الأردن بعد يوم من هجوم الركبان: غطاء سياسي لإغلاق الحدود والشارع يرفع شعار «طفح الكيل» ورفض استقبال المزيد من اللاجئين وأكبر المتضررين «الجيش الحر»

بسام البدارين

&

&«أغلقوا حدودنا.. طفح الكيل»، هذه العبارة اعتمدها الوزير والبرلماني الأردني السابق والناشط السياسي الديناميكي محمد داوودية على صفحات التواصل للتعبير عن ضيق الأردنيين بكلفة اللاجئين السوريين وسط صمت عربي وتواطؤ دولي.

داوودية لم يقف عند ذلك بل تحدث عن «دماء الأردنيين» باعتبارها أهم في الأولوية الوطنية من «سمعة البلاد الخارجية».

ويعكس هذا الموقف من شخصية مسيسة الاتجاه العام لمشاعر الأردنيين بعد حادثة الركبان الأخيرة حيث هوجمت نقطة عسكرية لوجستية لإيواء اللاجئين بسيارة إنتحارية مفخخة مما أدى إلى مقتل ستة عسكريين وإصابة 14 آخرين.

وزير الخارجية ناصر جوده اعلن أن بلاده لم تكن بحاجة لمثل هذا الاعتداء البشع حتى يفهم العالم متطلباتها الأمنية.

الاعتداء إنتهى بإعلان الحدود مع العراق وسوريا منطقة عسكرية مغلقة وبوقف استقبال المزيد من اللاجئين وتم إبلاغ سفراء المجتمع الدولي بذلك بعد اجتماع استثنائي قاده الملك عبدالله الثاني شخصياً في مقر رئاسة الأركان.

على هامش التعاطي مع التداعيات يعتقد وعلى نطاق واسع بأن أسس وتفصيلات الإستراتيجية الأردنية في التفاعل مع ملف جنوب سوريا ستتبدل تماماً بعد حادثة الركبان التي تسببت بصدمة قوية للرأي العام الأردني ومهدت الطريق دبلوماسياً وسياسياً لمواجهة الضغط الدولي على الأردن تحت عنوان استقبال وإيواء المزيد من اللاجئين السوريين.

تحويل الحدود إلى منطقة عسكرية وتطبيق قواعد اشتباك جديدة معها يظهر بأن الأردن يضيق ذرعاً بالضغوط الدولية ويجد في الاعتداء الإرهابي الأخير فرصة لكي ينتبه العالم لما كان يقوله الأردن في الماضي حول احتمالية اختلاط الإرهابيين باللاجئين.

وهو ما حصل بعد إجبار الأردن أصلاً قبل تسعة اشهر على التعاطي مع مخيم منطقة الركبان نفسه والعمل على تقديم التسهيلات له من القواعد العسكرية لحرس الحدود الأردني.

البروتوكول العسكري على الحدود مع سوريا والعراق سيتغير تماماً وعمان أبلغت المجتمع الدولي بأنها ستتعاون فقط مع صيغة تنسيقية مضمونة وعبر المنظمات الدولية مما يعني وقف التنسيق مع «الجيش السوري الحر» بشأن اللاجئين وإغلاق تلك الممرات الحدودية التي كانت مخصصة للاجئين الذين لا يستطيعون العبور من نقاط العبور الرسمية والشرعية.

«الجيش الحر» قد يكون أبرز المتضررين من التبديل الإجرائي الأردني لكن الأهم ردود فعل الشارع التي تتكثف عند نقطة قوامها العمل على إغلاق الحدود تماماً وإعلان وقف استقبال اي لاجيء سوري بصرف النظر عن الأسباب مع المجتمع الدولي أو بدونه.

عملية الركبان أنتجت ردة قوية في الشارع الأردني ضد الإستمرار في تحمل كلفة اللجوء السوري والنخبة السياسية بدت عاجزة تماماً عن إقناع الرأي العام بتوظيف الملف او الاستفادة منه خصوصاً وان كل الأموال التي تحدث عنها الإعلام لدعم اللجوء السوري في المنطقة لم تصل بعد.

عمان لم توجه الاتهام رسمياً لأي جهة محددة في تنفيذ هجوم الركبان الإرهابي وشريط الفيديو الذي نشر باسم ما سمي «كتائب ثوار درعا» يخضع للفحص والتدقيق وإن كانت بصمات تنظيم «الدولة» واضحة الملامح.

« ثوار درعا» إسم جديد بالنسبة لوسائل الإعلام الأردنية والحجة التي ظهرت في شريط غامض تبرر الهجوم الإرهابي غير صحيحة إطلاقاً لأن الملثم الذي ظهر في الشريط تحدث عن الرد على قطع الأردن لإمدادات السلاح ومضايقاته للاجئين فيما الموقع المستهدف مخصص أصلاً لإيواء اللاجئين والإجراءات الأردنية ستؤثر عليهم حصرياً بعد الهجوم.

ليس سراً ان العمل الأمني والعسكري على الحدود الأردنية سينتقل بعد إعلان الحدود منطقة عسكرية إلى مستويات مختلفة من أدبيات الاشتباك والمطاردة الآن خصوصاً وان القرار السياسي صدر ويغطي الأمني والعسكري بمسألة إغلاق الحدود عسكريا وإعتبار كل هدف بشري او آلي يتحرك نحو الحدود الأردنية بدون تنسيق محكم ومسبق هو هدف عدو سيتم التعامل معه بالنار.

الإجراءات الأردنية اللاحقة لهجوم الركبان تثبت إخفاق الرهان على وعود المجتمع الدولي وعوائد الاستثمار السياسي في ملف اللاجئين والنغمة السائدة في اوساط الأردنيين بعد ضحايا الهجوم مضادة تماماً لفكرة استيعاب مزيد من اللاجئين وتنطوي على انقلاب على فكرة الترحيب بهم.