&&سمير عطا الله&&

رأى البعض أن الكاتب موسى صبري حاول أن يلعب في جمهورية أنور السادات الدور الذي لعبه محمد حسنين هيكل في جمهورية عبد الناصر. طبعًا، كان كل شيء مختلفًا: المرحلة نفسها بعد 1967، وشخصية الرئيس، وشخصية الكاتب. المرحلة الناصرية كانت مرحلة تعبئة من أجل الحرب والاشتراكية والتقشف، ومرحلة السادات كانت تعبئة للصلح والانفتاح والعودة عن قرارات التأميم. عبد الناصر اعتمد على الاتحاد السوفياتي في كل شيء، من السلاح إلى السد العالي. وبالتالي، دخل في عداء مع الغرب، وأميركا في صورة خاصة. والسادات رأى أن «99% من أوراق الحل في يد أميركا». ولذا، قطع العلاقة الخاصة مع موسكو، وطرد الخبراء السوفيات، وفتح باب الحوار واسعًا مع واشنطن وهنري كيسنجر.

لذلك، اختلفت مهمة هيكل ومهمة موسى صبري اختلافًا كليًا. ولم يشأ السادات أن يكون الناطق باسمه رجلاً واحدًا، فقرّب منه أكثر من صحافي، بينهم أنيس منصور. وكما فعل عبد الناصر قبله، اعتمد هو أيضًا على الصحافة اللبنانية، وكان يخص صاحب «الحوادث»، سليم اللوزي، بالمقابلات السياسية المهمّة.

في أي حال، قدر موسى صبري للرئيس أنه اختاره إلى قربه، وكرس حياته ووقته وقلمه في سبيل خدمته، والرد على خصومه، في الداخل والخارج. وبسبب هذه المهمة، اضطر أن يعادي، أو أن يعاديه، معظم الصحافيين. وقد وضع مذكرات تزيد على الـ500 صفحة، يروي فيها حكايات وملابسات المعارك التي خاضها.

التقيت موسى صبري مرة واحدة، وكان ذلك في قمة الدار البيضاء عام 1989، وكنت يومها أغطي المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، وطبعتها المغربية. وذات يوم، اقترب مني بأدب وتواضع، قائلاً: «إنك تكتب عن جميع القادة، ألا تنوي أن تكتب شيئًا عن ريسنا؟». ومضى أيضًا بأدب، فسألت من يكون، فقيل إنه موسى صبري.

إحدى معارك الرجل كانت مع رئيس تحرير «روز اليوسف»، صلاح حافظ. وقد نقلت المجلة عن الـ«هيرالد تريبيون» حرفيًا ما كتبته عن المظاهرات التي قامت ضد الدولة بسبب رفع الدعم عن الطحين. ورأى صبري في ذلك مؤامرة أميركية لقيت حلقتها المكملة عند «الماركسي» صلاح حافظ. ورغم عبارات المودة والصداقة التي استخدمها في مناقشة حافظ، فإن الأخير كان حادًا في الرد، وكان ساخرًا، وكان كعادته لماحًا.

ولضيق المجال، اخترت أن أنشر من نص صلاح حافظ، مكتفيًا بالمقدمة عن موسى صبري، لأنني أعتقد أن الرد الحافظي كان من دروس الجدال الصحافي، فكرًا وأسلوبًا.

إلى اللقاء..

&&