&مصر:&السبعينية سعاد كشفت عورات مجتمع منافق يدعي الأخلاق… وامتهان للإنسانية يمارس علنا وفي الشوارع

حسنين كروم

&&لعدة أيام مضت وأخرى ستأتي تسطر حادثة سيدة المنيا القبطية، التي تم تجريدها من ملابسها علنا، على اهتمامات معظم الكتاب والمعلقين وسط صدمة شعبية مما حدث، فهذه هي المرة الأولى في تاريخ الصعيد تحدث مثل هذه الواقعة.

ورغم بيان رئاسة الجمهورية باستنكار الحادث والتأكيد على أن يأخذ القانون مجراه، فإن الحديث بشكل متواز بدأ عن الحل العرفي، وتدخل الأزهر وبيت العائلة المصرية، مع إعلان الكنيسة رفض أي حل عرفي والتمسك بتطبيق القانون، ما أوقع المسؤول عن البلد في حيص بيص.

كما علمنا أمس الأحد من زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب في «المصري اليوم» عمرو سليم الذي أخبرنا أن المسؤول الكبير في ورطة، وقال إنه شاهد المسؤول يحاول حل مسابقة العدد وعلى يمينه مبوسة الوحدة الوطنية وعلى يساره القانون.

بالإضافة لذلك لا يزال اهتمام الأغلبية موجها إلى امتحانات الثانوية العامة الأسبوع المقبل، وكذلك امتحانات نهاية السنة بالنسبة للجامعات. والأسعار التي تواصل ارتفاعها، وتركيز الحكومة على إقامة سرادقات «أهلا رمضان»، التي تبيع فيها السلع بأسعار تقل عشرين في المئة عن أسعار السوق، وقامت شركات الأغذية، خاصة السمن والزيت بالعودة للإعلانات عن منتجاتها. وانتظار مسلسلات وبرامج رمضان، وقد بدأت كل قناة تعلن عما ستقدمه.

ومن الأخبار الأخرى، احتفال الحكومة بمرور سنة على برنامج «تكافل وكرامة»، الذي تقدم الدولة بموجبه للأسر الأشد فقرا مساعدة شهرية تصل إلى خمسمئة جنية، تقرر رفعها إلى ستمئة. كما ركز رجال الأعمال والتجار اهتمامهم على قرب تطبيق قانون القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات. وأصدرت محكمة جنايات شمال القاهرة حكمها بالسجن خمس سنوات على صديقنا صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى الأسبق، وعلى نجله أشرف بالسجن عشر سنوات لاتهامهما بالكسب غير المشروع، وتغريمهما مئتين وتسعة ملايين جنيه ورد مثلها. ولوحظ أن الاهتمام بمتابعة حادث سقوط الطائرة بدأ في التراجع، لعدم ظهور أي جديد فيها، أما أزمة نقابة الصحافيين مع وزارة الداخلية فدخلت مرحلة التجميد إلى أن يتم العثور على حل يرضي الطرفين.. وإلى بعض مما عندنا.&

