&سجاد جياد ومايكل نايتس& &

في 11 مايو الجاري سقط أكثر من مئة قتيل وجرح أكثر من 165 شخصا في ثلاث هجمات منفصلة في بغداد. وقد أودى التفجير الأكثر دمارا بحياة ما يزيد على 25 امرأة وطفلا في "سوق عُريبة" في مدينة الصدر. وبعد هذه الهجمات أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تلك الهجمات. يتضح أن لتنظيم داعش ثلاثة أهداف من شن مثل هذه الهجمات: عسكرية وسياسية وطائفية. وكون هذه التفجيرات تكتيكا سياسيا، فهي تهدف إلى تقويض عمليات الحكومة بصورة أكبر خلال فترة من الجمود السياسي، وإلى إظهار أن الدولة العراقية دولة فاشلة غير قادرة على حماية مواطنيها، وأن الديموقراطية لن تحقق السلام للعراقيين.

ويهدف تنظيم داعش أيضا إلى بعث رسالة مفادها أنه يمكنه تعطيل حياة العراقيين بشكل مروع، وسيستمر بذلك، حتى ولو خسر كافة أراضيه، ولن تكون الحكومة العراقية، وأي قوات دولية، قادرة على منعه من القيام بذلك. ويعمل التنظيم على إيصال الرسالة نفسها إلى شعوب في سورية وفي المناطق الأخرى التي يتواجد فيها، ليرسم بذلك صورة من العنف الدموي، حيث يكون الأبرياء هم الضحايا في محاولة لنشر الخوف والكراهية والغضب.

ومن الواضح في هذا الإطار أن الهدف الطائفي يكمُن في بدء دورة من الهجمات الانتقامية ردا على الفكرة القائلة إن خلايا داعش متواجدة في الأحياء السُنية في بغداد، على الرغم من أنه من الأرجح أن تكون قادمة من مناطق خارج بغداد مباشرة. ومن غير المرجح أن تؤدي هذه الهجمات الأخيرة إلى عودة العنف الطائفي الذي شهدته السنوات الماضية، كما أن الغضب ينصب إلى حد كبير على داعش والمؤسسة الأمنية، بيد أن شن حملة قصف مستمرة سيزيد من التوترات الطائفية.

يأتي ذلك، في الوقت الذي يُنظر إلى القوات العراقية العسكرية المسؤولة عن أمن "المنطقة الدولية" بأنها فشلت فشلا ذريعا في منع اختراق تلك المنطقة والسماح لآلاف المتظاهرين بدخول البرلمان. وعلى الرغم من أن عامة الشعب يحترمون القوات على الخطوط الأمامية احتراما كبيرا، إلا أن مصداقية "قوات الأمن العراقية" في بغداد باتت على شفير الهاوية. وتتساءل الساحة السياسية العراقية المنقسمة بشكل مزمن عن سبب حدوث هذه التفجيرات ومن يستحق اللوم، مع سعي البعض إلى الاستفادة من الوضع لتصفية الحسابات.

وفي الواقع، لا تعتبر بغداد محمية من هذه المخاطر اليوم أكثر مما كانت عليه في العامين 2012 و2013 عندما كان التنظيم يشن تفجيرات كبرى متزامنة متعددة الأهداف كل بضعة أسابيع. والمطلوب في هذا الإطار "طفرة" جديدة في عدد القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولي، للتصدي لخطر الهجمات الإرهابية الإستراتيجية ضد بغداد، مما يمكن أن يزيد من تشتت انتباه الحكومة، ويمكن الميليشيات في المناطق الحضرية ويؤخر معركة الموصل.

وتبرز حاجة ملحة لقيام التحالف بمساعدة العراق على معالجة قضية ضعف بغداد أمام التفجيرات، وهي قضية قائمة منذ فترة طويلة، وذلك بنفس الطريقة التي ساعد فيها التحالف العراق على معالجة الخطر الذي طرحه "سد الموصل" بشكل طارئ. ويدرك الجميع أنه كان بإمكان التحالف أن يفعل ما هو أكثر للمساعدة على الدفاع عن بغداد في يونيو 2014. والآن أمامه فرصة ثانية، وإذا اغتنم التحالف هذه الفرصة أو أهملها سيتذكر العراقيون ذلك جيدا.