&فاتح عبد السلام

&في غمار الحرب المستعرة، لم نسمع حتى الآن سوى أصوات الرصاص والمدافع مصحوبة بهتافات وشعارات وتصريحات تشبه القذائف في خواصها الانشطارية والانقسامية وشظاياها العشوائية. ومن جهة أخرى تعلو، في كل ساعة، الأصوات التي تحشد مقاتلين تلو المقاتلين من كل حدب وصوب .وقريباً من هذا كله، يقف مَن يطالب بمزيد من الغارات الأمريكية والدولية ، وآخرون يطالبون بمزيد من الراجمات والصواريخ الإيرانية .

لا أحد يتكلم عن ان المعركة تدور فوق أرض عراقية بناها ابناء الوطن خلال تسعين عاماً، وأن هناك شعباً مختطف مغلوب على أمره،لم تسعفه القوات الحكومية يوم كان في ذمتها وصار وحيداً في مواجهة نارين وهوالأعزل.

لو جرى الذي جرى في الموصل والفلوجة والحويجة على العراقيين في النجف وكربلاء والبصرة والناصرية لما كان حال الشعب سيختلف ،وهو مسلوب الإرادة تحت الحراب والجوع والذبح.

السؤال يتوجه بذاته الى الذين يفكرون في مستقبل العراق كوحدة متكاملة ويرفضون تقسيمه. طبعا أنا هنا، افترض افتراضاً جدلياً تفكيرهم بالمستقبل ورفضهم التقسيم ،كأية فرضية لا علاقة لها بالواقع .

هل نريد أن نستعيد الأراضي أم نستعيد الشعب من قبضة تنظيم داعش.؟ هل نريد أن نستعيد الإثنين معاً؟، هل نريد أن نضحي بأحدهما أم بكليهما ،؟ هل نميل الى الاستغناء عن الشعب بحجة ان قسماً منهم تلوثوا أو انخرطوا مع داعش،ونذهب الى سياسة الارض المحروقة لنستعيد الهدف بوصفه هدفاً بغض النظر عن نسبة الحياة فيه؟.

إذا كنا نعي خطورة ماتنطوي عليه تلك الأسئلة ، لنقل هل صارحنا العراقيين والعالم بالخطط التي نملكها لتأهيل المدن التي سيجري استعادتها من داعش . تقول امرأة هاربة من التنظيم انهم يطلبون من كل عائلة مجنداً يلتحق بصفوفهم مقابل كيس من الطحين بعد أن بات الناس يقتاتون على الحشائش، هي رفضت واستطاعت الهروب كونها في اطراف الفلوجة ،ولكن الآلاف لا يمتلكون مثل هذه الفرصة ، وقد يسايرون الموجة وهم في الرمق الأخير ، ليس اقتناعاً بفكر أو منهج لكن هي امكانية التحمل مع أكداس الأطفال وعجز الحيلة .

هل لدينا خطة لنسترجع هؤلاء الى حضن الوطن أم نعاملهم معاملة الأجنبي الذي أرسله التنظيم الى ارض الخلافة ليفعل بها ما يشاء من ذبح واغتصاب وتعدي على الحرمات .. طبقاً للشريعة كما يزعمون.

مَن يدعي انه حاكم للبشر يعرف كيف يحميهم ويصوب خطاهم ولا يحملهم ما لاطاقة لهم به ويدرك أن هناك فرقاً بين تنظيم له قاعدة صلبة لابد من تفتيتها، وبين ناس مختطفين محاصرين جائعين لا يعرفون من أين تأتيهم القنابل شعروا باليأس ملايين المرات من امكانية انقاذهم وعودتهم الى حياة عراقية طبيعية، واذا طال بهم الحال فوق هذا ،وهم في السنة الثالثة من هذه المحنة، فإن مَن تخلى عنهم في حينها أو عبر التخبط الحالي، ليس بأفضل منهم أو بأقل منهم تلوثاً في حال اذا مسهم عارض من التنظيم الحاكم فوق رقابهم.

اعطوا للناس الأمل، فالمحنة التي هم فيها لم تخطر على بال بشر، ولابد أن يكون الحكام على قدر كبير من المسؤولية ليواجهوا هذا الاستحقاق التاريخي في استرداد شعب كان مختطفاً ، وكما أُجبر على أكل الحشيش أجبروه أيضاً على طاعة أوامرهم، وهي ظروف لايمكن القياس عليها ،ولابد من فرز حكيم، وعدم ترك الأمور للغرباء الذين تحركهم أوامرالخارج ليقدموا مساعدة هزيلة بيد ويذبحوا النسيج الاجتماعي بالأخرى. انهم عابرون .. خائضون في دمائنا لا ماكثين فيها .

هذه حرب خاصة ،ليس دائماً ماتحتاجه فيها هي قوة نارية أمريكية أو ايرانية لتنتصر ، هناك قوة أمل عراقية ،أعرف انها الآن صعبة المنال، استحضرها، واسترد بها شعبك المختطف.

&

&