حادثة المنيا&

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على الحادثة المروعة التي وقعت في المنيا لسيدة قبطية تم تجريدها من ملابسها وقالت «اليوم السابع» يوم الجمعة في تحقيق لها من هناك أعده زميلنا حسن عبد الغفار: «اليوم السابع انتقلت إلى القرية حيث الأطفال يملأون الشوارع والناس يجلسون أمام منازلهم ووحدة أمنية صغيرة موجودة بالقرب من المنازل المحترقة، والجميع غادر في الصباح الباكر إلى عمله. وتجري الحياة بصورة طبيعية. اللافت أن الكل يجتمعون على أن ما جرى في القرية هو «حادثة شرف»، وخلافات بين عائلتين ولا علاقة له بالدين، كان لابد من الاستماع إلى صاحبة المشكلة «نجوى د. ف» 32 عاما ربة منزل ولديها 3 أطفال، انتقلنا إلى حيث تقيم في بيت بسيط مبني بالطوب اللبن، ومعها والدتها وشقيقها الأصغر وأولادها الثلاثة قالت لنا على الفور، «أنا مش هسيب حقي ولازم أرد شرفي أمام الناس كلها، بعد ما أطعن فيه، وتقدمت ببلاغ رقم 3933 إداري أبو قرقاص إلى قسم الشرطة، وطلبت منهم أن يعرضوني على أي لجنة طبية علشان أثبت براءتي، وأي شيء يثبت براءتي أنا هعمله». وواصلت الزوجة «كل الكلام اللي طلعوه عليّ ليس له أساس من الصحة، وده طلع بعد ما أنا طلبت الطلاق قبل الواقعة بأيام، بسبب سبهم المستمر لي وإهانتهم الدائمة لي ولأسرتي، لكنهم رفضوا بشرط التنازل عن القايمة، لكنني رفضت لأن ده حقي وحق أولادي». فيما قالت «صباح ي. أ» والدة الزوجة، «ابنتي كانت بتقف في محل بقالة خاص بهم لأنه محل تمويني وأشرف اللي اتهموا بعلاقته ببنتب كان شريكهم في محل أجهزة كهربائية، ابنتب متزوجة منذ 12 سنة وسافرت مع زوجها إلى الأردن، ثم عادوا إلى القرية من جديد» وتابعت: «تعرضت ابنتب لضرب وإهانة لدرجة أنهم سرقوها فلوس واتهموها إنها كانت تضع المخدر لزوجها علشان تلتقي بعشيقها، أنا مش هيهدالي بال حتى لو بعت كل ما أملك، إلا بعد إثبات شرف بنتي».

في الناحية الأخري من الأحداث بادرتنا «سعاد. ث» 70 سنة التي تم تجريدها من ملابسها بالقول « كنت بقول يا أرض انشقي وابلعيني»، مضيفة «نحو 300 شخص تجمهروا وهاجموا منزلها وأحرقوه واعتدوا بالضرب على زوجي، ثم أمسكوا بي وجردوني من جميع ملابسي على مرأى من جميع الناس».&

شروخ في المجتمع المصري&

وفي اليوم التالي السبت علق رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «اليوم السابع» زميلنا وصديقنا أكرم القصاص بالقول: «ما يتكشف من أحداث قرية الكرم في المنيا، يحتاج إلى أن نعترف بأن من ارتكبوا جريمة الاعتداء على سيدة أكبر من أمهاتهم لا يقلون جرما عن الزوج الذي اختلف مع زوجته فصنع الشائعة، ولم يقدم دليلا ولم يلجأ إلى الطرق المعروفة، ولم يحسب وهو يخوض حرب انتقام عائلية، أنه يحرق قرية وبلدا بالكامل. نقول هذا لأنه باستعراض التعليقات المحبطة والغاضبة، التي تلقي المسؤولية على الجميع، لا تتطرق مطلقا إلى الاعتراف بأن بيننا وفي المجتمع الذي نعيش فيه، متطرفين وهمجيين، تكونت عقلياتهم من نتاج تفاعلات الأفكار المنحطة، التي ترتدي بعضها أردية دينية، ولا علاقة لها بعقيدة أو أخلاق. ومن سنوات بعيدة، هناك سؤال عما جرى للمجتمع ولأخلاق بعض الناس، كأن هؤلاء نزلوا علينا من الفضاء، أو من يسأل من أين أتى الزوج الذي قرر أن ينتقم من طليقته لخلاف عائلي، فلجأ إلى شائعة صنعت حريقا، وتبعه هؤلاء الذين طاردوا سيدة مسنة عزلاء وضربوها وعروها. هؤلاء جاءوا من المجتمع، وهم نتاج تفاعلات اجتماعية على مدى عقود، جاهزون لأي فتنة، يمتلكون عقولا تشوهت بمئات الأقوال المتطرفة لمن يزعمون أنهم دعاة، ولا يبثون سوى الكراهية والطائفية والعداء. بالطبع قد لا يكون هؤلاء الهمج أغلبية، ولا تزال النواة الصلبة للمجتمع قوية، لكن الأغلبية المعتدلة تعجز عن مواجهة الأقلية ذات الصوت العالي.. ولو علم هؤلاء أن هناك قانونا وعقابا حاسما سوف يتراجعون لأنهم جبناء. وفي الوقت نفسه، فإن هناك حاجة للاعتراف بوجود شروخ في المجتمع نتاج تراكمات من التعصب والكراهية والتطرف… هناك فائض اختلال وكراهية تجلت فى عشرات يتكاثرون على سيدة عزلاء، وعلى من يغضبون ويمارسون الغضب المكرر، متصورين أنهم يكفي أن يتبرأوا من الهمجية، ربما كان علينا أن نعترف بأن هذه النماذج حولنا في المجتمع، ومع القانون، نحن بحاجة لمواجهة تراكمات أدت إلى هذه الشروخ، في المنيا وغيرها، لأن هؤلاء دائما أقلية همجية تصنع كل الفتن. طبعا الهمجية قليلة لكنها تصنع بلاوي كثيرة».&

