استمرت في تعطيل الاستحقاقات.

لقد حاول نواب في كتل متعددة ومختلفة المشارب والانتماءات انتخاب رئيس، لكنهم عجزوا عن توفير النصاب القانوني، وسيسجل التاريخ أن فريقين هما "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" ارتكبا جريمة موصوفة بمنع انتخاب رئيس، وسيسجل التاريخ أن نواباً خانوا الأمانة التي ائتمنوا عليها، وسيسجل التاريخ أن عيد المقاومة والتحرير تحوّل ذكرى سيئة، إذ ماذا تنفع الأعياد في دولة معطلة ومشلولة، في دولة بلا رئيس؟