&الياس الديري&

غداً المرحلة الأخيرة من الانتخابات البلديَّة والاختياريَّة. الشمال سيبرهن بدوره أنه استيقظ من رقدة العدم. لقد كان السبَّاق دائماً في اتخاذ المبادرات وتلقُّف المتغيّرات.

إنّما "لَحَدْ هوْن وبس". بعد اليوم سينصرف جميع اللبنانيّين إلى وضع حدٍّ لعار الفراغ الرئاسي، وليرفع الجميع شعار لا انتخابات قبل انتخاب رئيس للجمهوريَّة.

فهذا الفراغ هو الفضيحة التاريخيَّة بعينها. ومسؤوليتها في أعناق المتواطئين، والمنفِّذين، والساكتين، وجماعة "لم رأينا لم سمعنا ولم حكينا".

الشعب اللبناني برهن بأكثريته الساحقة أنه ناضجٌ، واعٍ، حريصٌ على "الوطن الرسالة"، وعلى النظام والصيغة. وبشجاعة يُقدِمُ ويتّخذ المواقف التي تخدم المصلحة الوطنيّة. وإرادته القويّة برزت وتجلَّت خلال المراحل الثلاث من هذه الانتخابات. وغداً موعدها مع شهادة إضافيَّة تعزّز هذه الصورة وهذه الحقيقة.

إلى هذا الشعب، شعب الانتفاضة والتغيير والتصويت للبنان وصيغته، وفرادته، ونظامه المميَّز والوحيد في المنطقة على رغم كل ما أصيب به من سهام، وما استهدفه من مؤامرات وحروب واعتداءات، إلى هذا الشعب يوجّهون الدعوى اليوم للمثابرة، والمتابعة، وكشف الأوهام والأضاليل التي تغطّي أصحاب الشهوات والأنانيّات والساعين دائماً إلى المكاسب.

لا يتحقَّق هدفٌ، ولا يُستجاب دعاء، ولا يصير للبنان رئيس جمهورية، ولا تعود الدولة ومؤسّساتها، ولا ترجع القوانين والنواميس والنصوص إلى ساحتها ومهمّاتها ما لم يكشف اللبنانيّون عن سواعدهم، وأصواتهم، ومواقفهم، مؤكِّدين للحاضر والغائب، للبعيد والقريب، أنّهم لن يوقفوا حملتهم ما لم تشع الأنوار في قصر بعبدا، ويمتلئ الفراغ المُعيب والمُهين والمُسيء، ويُطلق سراح "الوطن الرسالة" ليعود معه ذلك التألُّق وذلك الحضور المشعشعُ أبداً.

هذه الكلمات، هذه المناداة، ليست من باب إلقاء الدروس ورتبة المواعظ، ولا في سبيل توعية الواعين، بقدر ما هي للتأييد، والمرافقة، والتشجيع، والحضِّ على المزيد والمتابعة، إلى أن يعود لبناننا من منفاه مرفوع الرأس وضحكته رطلٌ وأوقية...

مثلما كان حلم الحريّة يحضُّ مارتن لوثر كينغ على المضي قدماً ليطلَّ حلمه هذا من قمة كل جبل وتُدقُّ الأجراس، لدى اللبنانيّين حلم مماثل تقريباً. ومثل عاشق الحرية ذاك، يودون أن ينجلي هذا الفراغ الأسود، هذه الفضيحة، هذا العار المنتصب في عقل كل لبناني وقلبه ومشاعره، اليوم قبل غدٍ.

على الذين يسمّونهم قادة، متزعّمين، ومرجعيّين، ومسؤولين، أن يقتنعوا عَبْر مواقفهم المتوقّعة أن لا رجوع عن قرار ملء الفراغ الرئاسي، إلى أن يتم انتخاب الرئيس ويتقبَّل التهاني في القصر الجمهوري.

لا انتخابات أخرى قبل هذا الانتخاب. لا مماطلة ولا أعذار.