النار ما زالت مشتعلة تحت الرماد&

أما زميله فقال في العدد نفسه من «اليوم السابع» عادل السنهوري: «لأن الدولة- ومنذ السبعينيات ما زالت- غير جادة وغير قادرة على معالجة ملف الأزمة علاجا شاملا بتفعيل الدستور وتحقيق مبدأ العدالة والمواطنة وعدم التمييز وتطبيق القانون، وجعل كل المواطنين سواسية أمام القانون وفي العمل والتوظيف والترقي، ثم وضع خطط عاجلة واستراتيجية لإعادة النظر في مناهج التعليم والثقافة والخطاب الإعلامي والديني، الدولة ما زالت تتعامل مع هذا الملف بطريقتها الخاصة القديمة والبائسة والوحيدة، وهي الطريقة الأمنية البحتة وإلقاء عبء المواجهة على الأمن، الذي تفوق قدرته الأحداث وتتجاوز صلاحياته أو اللجوء لعلاج المسكنات بتبويس اللحى وإصدار البيانات المنددة وجمع مشايخ وقساوسة ورفع شعار «الهلال مع الصليب»، وجلسات الصلح وينتهي كل شيء، وتمر الحادثة والنار ما زالت مشتعلة تحت الرماد والنتيجة المزيد من الاحتقان وخلق وجدان طائفي مريض يعصف بوطن بأكمله وينفخ فيه أصحاب المصلحة في بث الفتنة والتفرقة والتمزيق. سوف تتكرر الحادثة ما دام هناك مسؤولون مثل محافظ المنيا ورئيس مباحث المنيا ما زالوا بذات العقلية القديمة التي تهون من كل شيء وتنفى وقوعها من الأساس، فهل هؤلاء هم المسؤولون عن الأوضاع في محافظة المنيا؟ وهل هذه هي الطريقة المثلى في التعامل مع مثل هذه الوقائع بالتهوين والنفي» .&

محافظ المنيا يرتكب أخطاء مركبة&

وما أن سمع زميلنا في «الأهرام» أحمد عبد التواب اسم محافظ المنيا حتى صاح في اليوم نفسه مطالبا بعزله وقال: «بداية وحتى تُضفِي الدولة جدية تنمّ عن استيعاب حجم الجريمة، وعن إدراك خطورة التهاون معها كسابقة، يجب إقالة المحافظ، ليس لتورطه في الجريمة أو لتقاعسه، ولكن لأخطائه المركبة التي بدأت بإنكاره صحة الواقعة مما أشعل الموقف على اشتعاله، ثم أضاف ما من شأنه أن يؤجج الموقف أكثر عندما روّج أكاذيب عن أن الموضوع مجرد حريق في أحد المنازل جعل النساء يركضن إلى الطريق بملابس النوم، ثم عندما لم يعد من الممكن المداراة استهان بالأمر، وقال إن ما يدور في القرية أمر بسيط. ليس المطلوب الحكم على موقف المحافظ أخلاقياً فقط أو قانونياً فقط، وإنما على قاعدة المساءلة السياسية لأنه يتولى منصباً سياسياً كبيراً ولأن ما نُسِب إليه أنه قاله والذي لم يُكَذِّبه كاف لإقالته من منصبه، في وقت لم يعد فيه متسع للحسابات العقيمة التي تزيد الموقف تأزماً، لعلّ أكثر القرارات السياسية التي وُفِّق فيها الرئيس السيسي عندما ذهب بنفسه في 11 يونيو/حزيران 2014 ليعتذر للسيدة المحترمة ضحية التحرش في ميدان التحرير، وبسبب الظروف الخاصة التي تجعل الجريمة أكثر حساسية هذه المرة، فليت الرئيس أن يطلب الصفح شخصياً وبلسان الشعب المصري من ضحية أبو قرقاص، وأن يُكرِّمها في القصر الجمهوري، أو ليته يزورها في دارها، في موقف عملي يُشهِر فيه التضامن معها ومع نساء مصر، قبل أن يكون مع أقباط مصر، لأن المجرمين كانوا يتعمدون بأحط المعاني إهانة وإذلال المرأة لأنها تمثل شرف الأسرة، ولم يردعهم دين ولا حضارة ولا نص دستوري بأنه لا يجوز المساس بالكرامة».&

