&&&آليات مستهلكة تسقط مع كلام نصرالله تداعيات ثقيلة تصيب الحكومة والمرشحين&

&روزانا بومنصف&

دفع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في مواقفه الاخيرة في ذكرى اربعين غياب احد قيادييه مصطفى بدر الدين عبر الاعلان عن الاعتماد الكلي للحزب على ايران تمويلا وتسليحا في اطار طمأنة بيئته في مقابل اقلاق الاخرين من ان القانون الاميركي في منع التمويل الخارجي للحزب لا يمس به في اي شكل، الى ابعاد جديدة. وسيكون من الصعب جدا ان لم يكن من المستحيل الرهان على استمرار مقاربة الوضع اللبناني بالادوات او بالآليات نفسها المعتمدة حتى الان على مدى اكثر من سنتين من الفراغ الرئاسي من دون اخذ التطورات الجديدة في الاعتبار خصوصا في ظل هذا التحدي الصريح والعلني حول المرجعية الايرانية للحزب، وهو امر لم يكن مجهولا من احد لكن كانت ثمة حاجة الى ابقائه مضمرا. وهذه الحاجة التي زالت او فقدت اهميتها وبات ثمة ضرورة لكشف حيثياتها والحديث عنها جهرا ومن دون مواربة في ضوء وضع الاوراق مكشوفة على الطاولة ورغبة ايران في اعلان مواقع قوتها ونفوذها. فهذا التحدي الموجه مبدئيا ضد الولايات المتحدة وادارة الرئيس باراك اوباما الذي روج للاتفاق النووي مع ايران على ان هذا الاتفاق قد يساهم في جعل ايران اقل عدائية تجاه محيطها يفيد بانه وسط رفع الحظر عن الاموال الايرانية بما يساهم في تقوية ايران ونفوذها الاقليمي بمن فيهم الميليشيات الداعمة او الممتدة لايران في المنطقة ومن ابرزها "حزب الله"، فان واشنطن تعمد الى الضغط عبر لبنان على تمويله، الامر الذي يقول السيد نصرالله انه غير مجد. وليس واضحا ما قد تكون مفاعيل اعلان الامين العام للحزب لدى ابناء الطائفة الشيعية، الا ان لمواقفه انعكاسات على مستويات عدة. بداية ما يصب في خانة الحكومة اللبنانية الحالية او اي حكومة اخرى ازاء نزع اي ورقة من يد المسؤولين ازاء اي موقف عربي او خارجي من الحزب من خلال السقف الذي حدده السيد نصرالله اي ان لايران هذا الموقع والنفوذ الصريحين المسيطرين على الواقع اللبناني والذي يجب ان يتم التعاطي معهما على هذا الاساس. فورقة " المقاومة" باتت اكثر ضعفا من اي وقت مضى في يد لبنان الدولة في كل الاتجاهات في ضوء نسبة الحزب كينونته وهيكليته كليا الى ايران بحيث ان اي مواجهة محتملة مع اسرائيل ستثير اسئلة جدية من الان وصاعدا ما اذا كانت الحرب تخاض من اجل لبنان او من اجل ايران وهل يمكن اللبنانيين القبول بذلك.

وتثير مواقف الامين العام للحزب تحديا كبيرا امام اي مرشح للرئاسة الاولى ولا سيما في صفوف حلفائه او مرشحيه المفضلين. فاي مرشح محتمل سيكون مضطرا الى الاجابة عما طرحه السيد نصرالله من اشكالية لم تعد ملتبسة كما في السابق حول واقع الحزب خصوصا متى كانت هذه الاشكالية مثيرة للخلافات مع الجوار العربي في الدرجة الاولى كما مع الخارج. وقد يكون الكلام الذي قيل اكثر احراجا لمرشح الحزب العماد ميشال عون خصوصا متى ارفقت هذه المواقف باعلان صريح تناول الحرب التي قال السيد نصرالله انه يخوضها في العراق وسوريا فيما يستمر في خوض حملات اعلامية وسياسية شرسة على دول الخليج العربي. فما برز من آمال ارتفعت لدى التيار العوني بعد الانتخابات البلدية وارتفاع حظوظه في ضوء نتائجها يطيحها واقع يعود ويطل برأسه بين محطة واخرى وهو عدم امكان قبول ان يفرض الحزب مرشحه اي انه ممثل لمحور خارجي صريح تذوب امامه الاعتبارات الداخلية التفصيلية عن تمثيله لشارعه او ما شابه، من منطلق عدم امكان التسليم لايران بالبلد ما لم يكن ذلك عنوان حرب اهلية جديدة خصوصا متى كان رئيس الجمهورية عنوانا لغلبة سياسية او تتويجا لصراع سياسي اقليمي محتدم.

واحد جوانب الانعكاسات المباشرة او غير المباشرة انها تعطي شرعية لواقع مذهبي يواجه الاعتدال في الشارع السني من جهة ويتصل بضرورة مواجهة ايران في لبنان من جهة اخرى من زاوية عدم المساومة اطلاقا على السعي الى تدوير الزوايا. وهذا الجانب لا يمكن الاستهانة به وان كان يريح البعض انه يفجر الوضع بين اهل الصف السني وفق ما هو حاصل راهنا، لكنه قد يفتح الباب على رهانات تضع لبنان على شفير الحرب فيما هو لا يبدو بعيدا منها في الواقع على رغم كل الواقع المعاكس.

يقول مطلعون ان المواقف المعلنة للامين العام للحزب تندرج ضمن اطار وضع صعب اضطره الى الاستعانة ببعض مخزونه لمواجهته في ضوء ما يثقل عليه لجهة سقوط المزيد من عناصره في سوريا وان يكن مقابل اضعاف مضاعفة ممن يحاربهم هناك في ظل حجج بدأت تفقد وهجها ومبرراتها. فان يكون هناك الكثير من الأغراب الذين قال ان تركيا تفتح حدودها لهم لا يفترض ان عناصر الحزب في حلب التي تبعد 260 كيلومترا عن الحدود مع لبنان هم من اهل البيت السوري بما يبرر وجودهم هناك في الدرجة الاولى لمواجهة هؤلاء او مواجهة المعارضة السورية. وان يكون القانون الاميركي منتقصا للسيادة اللبنانية وهو بمعنى ما قد يكون كذلك اذ تتناول العمليات المالية المحظورة كل العملات بما فيها الليرة اللبنانية والعمليات التي مصدرها الدولة اللبنانية لا يعني ان ايران لا تنتقص هذه السيادة على نحو اكثر فداحة من خلال تمويل حزب وتسليحه على نحو ينقض اسس لبنان.