&&خالد أحمد الطراح

لم يكن قرار الحركة الدستورية في كسر المقاطعة مفاجئاً من حيث التوقيت او المضمون، فكما تناولت سابقا بناءً على معطيات الساحة السياسية حول ازدياد سخونة الاجواء الانتخابية مبكرا، متزامنا مع هجوم بعض المجاميع التي شاركت في انتخابات الصوت الواحد وتفضيلها لاستمرار المقاطعة حتى يصبح الطريق ممهدا لمن يخشى المنافسة.

ردود الافعال من بعض المقاطعين محل تقدير طالما تظل في حدود ونطاق المواقف المبدئية واحترام مواقف القوى الاخرى، لكن توجيه الاتهامات لـ«حدس» او غيرها ممن قرروا كسر المقاطعة، ليس توجها سليما، فالساحة السياسية لا ينقصها المزيد من التشرذم، بل بحاجة الى الاتفاق والتوافق ضمن الاطار الديموقراطي والدستوري من اجل تحقيق الاصلاح المنشود، بناء على اسس واهداف وطنية من شأنها ان تصحح مسار النظام الانتخابي.

شخصيا لست من كوادر حدس و لا التيار الاسلامي بشكل عام، ولست ايضا عضوا بالتيار الليبرالي الوطني، فالأول، اي التيار الاسلامي، وتحديدا حدس، كان ومازال اكثر تنظيما من القوى السياسية الليبرالية بسبب تشرذم القوى الليبرالية والانانية التي تسيطر على بعض القيادات التي تعتقد انه لا بديل لهم! علاوة على الفشل في تصدير كوادر سياسية او حتى الدفع في تصحيح مسار العمل الوطني.

في العمل السياسي لكل قوى او كتلة برلمانية اجندة واهداف، ولا اظن ان ثمة عملا غير مشروع في ذلك، وبقاء باقي القوى السياسية- سواء كانت ليبرالية او من العمل الشعبي او اي قوى اخرى- خارج الملعب السياسي سيزيد من هوة الفراغ السياسي وانفراد قوى ذات توجه معين للهيمنة على القرار السياسي في مجلس الامة، ويعود الانقسام الحاد وربما القطيعة التي من الممكن ان تقود الى الصراع بين قوى يفترض ان تتحد في مواجهة التحديات من خلال تشكيل تعددية سياسية تعكس كل اطياف وشرائح المجتمع فكريا وسياسيا.

المشاركة لا ينبغي النظر اليها من زاوية تسيطر عليها احكام مسبقة، واتهامات بالتخلي عمن رفع راية المقاطعة، وعدد لا يستهان به من شباب ورموز في «سجن امن الدولة» اليوم، فالإصلاح لن يتحقق الا من خلال بوابة التشريع بأغلبية مطلقة من شأنها ان تسهم في عودة «السجناء» الى مكانهم الطبيعي في المجتمع.

صحيح هناك اختلاف في الاهداف للقوى السياسية، لكن ايضا من الخطأ نكران المواقف لكل القوى وحراك شبابي في المقاطعة، وربما من المفيد الرجوع بالذاكرة الى حركة دواوين الاثنين، حيث شاركت كل القوى السياسية فيها والجميع دفع الثمن من دون استثناء وتم التلاقي في النهاية.

كسر المقاطعة هو تغليب للمصلحة الوطنية، فالإصلاح لن يقوم اذا اخترق التشرذم القوى الوطنية التي نعلق عليها الآمال في الاصلاح، وكلي امل في ان يسود التفكير والتخطيط العقلانيان المرحلة القادمة من دون تخوين لأي قوى اخرى، فقوى الفساد هي المستفيد الاول من غياب المشاركة الواسعة من كل القوى السياسية.

&

&