المرأة ضحية المجتمع الذكوري&

وإلى «البوابة» ومقال رئيس تحريرها التنفيذي زميلنا محمد الباز وقوله: «في اللحظة التي قرر فيها رجال من قرية «كرم أبو عمر» في أبو قرقاص محافظة المنيا تعرية السيدة سعاد ثابت من ملابسها وزفها عارية، كانوا يعتقدون أنهم بذلك يجرسونها ويلحقون بها العار، ظنوا أنهم يذلونها ويضعون رأسها في التراب، فبعد أن يصوروا المشهد بكاميرات تليفوناتهم المحمولة ويتبادلونه في ما بينهم، لن يستطيع أحد من أهلها أن يرفع رأسه، وربما خططوا من وراء ذلك أن يخرجوا هذه الأسرة المسيحية وأسر أخرى من أرضهم. لم يلتفت ذكور القبيلة إلى أن العار كان من نصيبهم هم، الفضيحة لحقت بهم قبل أن تلحق بسيدة سبعينية، هذا إذا كان ما حدث لها فضيحة، فليس عليها إلا أن ترفع رأسها وتضع عينيها في عين الجميع، لأنها ومن دون أن تقصد كشفت عورات مجتمع منافق وفاسد ومتناقض ومنحط ومخادع، من دون أن تقصد جعلتنا نقف أمام أنفسنا عرايا في مجتمع يدعى التدين والأخلاق، وهو أبعد ما يكون عنهما تماما فهو غارق حتى أذنيه في الوحل. السيدة المسيحية لم تكن هي الضحية الوحيدة هناك ضحية أخرى لم يلتفت لها أحد، لقد مررنا مرورا عابرا على قصة نجوى رجب الزوجة التي اتهمها زوجها بالخيانة، وقامت القيامة بسبب هذا الادعاء، هي في الحقيقة ضحية لمجتمع من الذكور، يريد أن يحصل على كل ما يريد حاصدا مكاسبه على جثث النساء وشرفهن وسمعتهن، فالمرأة في مجتمع جاهل مثل مجتمعنا، ما هي إلا شيء مجرد شيء بلا قيمة، حتى لو ادعينا غير ذلك، لكنها الحقيقة المؤلمة التي لا تظهر إلا في الأزمات والمواجهات. زوج نجوى وبعد عودته من رحلة عمل في الأردن استمرت لأربع سنوات عاد ليفتتح محلاً للأدوات الكهربائية شاركه فيه شاب مسيحي هو ابن السيدة سعاد ثابت، قبل أسابيع وقعت بينهما خلافات أنهت الشراكة، في الوقت نفسه حدثت خلافات بين نجوى رجب وزوجها وأهله، كما تقول هي كانوا يسيئون معاملتها، الخطة كانت جاهزة إذن، اتهام الزوجة بأنها على علاقة بالشاب المسيحي فتسقط حقوقها المادية بعد الطلاق وتحرم من أولادها، وفي الوقت نفسه لا يحصل الشاب المسيحي على أي حقوق له لدى زوجها. لا أنحاز بالطبع لأن يكون للأزهر أو لغيره من المؤسسات الدينية الدور الأكبر في حل أزمة أبو قرقاص أو غيرها من الأزمات الطائفية، التي تأتى على شاكلتها، وإن كانت هذه المؤسسات مسؤولة عن التردي الديني الذي وصلنا إليه، فالنار التي اشتعلت في بيوت الأقباط وراءها آفكار متطرفة، والسيدة التي تم فضحها باركت ذلك أفكار جاهلية لم تخرج إلا من رؤوس المشايخ ومن يشايعونهم ويسيرون وراءهم طمعا في الجنة ورضا الله، وعلى من أفسد أن يتراجع قليلا لنبحث عن حل ينقذنا من الهلاك الذي نقف على حافته».&

