عبدالرحمن الطريري&

أحد الأهداف التي تسعى "رؤية المملكه 2030" إلى تحقيقها إيجاد المجتمع الحيوي، وأجزم أن هذا الهدف هو الركيزة الأساسية في أي مجتمع، فمتى وجد المجتمع الحيوي صلحت أمور المجتمع كافة، فأفراد المجتمع الحيوي يعملون كل ما فيه مصلحة مجتمعهم، ووطنهم، لإدراكهم أن نمو المجتمع، وصلاحه، ومتانته تكمن في مقدار ما يحققه كل فرد من إنتاج في المجال الذي يعمل فيه ،سواء كان عملا إداريا، أو زراعيا، أو صناعيا، أو اجتماعيا، وإنسانيا.&

تأملت في هذا الهدف النبيل، والأساس، وتساءلت، ما المعطيات الواجب توافرها في المجتمع لنحقق الحيوية؟ وما من شك أن المعطيات تشتق، وتبنى على واقع المجتمع الذي يراد الانتقال به إلى حالة الحيوية، لدينا في السعودية عمالة تزيد على حاجة البلد تعمل في المجالات الإدارية كافة، والفنية، والهندسية، والتعليمية وغيرها من المهن، سواء كانت شاقة، أو غير ذلك، وجزء منها يعمل في مهن لا تحتاج إلى مهارات عالية، أو تدريب، لكن صبر، وطول نفس العمالة يجعلانها منافسا قويا للمواطن، كما في بيع التجزئة.&

جزء من العمالة يعيش عالة على الوطن، ويعمل في مهن مدمرة للمجتمع أخلاقيا، واقتصاديا، وفي مثل هذا الوضع حيوية المجتمع ستتأثر سلبا. وضع كهذا يستوجب التخلص من العمالة الفائضة عن حاجة المجتمع، ومن يسير في شوارع مدننا يرى العمالة تتسكع في الطرقات، وعلى الأرصفة.&

المؤكد أن مهنا أخرى تحتاج إلى كفاءات عالية، وتدريب، ومهارات قد لا تتوافر لدى الشباب السعودي، وبالأخص من يعاني البطالة، لذا حيوية المجتمع تأتي من مدخل التربية والتعليم، فالأمم لا تحوز مجدا، وتقدما إلا بالعلم، والثقافة المجتمعية التي يصنعها، ويجعل لها السيادة، وتؤثر في طريقة التفكير الجمعية التي تكسر الحواجز النفسية التي تحول بين الفرد، وامتهان المهن الشريفة، حتى وإن كان فيها مشقة، أو نظرة اجتماعية سلبية خاطئة، فمتى تمكنا في المدرسة، ووسائل الإعلام، والبيت، والمسجد، وكل الوسائط من بث هذه الثقافة، وترسيخها سنكون خطونا الخطوة الأساسية نحو المجتمع الحيوي.&

حيوية المجتمع تتحقق متى نفذت الأنظمة، والتعليمات الصادرة من مصادرها المختلفة المؤكدة على المحافظة على ثروات الوطن المختلفة، وهذا يتطلب أن تكون المؤسسات الرسمية على مستوى الهدف إدراكا، ووعيا، ومحاسبة، وهذا لا يتحقق ما لم تكن قيادات الجهات الرسمية مؤهلة، ولديها الصلاحيات التي تمكنها من فعل ما تراه يخدم المصلحة العامة، ويحافظ على المكتسبات بدلا من إضاعتها في أمور غير مهمة. المجتمع الحيوي يتطلب إيجاده غرس الثقة في أبناء المجتمع، وربطهم بمشروع حضاري شامل يجد كل فرد مكانه فيه، ويدرك أن تقصيره، أو عدم أدائه دوره على الشكل المطلوب يؤثر في معادلة المجتمع الحيوي، ويحدث الخلل فيها.&

المجتمع الحيوي يتطلب وضع قائمة أولويات تمثل خريطة عمل وطنية شاملة يضعها مختصون من أبناء الوطن، ويستعان بغيرهم من ذوي الكفاءات العالية يحدد فيها المهن الواجب قصرها على السعوديين مهما كانت المبررات.

&المجتمع الحيوي يتطلب إيجاد برامج التدريب التي تنقل الشاب من حالة الخمول، والشعور بالقصور إلى حالة الهمة العالية، والقدرة الفائقة لإنجاز الدور الموكل له على الوجه المطلوب، حتى لو استوجب التدريب خارج الوطن.&

المجتمع الحيوي له مؤشرات يستدل بها عليه منها ألا يكون لدينا ولا نسبة 1 في المائة بطالة، إضافة إلى أن تكون المصانع، والورش، وميادين الإنتاج مهما كانت تمتلئ بأبناء الوطن، وفي هذه الحالة ستكون احتياجاتنا من إنتاجنا بدلا من الوضع الحالي الذي نستورد فيه كل ما نحتاج إليه إلا ما ندر.