&أيمن الحماد

شكّل اللقاء التاريخي بين شيخ الأزهر أحمد محمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس في مقر الأخير فرصة لرجلين يتمتعان بمرجعية دينية وازنة في العالمين الإسلامي والمسيحي، في وقت يشتد فيه ويُولَغ، في الدماء باسم الدين.

نقول إنها فرصة لأنها تقطع الطريق على التطرف الذي يحمله البعض من أتباع الديانتين، والذين يسيئون بجدارة وكفاءة لصورة الملة التي يتبعانها في حين أن لدى الجانبين خطوط لقاء مشتركة تمكنهما من العمل سوياً على الأقل في سبيل التعايش والتفاهم.

فمسألة إلغاء الآخر أو التقليل منه أمر عبثي ولا يرتقي للمنطق علاوة أنه ضد فلسفة الكون التي خلقها الله وأراد بها التنوع والتفاضل بشكل يفضي إلى الوئام والتعارف لا التقاطع والتدابر.

يظل هذا اللقاء ضرورياً في هذه اللحظة التاريخية التي يمر بها المشرق العربي ويعلو فيها صوت الغوغاء في الشرق والغرب على حد سواء بين تهجير المسيحيين من بلدان عربية إسلامية عاشوا فيها وارتبطوا لمئات السنين، وآخرون يريدون في المقابل منع حجاب المسلمات في أوروبا أو طرد المسلمين منها تحت ذرائع مختلفة، ولأهداف بعضها سياسي كدواعي الانتخابات أو حتى ديني فهناك أصوات دينية مسيحية متطرفة تجاه المسلمين وغيرهم ويحظون بأتباع وفلسفات وممارسات إرهابية.

من جهتنا علينا أن نظهر العقل ونمارس فعله لا أن نترك المجال للتكفيريين والمتطرفين ليتصدروا الأخبار والشاشات بعد أن يبرروا أفعالهم الإرهابية استناداً لنصوص أرادوا بها خدمة أهوائهم والإساءة إلى الدين الإسلامي وأتباعه قبل أي شيء، ويدرك العقلاء والنابهون والمطلعون بالأديان والثقافات مكانة وعظمة الدين الإسلامي، فنظرة واحدة إلى صفحات التاريخ الإسلامي في أوروبا وغيرها، كفيلة بتبديد الصورة السلبية التي يحملها العوام في الغرب عن الإسلام.

المملكة حاضنة الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ومنبع الإسلام ودورها في دعم المبادرات التي تعزز من فكرة وسطية الإسلام وسماحته محوري، فهي تشجع على الحوار ولقاء أتباع الأديان ودعمها من خلال المبادرات والقمم الدولية التي رعتها واضح، والتي نتج عنها إنشاء مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا، إن مثل هذه المنصات تشكل فرصة لقطع الطريق على كل من يحاول إذكاء روح الكراهية ويستلذ بإشعال الفتن، ويجد في الحاصل اليوم من فوضى عربية عارمة فرصة للتشويه والنيل من ديننا الحنيف.