تحدٍ للدولة والقانون&

ونظل في «البوابة» لنقرأ لزميلتنا الجميلة ماجدة الجندي قولها وهي في ذهول مما حدث:

«لا كان هذا اليوم الذي يعري فيه نفر من المصريين سيدة، أيا كان عمرها، لا كان هذا اليوم ولا كنا نحن بشرا لو مر هذا اليوم كسابقيه من الأيام التي شهدنا فيها مصريين يقتلعون من بيوتهم ويجبرون على الرحيل، لأن الصليب مدقوق على الأيدي والقلوب، ألا لعنة الله على من يسامح ويتغاضى ويدفن رأسه في الرمال، لن أفيض في معنى أن يجوب نفر من المصريين بسيدة أجبروها على التعري، أي عار يلحق بدولة وشعب يسكت أو يتغاضى؟ وأي كذب نعيشه إن لم تحسم الأمور؟ غير قادرة على تمثل وضعك يا سيدة أبي قرقاص، وأنت مهدرة الإنسانية ونحن قابعون نتفرج؟ لا أطالبك بأن تغفري، وأخجل من نفسي لأنني عاجزة عن حمايتك، ليضع كل منكم أمه في الموضع نفسه وليقل ماذا يفعل؟ أسأل كل من بيده الأمر ماذا أنت فاعل في امتهان الإنسانية الذي يمارس علناً وفي الشوارع في أكبر تحدٍ للدولة والقانون والإنسانية؟ لم تتعر سيدة أبي قرقاص وحدها، بل نحن جميعا تعرينا رجالا ونساء وكشفت عوراتنا التي تتجاوز بكثير ما انكشف من سيدة أبي قرقاص، كيف سيضع المصريون رؤوسهم ليناموا الليل والأوغاد يعبثون بكرامتنا جميعا؟ هذه ليست قضية الكنيسة هذه قضية الدولة وكلنا شهود، هذه قضية انتهاك لكل المصريين الذين تترامى إلى أسماعهم ليل نهار أن تجديدا للخطاب الديني سوف يشارك فيه أمثال محمد حسان وغيره، أي دين وأي خطاب عنه يتكلمون؟ هذا مجتمع أهدر كل الأديان وازدراها وازدرى معها الإنسانية لا قيمة لا لكتابة ولا لقانون ولا لدولة أن يفصل بالحسم في تلك المأساة التي لا تختلف عمن أرغموا ضباط وعساكر كرداسة على شرب «مية النار» بل هي تتجاوزها في رمزيتها ودلالتها، وإن لم تواجه من الدولة بما ينبغي من حسم فقل علينا السلام».&

رد فعل السيسي جاء متأخرا&

ومن «البوابة» إلى «المقال» وزميلنا محمد زكي الشيمي وقوله: «تدخل الرئيس في ما حدث في أزمة أبو قرقاص بالمنيا جاء متأخرا، ورغم كونه إجمالا تدخلا إيجابيا فإنه أيضا احتوى على خطأين مكررين بخلاف خطا التأخير، الذي قلل من ثقة من يقرؤه في جدوى وفاعلية المنظومة. البيان إيجابي لأنه احتوى على عدة نقاط، أهمها التأكيد على كل أجهزة الدولة لاتخاذ اللازم وحفظ النظام، وتأكيد محاسبة المتسببين وإحالتهم إلى السلطات القضائية المختصة، وتوجيه محافظ المنيا للتنسيق مع القوات المسلحة لإعادة إصلاح وتأهيل كل المنشآت المتضررة خلال شهر من تاريخ اليوم. أما الخطأ المتكرر الأول فهو تحمل الدولة كل النفقات للإصلاح والتأهيل، فهذه ليست تلفيات سببها الإخوان مثلا، كما حدث عام 2013، أو أي جماعات إرهابية لكي تتحملها الدولة، هذه تلفيات قام بها مواطنون يمكن تحديدهم وأهم وسيلة لردعهم عن فعل ذلك هم وغيرهم مستقبلا أن يفهموا أنهم سيتكلفون بكل تكاليف التلفيات، بما قد يتحرك بهم إلى الإفلاس. والخطأ الثاني أنه أكد بطريقة غير مباشرة أنه لا أحد يقوم بواجبه من دون تدخل الرئيس، وفي الوقت ذاته لم يحاسب الرئيس هؤلاء المقصرين في بيانه، رغم كونهم تعمدوا الكذب والتقصير. أما البرلمان فقد كان المشهد فيه أكثر هزلية فنائب الدائرة مجدي سعداوي أكد أنه يتحرك لإجراء جلسة صلح، وأن المبدأ هو رحيل الزوجة المتهمة بعلاقة عاطفية مع الشاب المسيحي عن القرية، وعدم عودتها مرة أخرى، إلى جانب الاستمرار في القضية المتداولة، وسوف يتم التصالح في تلك القضية. رأي نائب برلماني يقوم بالتشريع للقوانين يرى أن الحل تهجير شخصين للأدب، لاحظ أن الشاب والفتاة ليسا متهمين بأي جريمة على الإطلاق، فالجريمة هي الحرق والنهب والاعتداء على المرأة المسنة، ولكن نائب الدائرة يحول القضية لتصبح الأزمة هي العلاقة العاطفية المزعومة بين الشاب والفتاة، كما أنه يرى الموضوع يحل بدفع تعويضات وهو موقف ليس بعيدا عن موقف النائب عمرو غلاب وغيره من نواب المنيا الذين انتقدوا تضخيم الحدث».&

