&هيا إبراهيم الجوهر&

يقول فيكتور جروين "أرفض أن أنفق الأموال على تلك التطورات البغيضة، لقد دمروا مدننا"، الغريب أنه هو من ابتدع فكرة ذلك التطور ولكنه ندم عليها وحاول بشتى الطرق التنصل والتبرؤ منها لما رأى ما آلت إليه، فمن هو فيكتور وما هو مشروعه الذي ندم عليه؟!&

مشروعه يكاد يكون المتنفس الوحيد لأهالي المدن الكبيرة خصوصا التي لا يوجد فيها بحار ولا أنهار التي أصبحت زيارتها عادة سواء كنت محتاجا إلى غرض ما أم لا!

&و فيكتور رجل نمساوي الأصل هاجر إلى الولايات المتحدة مع زوجته عام 1938 ومشروعه الذي ندم عليه أشد الندم وأصبح يتبرأ منه في كل مناسبة هو (مولات التسوق أو المجمعات التجارية) المعروفة اليوم، لأنها لم تعد تنشأ بالشكل الذي تصوره كما لم تراع فيها الأمور التي من أجلها ابتكر المشروع!&

فكرة جروين في الأصل، كانت تعتمد على بناء مولات التسوق في أماكن بمساحات خضراء واسعة و نوافير ومياه جارية ومتاجر للخدمات العامة مثل المصارف ومكاتب البريد، التي راودته بعد أن لاحظ أن الأراضي الخضراء في أمريكا بدأت تختفي و تتحول إلى مساحات تجارية جامدة خالية من الجمال!

&كان يطمح إلى أن يكون مول التسوق عبارة عن مكان للتواصل الاجتماعي والثقافي يجتمع فيه الناس للتعارف وتبادل الخبرات وتناول الطعام مع الاستمتاع بالخضرة والمياه الجارية لم يكن يريدها فكرة تجارية بحتة تحول البشر إلى أدوات استهلاكية.&

ومع أول مولين أنشئا كانت فكرة جروين مطبقة بحذافيرها، الأول أنشئ عام 1954 (نورثلاند سنتر) في ديترويت كان واسعا جدا وفي الهواء الطلق وفي جوانبه مساحات خضراء كبيرة وأغلق قبل عام تقريبا! أما المشروع الثاني فكان في مينيابولس وقد كان أول مول تسوق مكيف ومن طابقين تربطه السلالم والممرات ويشمل حديقة خضراء واسعة تجذبك إليها أصوات الطيور وجمال بحيرات الأسماك وصوت خرير الماء في البحيرات الجارية واكتملت الصورة الجمالية بعرض الأعمال الفنية!

&ولكن ذلك لم يدم طويلا ففي أواخر الستينيات تم استغلال فكرته من قبل المصممين بشكل تجاري بحت وأصبح التركيز على وجود أكبر عدد من المحال التجارية رتبت بطريقة تجبرك على الشراء والمطاعم التي تدفعك للأكل دفعا بروائحها الشهية والإعلانات المغرية وملاهي الأطفال المغلقة التي تزيد المكان ضجيجا وعدم راحة كما نشاهده اليوم، فأنت تذهب من أجل غرض معين فتجد نفسك أمام كم من المغريات يجعلك تتسوق من أجل التسوق فقط وهذا ما أحزن فيكتور جروين مثلما حدث مع نوبل مخترع الديناميت!