إبراهيم أديب العوضي &

لقد ساهم الإعلام الغربي بشتى وسائله وأنواعه في خلق حالة لدى ذهن المتلقي، رسم من خلالها الإسلام والمسلمين في بوتقة واحدة مع ما يعرف باسم الإرهاب! فجعل كلاً من الإسلام والإرهاب اسمين لا يفترقان، مع أن الواقع والشواهد والادلة تثبت عكس ذلك تماما! كما أن الإعلام الغربي دأب منذ فترة طويلة على تغذية عقل المتلقي الأجنبي وتحذره من تمدد الخطر الإسلامي القادم من الشرق!.&

فعلى سبيل المثال وليس للحصر، ربطت العديد من وسائل الإعلام الغربية، المسلمين المتشددين، باللحية، بعد أحداث صحيفة «شارل إيبدو» الفرنسية، وفقا لتقرير نشرته مجلة «سلايت» الناطقة باللغة الفرنسية. وبسبب هذه الحملة التي زرعت حالة من الاضطهاد لدى البعض، تعرض الكثير من المسلمين أصحاب اللحى في فرنسا إلى مضايقات وتهديدات، فقط بسبب لحاهم التي يرى البعض أنها من علامات التدين الأصولي المتطرف، ما يثبت دور وقدرة الإعلام في توجيه الشارع الأوروبي.&

لكن يبقى السؤال المهم الغائب عن قصد لدى وسائل الإعلام الغربية، هل كل المسلمين إرهابيون، أو أن كل الإرهابيين مسلمون؟&

الإجابة عن السؤال الأول، سهل جدا، فلو كان كل المسلمين إرهابيين، لوجدناهم جميعا مع جماعات التطرف والجهاد في شتى أنحاء العالم، يقتلون ويفجرون ويهددون ويسفكون الدماء، ولا أعتقد أن عقلاء الغرب يرون غير ذلك. ففي تقرير نشره مركز «بيو» الأميركي للدراسات والأبحاث، رأى أن الغالبية العظمى في كل الدول المسلمة لا تجد مبرراً لارتكاب الأعمال الإرهابية وقتل الأنفس البريئة في أي مكان في العالم.&

أما بالنسبة إلى السؤال الثاني، فقد يرى مرتكبو الجرائم الإرهابية أنهم مسلمون، لكن هل هم فعلاً ذلك؟ واقع الحال يقول ان أفعالهم ليست لها أي علاقة بالعقيدة الإسلامية الصحيحة، كما أنه يمكن لأي شخص أن يدعي أنه مسلم ويرتكب أفعالاً يعتقد ولو لوهلة أنها من صميم الإسلام، لكنها واقعيا ليست لها أي سند في القرآن والسنة!&

وإذا فرضنا جدلاً أنهم مسلمون قولاً وفعلاً... إلا أنهم ليسوا الوحيدين الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية في العالم. فمثلا، كشف تقرير صادر عن وكالة «يوروبول» المسؤولة عن الأمن في أوروبا، أن الغالبية العظمى من الهجمات الإرهابية ارتكبت من قبل الجماعات الانفصالية المتشددة التي ليست لها علاقة بالإسلام، وفقا لما نشرته قناة «روسيا اليوم». ففي عام 2013 وحده، كان هناك أكثر من 150 هجمة إرهابية، اثنتان منها فقط بسبب دوافع دينية!&

إن اقتران اسم الإسلام بالإرهاب، أمر مخجل ومشين يسعى إليه البعض لتشويه صورة الإسلام. لنتساءل هنا عن دور الإعلام الإسلامي المتكامل والمشترك في الدفاع عن الإسلام والمسلمين وفي التصدي لكل الهجمات الإعلامية السلبية التي يسعى الغرب إلى بثها. لقد أصاب السيناتور الأميركي المعروف بول فندلي، كبد الحقيقة عندما ذكر أن الصورة الذهنية لدى غالبية الغربيين، هي اقتران اسم الإسلام بالإرهاب، وأن كلمة مسلم تعني إرهابيا، وبحث عن السبب في ذلك، فوجد أنه وبكل بساطة، يعود إلى احجام المسلمين عن تصحيح هذه الصورة الخاطئة لدى الغرب! فمتى يعي المسلمون ذلك؟