انتقادات عنيفة لرئيس مجلس النواب&

ومن القضايا التي انفجرت فجأة واستحوذت على مقالات وتعليقات وتحقيقات صحافية ومعارك وخلافات حامية، من دون أن يهتم بها أحد هي القضية التي فجرها رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال بخصوص عدد من الأعضاء وافقوا على عرض من أحد منظمات المجتمع، لانخراطهم في برنامج لها مخصص لتدريب الأعضاء على مناقشة ميزانية الدولة وتقارير البنك المركزي، أثناء عرضها عليهم. وحذر عبد العال من أن كل عضو سيشارك في هذا البرنامج التدريبي ستتم إحالته إلى لجنة القيم، لأن هذه المنظمات لها أجندات خاصة بها، تهدد الأمن الوطني كما حذر الأعضاء من مناقشة الميزانية وبيانات البنك المركزي في الفضائيات، بما يؤدي إليه ذلك من نشر أخبار مغلوطة. وتعرض الدكتور عبد العال إلى انتقادات عنيفة وقالوا إن هذا محاولة من رئيس المجلس لفرض السيطرة على النواب/ وتخويفهم حتى لا ينتقدوا اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وبمقتضاه وافقت مصر على تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وهو الاتفاق الذي سيناقشه المجلس قريبا. ومن بين الذين شاركوا في هذه المناقشات عضو مجلس النواب صلاح حسب الله، الذي نشرت له «الوطن» يوم الثلاثاء حديثا أجرته معه زميلتنا الجميلة دعاء عبد الوهاب ومما قاله فيه:

«رئيس المجلس تحدث عن وجود بعض مراكز التدريب في دول أجنبية يتلقى فيها بعض النواب تدريبات، في مقار تلك المراكز في الخارج، من دون إطلاع المجلس على ذلك، وهذا مخالف للائحة التي تلزم كل نائب بأن يخطر المجلس ويحصل على موافقته في حال سفره إلى أي جهة بصفته البرلمانية، خاصة أن هناك بعض المنظمات التي تُموَّل من منظمات مخابراتية أجنبية، تهدف إلى تهديد استقرار مصر السياسي والاقتصادي والمالي والأمني. أغلب أعضاء المجلس يرفضون التعامل مع تلك المنظمات، خاصة بعد أن أقرت اللائحة إنشاء معهد تدريب برلماني يجري العمل على تأسيسه حالياً، ومن المقرر أن يبدأ دوراته غداً وبعد غد، ويتضمن أول برامجه تدريب النواب على قراءة الخطة والموازنة والبيان المالي للدولة. وهناك بروتوكول تم توقيعه بين رئيس المجلس ورئيس اتحاد البرلمان الدولي لتدريب النواب وتبادل الخبرات مع برلمانات العالم. الدكتور عبدالعال لم يمنع النواب من الكلام ولم يقصد ذلك لكن حديثه خرج عن سياقه الأساسي، من دون قصد، لأنه كان يتحدث عن واقعة بعينها أثناء لقاء نائب محافظ البنك المركزي، وحديث بعض الأعضاء عن معلومات كان يجب عدم الإفصاح عنها، وبدا رئيس المجلس منفعلاً لأن الواقعة تخص معلومات وليس إبداء رأي، كما يظن البعض. كما أن حق الرأي مكفول لكافة النواب ولا يجوز محاسبتهم على آرائهم. عبد العال لم يهدد أحداً وإنما تحدث عن إجراء لائحي يجب الالتزام به يخص سرية جلسات اللجان وتطبيق اللائحة على من لا يلتزم بتلك السرية، لأن بعض جلسات اللجان تناقش أموراً مهمة للغاية تتعلق بالأمن القومي وميزانية الدولة ولا يجوز الحديث عنها عبر وسائل الإعلام».&

