&عبدالرحمن ناصر الخريف

في الوقت الذي يرى الجميع ردود الأفعال الدامية بالأسواق المالية العالمية لنتيجة التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقناعة الكثيرين من المتداولين بسوقنا بان كبار المضاربين لشركاتنا سيستغلون ذلك لإحداث نزول عنيف هذا اليوم لاستثمار حالة الخوف التي اصابت الأسواق المالية، يجب ان نقدر جميعا سرعة تفاعل مؤسسة النقد مع هذا الحدث وبث رسالة تطمين لوضع القطاع البنكي لدينا والايضاح صراحة للعموم بانه من المبكر فعلا معرفة الأثر الدائم للخروج على اقتصاديات تلك الدول وأسواق المال والاستثمار، فأهمية التصريح تكمن بان ماحدث كان محل المتابعة من قبل المؤسسة بشأن استثماراتها وانها اتخذت إجراءات تحوط لذلك، والاهم الا ننجرف خلف الشائعات لعدم معرفة الجميع اساساً بحجم الاثار لخروج بريطانيا، فمن المعروف ان جميع الأسواق العالمية تبالغ كثيرا في التفاعل مع الاحداث لاستغلال حالة الضبابية والهلع من الاخبار والاحداث المفاجئة ثم ترتد وتستقر بعد تسييل الكثير من المحافظ وهدوء العاصفة واتضاح الاثار الحقيقية للحدث وكما رأينا في أزمات عالمية عديدة وارتدت لأعلى من مستوياتها السابقة عدا سوقنا مع ان الازمة بأسواقهم.

وبعيدا عن ماسيحدث في سوقنا هذا اليوم والأسواق المالية العالمية غدا الى نهاية الأسبوع والوقت الذي تحتاجه الأسواق لامتصاص الحدث والاستقرار وخصوصا ان توالي الازمات بالأسواق وفر للمتداولين خبرات متراكمة عن طبيعة تفاعلها مع الاحداث وتوقيت ارتدادها، فان مبادرة المؤسسة بنشر هذا التصريح – على غير العادة - يدل على ان هناك فكرا جديدا بالمؤسسة يقدر أهمية سرعة بث الحقائق والمعلومات الرسمية للجميع بالوقت المناسب وكشفافية بنشر ماقامت به المؤسسة من تعديلات تحوطية، وهو ماكنا نطالب فيه مسؤولينا منذ سنوات طويلة مع كل ازمة تعصف بسوقنا ولم نكن نجد أي تفاعل لحظي مع الحدث! بل ان التصريحات الرسمية كانت تتأخر الى مابعد انتشار الشائعات وافلاس المتداولين وتسييل المحافظ الممولة من البنوك واستحواذ كبار المضاربين والصناديق عليها ليرتد السوق مع تلك التصريحات وتستأثر بالأرباح في مشهد اعتدنا على تكراره! ولنا ان نتخيل ان مؤسسة النقد لم تسارع بإيضاح ما سبق القيام به في شأن هذا الحدث، فان السوق كما اعتدنا سينزف بأكثر من الأسواق العالمية استغلالا للشائعات، ووفقا لما اعتدنا من مسؤولينا بالتأخر بنشر البيانات والتصريحات المطمئنة، سنرى بعد الشراء باقل الأسعار ارتدادا للسوق امام اعين من تم تسييل محافظه مدعوما بإشادة كبيرة من مراسلي المحافظ الكبيرة بما قامت به المؤسسة ليس تقديرا لها وانما دعما لأسهمهم بالسوق.

ومع وجود اثار كبيرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على اقتصاديات الدول الأوروبية وذات العلاقة وتبعات ذات على العملات وأسعار النفط وحجم النمو او الركود والتي قد لا يستبعد ان تظهر بالمستقبل اثاراً إيجابية لمواطني واقتصاديات الدول الأخرى وتجدد فرص الاستثمار لمن يملك المال بعد اتضاح الرؤية وتغيير الانظمة، الا انه يجب الا ننظر للحدث بانه قرار دولة واحدة بالخروج من اتحاد يضم دولا عديدة باقتصاديات مختلفة قد ينشر بالعالم ككل ثقافة جديدة للاستقلالية بدلا من التكتلات والمنظمات الاقليمية التي انتشرت بالقرن الماضي، وهو مايؤكد انه من المبكر معرفة اثار الخروج من الاتحاد بمفهومه الواسع الذي اكده تصريح المؤسسة، ويبقى انه أياً كانت ردة الفعل على سرعة وشفافية المؤسسة لدى المتابعين او السوق، فان الإحباط والصورة الذهنية السابقة عن توقيت ومحتوى ودقة تصريحات المسؤولين بمعظم جهاتنا تحتاج لوقت لتغييرها وزيادة الثقة بها مع استمرار مسؤولي المؤسسة والجهات الأخرى في المبادرة السريعة لإيضاح المعلومات الصحيحة للجميع وبما لا يتيح الفرصة لمن يملك المعلومة باستغلالها.