سعيد السريحي

حين يكتب صاحب منظمة وقناة فور شباب في تغريدة له «أمام الدعاة الراشدين والإصلاحيين الواعين فرصة تاريخية لاستثمار أدوات التغيير والتأثير، لاستعادة دور الشعوب»، فإن علينا أن ننظر إلى هذه التغريدة باعتبارها الاستراتيجية التي تعمل بموجبها المنظمة التي يرأسها والقناة التي يديرها والتي يستضيف في حواراتها شيوخ التشدد ويجمع عبر حملاتها التبرعات التي لا يعلم أحد لمن سوف يتم دفعها.

وإذا كان ظاهر التغريدة لا يخفي المخطط الذي تهدف تلك المنظمة إلى تحقيقه وهو تحريض الشعوب على التمرد على حكوماتها والاستمرار قدما في تنفيذ مخطط ما عرف بالربيع العربي والذي تكشفت نتائجه عن دمار شامل للشعوب والدول معا، إذا كان ظاهر التغريدة كذلك فإن باطنها حمل توجيها مختلفا، التغريدة تتحدث عن (استعادة دور الشعوب) غير أن توجيهها لمن أسماهم الدعاة الراشدين والإصلاحيين الواعين سيجعلها تعني أمرا آخر يتمثل في توجيه هؤلاء «الدعاة والإصلاحيين» إلى استعادة دورهم في السيطرة على الشعوب مستثمرين أدوات التغيير والتأثير والتي على رأسها تلك القناة التي يديرها صاحب التغريدة.

توجيه «الدعاة» إلى استعادة دورهم في تضليل الشعوب ومن ثم السيطرة عليها هو ما يفسر لنا كثيرا من التحركات التي تقوم بها الجماعات المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين أو المتعاطفة معها، وكذلك المنتمية لجماعات أخرى من جماعات الإسلام السياسي الحركي، ذلك أن هذه الجماعات والأحزاب تدرك أن وعي المجتمع مكنه من التحرر من سيطرتها وأن الأحداث الأخيرة قد فضحت مخططات تلك الجماعات وعرت أهدافها. شعور تلك الجماعات التي يجمعها تيار الإسلام الحركي السياسي أنها لم تعد تملك نفس التأثير على المجتمع هو ما يفسر تغريدات الكثير من دعاة تلك الجماعات، ويفسر كذلك ما تنتجه تلك الجماعات من أفلام قصيرة تبثها عبر مواقع التواصل تحاول فيها تشويه أصحاب الرأي والمثقفين وتحذر منهم.

تيارات الإسلام الحركي السياسي تحيا مأزقها الذي انتهت إليه وتحاول جمع شتات أمرها دون أن تدرك أن وعي الشعوب قد قذف بها خارج دائرة التاريخ.