التدريب السياسي

في الخارج ضد المصلحة العامة&

وفي «جمهورية» يوم الثلاثاء نفسه قال زميلنا السيد البابلي: «لا أفهم ولا أستوعب ولا أتقبل فكرة ذهاب نواب مصريين في البرلمان إلى معاهد في فرنسا وألمانيا، للتدريب على العمل السياسي! إن النائب عاطف مخاليف عضو مجلس النواب ووكيل لجنة حقوق الإنسان كشف عن توجه عدد من النواب الجدد إلى هذه المعاهد البحثية والسياسية، لأن معظم هؤلاء النواب بلا خبرات سياسية سابقة. أن يحاول النواب الجدد اكتساب الخبرات والتعلم فإن هذا أمر ضروري ومفيد، ولكن التوجه إلى دول أجنبية ومعاهد ذات توجهات وأفكار تختلف كثيرا عن تجاربنا وواقعنا ومجتمعنا، هو أمر محفوف بالمخاطر ويفتح الباب أمام الكثير من الاختراقات الفكرية والسياسية في تشكيل التوجه السياسي البرلماني المصري، خاصة عندما تتم إعادة تشكيل وتوظيف هؤلاء النواب في إطار معين من الأفكار والنظريات. التدريب الحقيقي يكون بالاندماج في المجتمع والانصهار فيه والتعبير عنه، ومحاولة تغييره وتحسين أوضاعه، وفقاً لظروفه وامكانياته وتطلعاته. والتدريب السياسي في الخارج لن يؤدي إلا لمزيد من الانقسامات والفتن والمزايدات. وأقف مؤيداً لموقف الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب في محاولته منع النواب من التحدث علنا في السياسات النقدية، فتحذير الدكتور عبدالعال ليس خطوة لتكميم الأفواه أو الحد من حرية التعبير، بقدر ما هو تعبير عن الخوف من إدلاء غير المتخصصين من آراء في قضايا بالغة الحساسية تستدعي الإلمام الدقيق بالمشكلة والتوافر الجيد للمعلومات، وكل ما قد يقال فيها قد يؤدي إلى تفاقمها بدلاً من المساعدة في حلها».&

تشويه المختلفين مع النظام والأجهزة الأمنية&

وفي «المقال» شن زميلنا حسام مؤنس هجوما على رئيس مجلس النواب بقوله: «الموقف الأخير للدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب هو تجسيد واضح لمنهج تفكير السلطة القائمة، وهنا لا يمكن الفصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية في الحقيقة، فالرجل هو عضو قائمة «في حب مصر» التي يعرف الجميع كيف تم تشكليها، وهو أحد الخبراء الذين اختارتهم الدولة للمشاركة في صناعة الدستور، ثم هو رئيس مجلس النواب الذي تم ترشيحه تعبيرا عن قائمة دعم الدولة، وبالتالي فهو ابن لمنهج تفكير السلطة وأجهزة الدولة بوضوح، الذين رأوا فيه وفي منهجه وفي أسلوبه تعبيرا واضحا عنهم، فكان ترشيحهم له ودفعهم باتجاه أن يأتي رئيسا لمجلس النواب، وقد ظل أداء عبد العال منذ الجلسة الأولي الإجرائية لمجلس النواب مثيرا للخلاف والجدل. عبد العال بموقفه وتصريحاته الأخيرة التي قالها من موقعه كرئيس لمجلس النواب خالف كل التقاليد البرلمانية، وكل قيمة لاحترام الرأي الآخر، ومارس دورا ليس من صلاحياته بإطلاق اتهامات مذهلة لم يقدم عليها دليلا واحدا، ولم يحدد فيها المقصودين، سواء من النواب أو المراكز، في ذلك ينضم بشكل واضح لركب الإعلاميين الذين يطلقون الاتهامات ليلا ونهارا لتشويه المختلفين مع النظام والأجهزة الأمنية التي تلفق الاتهامات في تحرياتها ضد المعارضين والمختلفين، ولهذا فإن المسألة لا يمكن التعامل معها باعتبارها مجرد زلة لسان من عبد العال، وإنما منهج تفكير وممارسة مستمرة من السلطة، بكل أدواتها وأطرافها، وهو سياق متسق تماما مع توصيفات «أهل الشر» التي يكاد لا يخلو حديث لرئيس الجمهورية نفسه من الحديث عنهم والإشارة لهم، من دون تحديد أو توضيح».&

