سعد الياس

&&لا تزال المقابلة التي أجراها الكاتب اللبناني الفرنكوفوني أمين معلوف على شاشة إسرائيلية تثير الجدل داخل لبنان وخارجه وسط دعوات إلى مقاطعته قوبلت بتحفيز من قبل آخرين على شراء نسخ من كتبه. وإزاء الحملة التي طالت معلوف انتقد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ردود الفعل وكتب عبر حسابه على «تويتر»، «فجأة تتحرك «المكارثية العربية» ومن الأفضل تسميتها بجماعة «الممانعة الفكرية العربية» لتدين أمين معلوف»، مؤكداً «نعم، ارتكب أمين معلوف خطأً، بأن أعطى مقابلة إلى قناة إسرائيلية».

واضاف «فإلى أمين معلوف أقول إن «ديكارت» لم يمر علينا ولن يمر. في الصباح نكون وطنيين وفي المساء خونة والأمثلة تعد ولا تحصى. هنا جريمة إبادة بحق الشعب الفلسطيني وهنا جريمة إبادة بحق الشعب السوري»، سائلاً «هل هناك فرق بين جرائم الحروب على غزة من قبل إسرائيل والتدمير المنهجي لحلب ومن قبلها حمص على يد النظام السوري؟».

وتابع «لكن، قولوا لي بربكم يا جماعة الممانعة الفكرية العربية، تدينون جرائم إسرائيل وتمرون مرور الكرام على جرائم النظام السوري. أم أن الفكر الممانع يمنع التميز. هذا المنحى يذكرني كيف أن كبار المثقفين أيام الشيوعية تغاضوا عن جرائم ستالين».

وختم موجهاً نصيحة إلى أمين معلوف «أنصح أمين معلوف بأن يقرأ مجدداً نزار قباني، وبالتحديد عندما رثى عبد الناصر، إذ قال: قتلناك يا آخر الأنبياء».

وكان الصحافي بيار ابي صعب في جريدة «الاخبار» وصف أمين معلوف بـ «ليون الإسرائيلي» في تحوير لعنوان كتابه الشهير «ليون الافريقي»، وسأل «هل صاحب ليون الافريقي ساذج لدرجة انّه لم يرَ الفخ؟ ألم يجد حرجاً من هذه المبايعة الرمزية لإسرائيل؟ ليس أمراً ثانويّاً أن يعترف بإسرائيل كاتب عالمي، ذكرتنا المذيعة مراراً بأنّه مولود في لبنان، وكبر في مصر، وتكوّن في الجمهوريّة الفرنسيّة. هل بات بعيداً إلى هذا الحد عن شعبه، منقطعاً عن بلده وأهله؟ غير آبه بمشاعرهم ومصلحتهم الوطنيّة، ضارباً عرض الحائط بالمبادئ الاخلاقيّة العامة؟ مقابل ماذا يفعل ذلك، وقد حقّق الانتشار والرواج والشهرة العالميّة؟ إنسجاماً مع قناعات دفينة، تتناغم مع البعد الإنسانوي لكتاباته؟ أم حنيناً لبدايات بعيدة تحت راية 17 أيّار؟».

ورأى «أن أمين معلوف يضحّي بصورة الكاتب الذي يحبّه العرب ويعتزّون به ويقرأونه بنهم ومتعة وفضول، على مذبح «الاستابلشمنت» الفرنسي الذي صنع نجاحه الأدبي، وكرّسه بجائزة «الغونكور» (1993)، وأدخله تحت قبّة «الخالدين»، في الأكاديميّة الفرنسيّة قدس أقداس الأدب ولغة موليير (2011). ربّ قائل إن أي مبدع عربي يحلم اليوم بمكانة في فرنسا، عليه أن يمرّ في خانة «إسرائيل»، ويحظى ببركة برنار هنري ليفي. لكنه أمين معلوف! ماذا يفعل هنا قبالة الكاميرا الإسرائيليّة؟ كالتلميذ المجتهد والمهذب والمطيع يخضع لاستجواب المذيعة الهستيريّة… وبأي هدف يستعرض نوادر من كتابه كرسي على نهر السين (غراسيه) متكرّماً ببعض الخواطر والتأمّلات والحكم، على بضعة آلاف من المشاهدين لا أكثر؟

وجاء في مقال فرح الدهني في «النهار»، «على خطى الياس خوري الكاتب التقدّمي والروائي الفذّ، يطل علينا أمين معلوف صاحب «ليون الافريقي « و»حدائق النور» عبر إذاعة «i24» الإسرائيلية ، في برنامج ثقافي، لمحطة أطلقها باتريك دراهي قبل ثلاث سنوات، بالفرنسية والعربية والانكليزيّة، في محاولة للكشف عن وجه اسرائيل الثقافي ونسنتها، قبل الحكم عليها سلفاً من العالم. شارك الاعلامية حلقتها المطوّلة، بابتسامته المعهودة، محاوراً، لا مؤاكِلاً ، كتلميذ نجيب أمام الكاميرا، وهو يقرأ شذرات من كتابه «Un fauteuil sur la Seine» (2016)، مقدّماً النصائح لجمهوره ومشاهديه، وكأنّ شيئاً لم يكن».

وهنا تطرح الأسئلة نفسها «ألا يشكّل حوار الثقافات هذا اعترافاً ضمنياً بدولة اسرائيل وتطبيعاً ثقافياً معها ؟! … ألا يضحّي أمين معلوف بصورة الكاتب الذي يحبّه الملايين من العرب ويعتزّون به ويقرأونه بنهم على مذبح المجتمع الفرنسي الذي صنع نجاحه الأدبي إرضاءً له؟!

من جهة أخرى،هل سقط امين معلوف في فخّ مفهومه الخاص لهويّة الإنسان؟ ام انّ المقابلة هي تطبيق حيّ لانفتاحه؟ !ولا شكّ اننا، لبنانيين وعرباً، نعتزّ ب»امين معلوف « علماً من اعلام الادب والرواية وإنْ بلغة «موليير»…لكن فليحذرْ «الدعسة الناقصة».

وكانت حملة مؤيدي مقاطعة اسرائيل في لبنان طالبت معلوف بتقديم اعتذار، معتبرة «أن هذه الخطوة تعطي شرعية غير اخلاقية لوسائل الاعلام الإسرائيلية وهي أداة مهمة للاحتلال والاستيطان في الاراضي الفلسطينية».