&«العدالة والتنمية» يطالب وزارة الداخلية بالكشف عن النتائج التفصيلية النهائية للانتخابات الجماعية والمحلية


محمود معروف

& يثير رفض وزارة الداخلية المغربية الكشف عن النتائج النهائية المفصلة لانتخابات جرت قبل تسعة شهور قلقاً في الاوساط السياسية والحقوقية، بما فيها الحزب الرئيسي في الحكومة.


وتقدم فريق العدالة والتنمية (الحزب الرئيسي بالحكومة) بمجلس النواب بسؤال لوزير الداخلية حول رفض وزارته الكشف عن النتائج االتفصيلية النهائية للانتخابات الجماعية والمحلية التي جرت في 4 ايلول/ سبتمبر الماضي وحقق فيها الحزب فوزاً كبيراً في المدن والمناطق الحضرية رغم عدم احتلاله المرتبة الاولى من ناحية عدد المقاعد.
من جهته تساءل النائب البرلماني والاستاذ الجامعي حسن طارق عن السبب الذي يجعل وزارة الداخلية، ترفض لحد الآن، الكشف عن النتائج المفصلة للانتخابات الجماعية الأخيرة وقال «في المعايير الدولية للنظم الانتخابية، فإن إجراءات النشر تشكل أحد مؤشرات الشفافية والنزاهة، وأكثر من ذلك، فالمنطق السليم لوحده يجعل من قاعدة النشر أحد مستلزمات استكمال الشرعية الانتخابية».
واضاف النائب الاشتراكي حسن طارق إذا كان «دستور 2011 أصبح الوصول إلى المعلومات حقاً مكتسباً، في التجارب المقارنة والممارسات الفضلى المتعلقة بتنظيم هذا الحق الحيوي، فإن مضامين قائمة النشر الإستباقي تشكل إحدى علامات التقدم القانوني والمعياري».
وأكد أن نتائج الانتخابات، لا تدخل بالقطع في خانة المعلومات التي حصن المشرع الدستوري سريتها في فصله 27، ذلك أنها غير ذات علاقة بالمطلق بمجالات الدفاع الوطني، أو الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، أو الحياة الخاصة للأفراد، أو بالمساس بالحقوق والحريات الدستورية الأساسية.
وقال طارق، في مقال نشره امس الاثنين، عن السبب الذي يجعل وزارة الداخلية، ترفض لحد الآن، الكشف عن النتائج المفصلة للانتخابات الجماعية الأخيرة، إن الحصول على نتائج الانتخابات بمقتضى الدستور، حق مكفول للمواطنين ما دامت جزءًا من المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، معتبراً في السياق ذاته، أن المكان الطبيعي للنتائج الكاملة للانتخابات، هو الجريدة الرسمية، وأرقامها وتفاصيلها هي بالطبيعة ملك لكل الناخبين والباحثين والإعلاميين والفاعلين السياسيين.
من جهة اخرى قال إن «الدولة العميقة» و«التحكم» و«السلطوية» تبقى عناوين «عرقلة الانتقال الديمقراطي» في المغرب، موضحاً أن «الحكومة المفروض أنها تمثل الشعب لا تملك السلطة وتعيش في مواجهات مع مؤسسات ووكالات وأجهزة تابعة للدولة»، و»لا يمكن تصور بناء ديمقراطي سليم ما لم نحترم إرادة الناخب ونهمش الحكومة والمؤسسات المنتخبة».


واعتبر طارق في ندوة «الاستحقاقات التشريعية 2016 بالمغرب» في مدينة دوسلدورف الألمانية، أن تلك الأوصاف تبقى أعراضاً لمحاولة «عودة السلطوية» في الوقت الراهن، كاشفاً عن وجود التحكم في «القرار السيادي للأحزاب والتدخل في اختيار الأحزاب لزعمائها وتوجيهها في سياقات معينة»، فيما اعتبر أن «توجيه الحياة السياسية صوب ما تبتغيه السلطة ضداً عن إرادة المواطنين هو اعتداء على الشرعية».
وقال إن «الدولة لم تقطع معها نهائياً»، ليورد أن تجربة التناوب التوافقي للعام 1998، فشلت في أداء مهامها «لأسباب متعددة، منها ثقل الأعراف المخزنية في النظام السياسي، واستمرار الازدواجية بين الحكومة والدولة بأن تجد الحكومة السياسية المنتخبة نفسها دوماً مهمشة من طرف سلطة تعتبر أنها هي من تملك القرار السياسي».
واوضح طارق في محاضرته التي نقلها موقع «هسبرس» أن البلاد كانت دولة محكومة بسلطوية مغلقة كان أبرز مظاهرها «سنوات الرصاص»، وفي أواخر عهد الملك الراحل الحسن الثاني «وقع نوع من الانفتاح ودعوة المعارضة إلى الحكم، ثم تجربة التناوب التوافقي» التي تزعمها الوزير الأول وقتها الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي، «لكن المرحلة آنذاك لم تكن مؤسسة للانتقال الديمقراطي. فبعد خمس سنوات تم الانقلاب على العملية الديمقراطية بدعوة وزير غير سياسي لقيادة الحكومة»، معتبراً أن عام 2007 سجل إحدى أضعف نسب مشاركة المغاربة في العملية الانتخابية، «سجلت نسبة كبيرة من العزوف وكنا وقتها أمام أزمة سياسية وأن تدبير الدولة قائم على عدم المحاسبة، وعاد مطلب الملكية البرلمانية من جديد».
ويرى البرلماني والباحث السياسي أن جهات قريبة من السلطة اعتبرت أن عنوان الأزمة هم الفاعلون السياسيون، و«ظهر تحليل صنع في المختبرات يقول بأن الأحزاب كلها ضعيفة وفاشلة ولا تستطيع مواجهة التيار الإسلامي، ويجب خلق حزب للتوازن يدافع عن الحداثة يخفي وراءه نموذجاً تونسياً يتحكم في عملية سياسية مراقبة من طرف حزب الدولة».
وقال ان مرحلة ما بعد الربيع العربي في المغرب، والتي كانت تغري بالتغيير وفق شعار قوي تمثل في إسقاط الفساد والاستبداد، تميزت بطرح نقاش على ضوء أن «المغرب في معزل عما يقع في تونس ومصر وليبيا، ويمجد الاستثناء، وأن الشرعية هي للمؤسسة الملكية ولسنا في حاجة لأي تغيير سياسي»، إلى جانب تصور آخر «كان يرى طموح شباب مغاربة في ديمقراطية حقيقية والحق في المطالبة باستئناف الإصلاح السياسي الذي تعثر».
وقال حسن طارق إن سنة 2011، كانت فترة مكثفة عناوينها «حراك 20 فبراير وخطاب 9 مارس وحكومة جديدة ودستور جديد يريد أن يقطع مع الملكية التنفيذية ويحمل وعوداً بالانتقال الديمقراطي ومنح صلاحيات قوية للحكومة ورئيسها»، كاشارة على «استنهاض المشروع الديمقراطي» مع «ظهور منطق آخر يريد العودة إلى السلطوية، ويقول للمغاربة إن تنازلات الدستور هي تكتيك، وإن قوس التغيير سرعان ما سيقفل عبر تهميش الأحزاب والمؤسسات المنتخبة».