سقوط الطائرة ودس السم في العسل&

وإلى أبرز ردود الأفعال على سقوط الطائرة المصرية، حيث لا تزال الخلافات بين الكتاب والصحافيين مشتعلة، رغم عدم صدور أي بيان رسمي من مصر أو فرنسا، وزاد من حدة المعارك مبادرة وسائل إعلام أوروبية وأمريكية بإلقاء المسؤولية على قائد الطائرة والتلميح بأنه قد يكون قرر الانتحار. فقال زميلنا وصديقنا عماد الدين حسين رئيس تحرير لـ«لشروق»: «إذا كان بعض هذه الوسائل يمارس انحيازا سافرا حينا ومستترا أحيانا، فهل نواجهه بهذه الطريقة العبثية المضحكة، التي نراها من بعض خبرائنا وإعلاميينا؟ الخبير الأجنبي الحقيقي دارس ومتخصص ومذاكر، وتستمع إليه أو تشاهده وبالتالي إذا كنت مشاهدا هاويا فسوف تقتنع بكل ما يقوله، خصوصا أنه يدس السم في العسل فعلا، من دون أن تشعر، بل سينتهي الأمر إلى تبنيك لكل أفكاره وآرائه ومعلوماته، حتى لو كان بعضها مغلوطا أو يحمل نصف الحقيقة. المطلوب ببساطة خصوصا في حالة الأزمات الكبرى مثل حادث الطائرة المنكوبة أن يتم منع وتقييد هؤلاء من الظهور، لأنه سيتم التعامل معهم باعتبارهم يمثلون وجهة نظر الحكومة والداخلية والجيش والرئاسة، إذا رفعت الدولة وأجهزتها رعايتها وحمايتها عن هؤلاء فسوف يتوقفون عن الظهور، وبالتالي عن الإساءة لمصر وللمجتمع والحكومة».&

الاتهامات جاهزة معلنة ومغلفة&

وإذا تركنا «الشروق» إلى «الجمهورية» سنجد زميلنا محمد منازع يتخذ موقفا آخر عبر عنه بالقول: «الاتهامات جاهزة معلنة ومغلفة والتوصيل إلى المنازل مجانا، وفي أسرع وقت. انفجرت الطائرة الروسية فوق سيناء فتم توجيه الاتهامات إلى مصر، وتم اختطاف طائرة مصرية إلى قبرص فتم توجيه الاتهامات إلى مصر. اختفت طائرة مصرية وهي مقبلة من باريس فتم توجيه الاتهامات فورا إلى مصر. الإعلام الغربي لم يكن يوما محايدا ولا نزيها ولا ننتظر منه ذلك، لكن يجب ألا ينساق إعلامنا وراءه، ويتحول إلى ببغاوات تردد الكلام، من دون أن تفهمه، الجميع يريدون الحقيقة المبنية على أسس ومعلومات وتحقيقات موثقة وليس مجرد تكهنات واستنتاجات وسيناريوهات من جهات وأشخاص مغرضين معروفة أهدافهم. أخبار الصحافيتين الفرنسيتين فينسان مراسلة جريدة « لوسوار» وريم الشاذلي في صحيفة «ميديا بارت» أكبر دليل على الهجمة ضد مصر وتزوير الحقائق عمدا مع سبق الإصرار وتحية للزمليتين المحترمتين اللتين رفضتا «الخيانة» المهنية وحافظتا على شرف المهنة».